ابتكار مواد بتقنية ثلاثية الأبعاد قد تحدث ثورة في حماية السيارات من الصدمات
علوم و تكنولوجيا
ابتكار مواد بتقنية ثلاثية الأبعاد قد تحدث ثورة في حماية السيارات من الصدمات
26 تشرين الأول 2025 , 12:06 م

كشف فريق من الباحثين في جامعات اسكتلندية وإيطالية عن تطوير مادة جديدة مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد يمكنها تحسين مستوى حماية المركبات من الحوادث والصدمات.

تتميز هذه المادة بتصميم شبكي فريد يسمح لها بالالتواء والتكيف مع قوة ونوع الاصطدام، ما يجعلها قادرة على امتصاص الطاقة الناتجة عن التصادمات بمستويات مختلفة من الشدة.

ووفقا للدراسة التي نُشرت في مجلة Advanced Materials، فإن هذه المادة المبتكرة تمثل جيلا جديدا من المواد المتحولة القادرة على التكيّف ميكانيكيًا دون الحاجة إلى أنظمة إلكترونية أو هيدروليكية معقدة.

تقنية "الالتواء المتكيّف": ذكاء ميكانيكي بلا إلكترونيات

يقول الأستاذ شانموغام كومار من مدرسة جيمس واط للهندسة بجامعة غلاسكو:

"تُقدّم دراستنا مفهوما جديدا يُعرف بـ«المواد الفوقية الملتوية المتكيّفة» (Adaptive Twisting Metamaterials)، وهي مواد يمكنها التكيّف ميكانيكيا من خلال التحكم في الدوران، دون أي مكونات إلكترونية."

ويضيف: "عند تعريض هذه المادة لضغط ميكانيكي، تقوم شبكة الـ«جيرويد» بتحويل الضغط إلى حركة التواء، مما يسمح لنا بضبط قدرة امتصاص الطاقة حسب ظروف الاصطدام المختلفة."

بمعنى آخر، يمكن لهذه المواد أن تغيّر خصائصها تلقائيا للتعامل مع الاصطدامات العنيفة أو الخفيفة على حد سواء، مما يحدّ من الأضرار الهيكلية ويحسّن من أمان الركاب والمركبات.

هندسة معمارية دقيقة باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد

تم تصنيع المادة من الفولاذ باستخدام تقنية التصنيع بالإضافة (الطباعة ثلاثية الأبعاد)، مما أتاح للباحثين التحكم الدقيق في البنية الداخلية.

وتتخذ المادة شكل شبكة جيرويدية معقدة عالية المسامية، قادرة على تحويل الضغط إلى حركة لولبية تمتص الطاقة الميكانيكية.

وقد أظهرت التجارب أن المادة تمتص حتى 15.36 جولا من الطاقة لكل غرام واحد، عند منعها تمامًا من الالتواء، مما يجعلها أكثر صلابة وكفاءة في امتصاص الصدمات مقارنة بالمواد التقليدية المستخدمة حاليًا في السيارات.

تطبيقات مستقبلية في مجالات النقل والدفاع والطيران

يرى الباحثون أن هذه المواد قد تُحدث تحولا كبيرا في صناعات السيارات والطيران والسكك الحديدية والدفاع، إذ توفر حماية تكيفية متقدمة ضمن أنظمة السلامة.

كما يمكن استخدامها مستقبلا في تخزين الطاقة الحركية الناتجة عن التصادمات، أي تحويلها إلى طاقة دورانية قابلة للاستفادة في أنظمة أخرى.

دقة علمية مدعومة بالنمذجة الحاسوبية

اعتمد الباحثون في دراستهم على إطار تنبؤي متعدد المقاييس يجمع بين ميكانيكا الأوساط المستمرة (Cosserat Continuum) والنمذجة بالعناصر المحدودة (Finite Element Modeling)، إلى جانب التجارب المعملية الواقعية.

ولضمان الدقة، استخدم الفريق تقنيات التصوير المقطعي ثلاثي الأبعاد (Micro-CT) لرصد أي عيوب هندسية ناتجة عن عملية الطباعة، ما ساعد في تحسين النموذج الحسابي ومطابقته مع النتائج التجريبية.

يشير هذا الاكتشاف إلى جيل جديد من المواد الذكية القادرة على حماية السيارات والطائرات بفعالية غير مسبوقة، من خلال استجابة ميكانيكية ذاتية للتصادمات، وبنية هندسية مطبوعة بدقة متناهية.

إنها خطوة كبيرة نحو تصميم مركبات أكثر أمانا واستدامةً في المستقبل القريب.

المصدر: Advanced Materials