علماء روس يبتكرون طريقة لتحويل السكر إلى أصباغ مضيئة تساعد في تشخيص وعلاج السرطان
منوعات
علماء روس يبتكرون طريقة لتحويل السكر إلى أصباغ مضيئة تساعد في تشخيص وعلاج السرطان
25 تشرين الأول 2025 , 13:21 م

حقق فريق من الكيميائيين في جامعة الأورال الفيدرالية (UrFU) إنجازا علميا بارزا بعد تطوير طريقة جديدة لاستخلاص الأصباغ المضيئة من السكر والسليلوز، وهي مواد طبيعية متوفرة في حياتنا اليومية.

هذا الاكتشاف يفتح آفاقا جديدة في مجال تصنيع المواد الفلورية الحيوية (Fluorophores)، التي تُستخدم في التطبيقات الطبية الحديثة مثل تشخيص الأمراض وعلاج الأورام السرطانية.

من السكر إلى التقنية العالية

تقوم فكرة الاكتشاف على تحويل جزيئات الكربوهيدرات البسيطة — وهي نفسها المكونات التي تمنح رائحة الخبز الطازج أو حلاوة غزل البنات — إلى أصباغ فلورية حيوية صديقة للبيئة.

وخلال عدة مراحل من التفاعل الكيميائي، يتم إنتاج مركّبات تُعرف باسم 4-بيرونات (4-Pyrones)، وهي جزيئات تمتاز بخصائصها الفريدة في إصدار الضوء عند تنشيطها، وتشبه في بنيتها المواد الموجودة طبيعيا في نبات الشمندر السكري.

من الأبحاث إلى التطبيقات العملية

أوضح دميتري أوبيدينوف، الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء العضوية وعلم البوليمرات في جامعة الأورال، أن الفريق نجح في تصميم ما يقارب خمسين صبغة جديدة، بعضها اقترب من مرحلة الاستخدام التطبيقي الفعلي.

تمتاز هذه الأصباغ بأنها متوافقة حيويا وغير سامة، مما يجعلها مثالية للاستخدام في الأنظمة الطبية الحيوية الدقيقة.

مزايا اقتصادية وتقنية فريدة

تكمن ميزة المنهج الجديد في أنه يعتمد على مواد أولية رخيصة ومتجددة، مثل السكر والسليلوز، إضافة إلى استخدام طرق تصنيع بسيطة وفعالة اقتصاديا.

كما أن الأصباغ الناتجة تعتمد على ظاهرة AIE Effect (الانبعاث المعزز بالتجمع)، وهي خاصية تجعل الأصباغ تزداد سطوعا عند تجمع الجزيئات، في حين أن معظم الأصباغ التقليدية تفقد لمعانها في تلك الظروف.

خصائص مميزة تمهد لتطبيقات طبية ثورية

تتميّز الأصباغ المضيئة الجديدة بعدة خصائص استثنائية، من أبرزها:

ثبات ضوئي عالٍ يجعلها مقاومة للتلف بفعل الإضاءة.

قدرة على اختراق الأنسجة العميقة، ما يعزز دقتها في التطبيقات التشخيصية.

إمكانية ضبط شدة ولون الإشعاع الصادر حسب الحاجة الطبية.

هذه الخصائص تجعلها مناسبة لتقنيات النانوتشخيص والعلاج المدمج (Nanotheranostics)، وهو مجال يجمع بين تشخيص المرض وعلاجه في الوقت ذاته.

أمل جديد في علاج السرطان

من بين التطبيقات الواعدة لهذه الأصباغ استخدامها في العلاج الضوئي الديناميكي (Photodynamic Therapy)، وهي تقنية تعتمد على تحفيز الجزيئات المضيئة لإنتاج الأكسجين النشط الذي يدمر الخلايا السرطانية بشكل انتقائي دون الإضرار بالأنسجة السليمة.

وهذا التطور قد يمثل قفزة نوعية في طرق علاج الأورام بفعالية عالية وأعراض جانبية محدودة.

نحو كيمياء أكثر استدامة

يرى العلماء أن إنتاج هذه المواد من مصادر طبيعية متجددة — مثل السكر والنباتات الغنية بالسليلوز — يشكل نموذجا مثاليا لـ الكيمياء الخضراء المستدامة، التي تسعى إلى تقليل الأثر البيئي للمواد الصناعية دون التضحية بالأداء أو الكفاءة.

يمثل هذا الاكتشاف إنجازا علميا يجمع بين الابتكار البيئي والتقدم التكنولوجي، إذ يبرهن على إمكانية تحويل أبسط المواد اليومية، مثل السكر، إلى أدوات متطورة لإنقاذ الأرواح.

وبفضل هذه الأبحاث الرائدة، قد يصبح مستقبل الطب التشخيصي والعلاجي أكثر أمانا وفاعلية بفضل الأصباغ المضيئة القادمة من الطبيعة ذاتها.

المصدر: Science Mail