كتب م. حيان نيوف.. الحرب في إقليم تيغراي الأثيوبي وازمة سد النهضة
مقالات
كتب م. حيان نيوف.. الحرب في إقليم تيغراي الأثيوبي وازمة سد النهضة
م. حيان نيوف
16 تشرين الثاني 2020 , 16:16 م
  في الوقت الذي تبدو فيه للوهلة الاولى ان الحرب الجديدة بين الحكومة الاثيوبية واقليم تيغراي تصبّ في مصلحة ( مصر و السودان ) فيما يخصّ الخلاف مع اثيوبيا حول سدّ النهضة ، فإن قراءة الحدث بأبعاده الصح

 

في الوقت الذي تبدو فيه للوهلة الاولى ان الحرب الجديدة بين الحكومة الاثيوبية واقليم تيغراي تصبّ في مصلحة ( مصر و السودان ) فيما يخصّ الخلاف مع اثيوبيا حول سدّ النهضة ، فإن قراءة الحدث بأبعاده الصحيحة يوحي بعكس ذلك ..

فبالاضافة لكون المعارك تجري في مناطق تتضمن بعض السدود الاخرى في اقليم تيغراي والتي قد يؤدي انهيارها بفعل المعارك الى اغراق مساحات واسعة من السودان ، فإن الحرب مرشحة للانتقال الى ولاية امهرة وولاية بني شنقول  ( بني شنقول : هو اقليم سوداني بالاصل سبق ان ضمته اثيوبيا لها واقامت فيه سد النهضة ) ..

هذا الامر سيجعل من سد النهضة وبقية السدود أسيرة للمعارك الطاحنة التي قد تدور في الشمال والشمال الغربي الاثيوبي على الحدود مع السودان ، ومن سخرية القدر ان تكون ( مصر والسودان ) مضطرتين لحماية السدود الاثيوبية وعلى الاخص سد النهضة الذي لطالما شكل بناؤه ومازال خطرا على كلتا الدولتين العربيتين اللتين يشكل النيل مصدر الدخل والغذاء الأساسي لهما..

إن تصوّر ذلك يجعلنا نتساءل عن الخلفيات والجهات التي تقف خلف الصراع المستجد القائم حاليا في اقليم تيغراي والذي على ما يبدو لن ينته قريبا ..

هذا الصراع الذي بدات اثيوبيا باستغلاله وسارعت لطلب تاجيل لجلسات المفاوضات الخاصة بسد النهضة الى حين توقف الاضطرابات والمعارك او الى نهاية العام على الاقل ، ما يعني ان اثيوبيا ستكون قريبة من موعد الملئ الثاني للسد ومن موعد تشغيل عنفات توليد الكهرباء التي تم تركيبها على السد والمقرر البدء بتشغيلها في نهاية شهر شباط القادم ..

من الواضح ان من قرر إشعال هذا الصراع الجديد يعلم جيدا تاثيراته وانعكاساته وما يمكن ان ينتج عنه ، فالملأة الاولى للسد أضعفت خيارات العرب ( مصر و السودان ) التفاوضية وسحبت ورقة تفجيره من ايديهم ، بل ان الحفاظ عليه صار ضرورة لهم ، بل اكثر من ذلك ، فقد بات الحفاظ على ( آبي احمد ) رئيس الوزراء الاثيوبي في منصبه مهما ايضا لهم ، فسقوطه من المرجح ان ياتي بشخصية جديدة ستكون مضطرة للتشدد في قضية السد للحصول على الشعبية اللازمة في بلد تكثر فيه العرقيات والاثنيات ..

من اللافت ايضا ان اسرائيل ارسلت طائرات بدون طيار لأثيوبيا تزامنا مع انطلاقة المعارك هناك ، وكذلك قيام اريترية ( حليفة اسرائيل وحليفة اثيوبيا) بالدخول على خط المعارك منذ البداية ، في مشهد يبدو مخططا له مسبقا من قبل ( اثيوبيا و اريترية واسرائيل ) والهدف والغاية واحدة ، وهي تعطيل المفاوضات حول السد ، وتصويره كخطر يجب حمايته في ظل ما يجري ..

مما لا شك فيه ان السد تحول الى ازمة حقيقة من الصعوبة حلّها بفعل الاخطاء الاستراتيجية التي وقعت بها مصر منذ بداية الازمة ، وتجاهلها للدور الاسرائيلي في منطقة منابع النيل والقرن الافريقي ...

م.حيان نيوف

المصدر: موقع اضاءات الاخباري