رغم انتشار فقدان السمع بين كبار السن، لا يزال يُعدّ من الحالات التي لا تُعالج بالشكل الكافي.
تشير التقديرات الفيدرالية إلى أن ضعف السمع يصيب نحو واحدا من كل خمسة أشخاص بين سن 65 و74 عاما، وأكثر من نصف الأشخاص فوق 75 عاما.
يقول الدكتور كاميرون ويك، اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة في مستشفيات جامعة كليفلاند: "آليات الأذن الداخلية لم تُصمم لتدوم مدى الحياة."
فقدان السمع لا يؤثر فقط على التواصل، بل يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب والعزلة الاجتماعية وتراجع الإدراك العقلي، ومع ذلك فإن أقل من ثلث من تزيد أعمارهم على 70 عاما ممن يمكنهم الاستفادة من السماعات الطبية يستخدمونها فعليا.
زراعة القوقعة: عندما لا تكفي السماعات الطبية
يؤكد الدكتور ويك أن المرضى الذين لا توفر لهم السماعات وضوحا كافيا في السمع يجب أن يطلبوا تقييما لإمكانية زراعة القوقعة.
منذ 25 عاما، كان زراعة القوقعة لمن تجاوزوا 80 عاما تُعتبر نادرة، لكن اليوم أصبحت إجراءً روتينيا.
تشير دراسة نُشرت عام 2023 في مجلة Otology & Neurotology إلى أن معدلات الزراعة ترتفع بين المرضى فوق سن 80 عاما أكثر من أي فئة عمرية أخرى.
تفاصيل العملية والنتائج المتوقعة
زراعة القوقعة تتطلب التزاما من المريض، لكنها عادةً ما تُجرى في العيادات الخارجية وتستغرق من ساعتين إلى ثلاث ساعات.
يقوم الجراح بزراعة جهاز استقبال داخلي تحت فروة الرأس مع أقطاب كهربائية تصل إلى العصب السمعي، بينما يرتدي المريض معالجا صوتيا خارجيا خلف الأذن.
بعد أسبوعين أو ثلاثة، يتم تفعيل الجهاز، لكن الأصوات في البداية قد تبدو "روبوتية" أو "ميكانيكية". يحتاج الدماغ إلى أسابيع من التكيف لاستعادة التفسير السليم للأصوات.
تطور السمع بعد الزراعة
وفقا للدكتور ويك: "في غضون شهر إلى ثلاثة أشهر، يبدأ الدماغ بالتأقلم فجأة، وتتحسن وضوح الكلمات بشكل كبير."
وبحلول ستة أشهر، يحقق معظم المرضى كبار السن أعلى مستويات الفهم السمعي، مع استمرار التحسن التدريجي على مدى عام كامل.
في جامعة نورث وسترن، أشارت الاختبارات إلى أن المرضى بعد عام من التفعيل يمكنهم تمييز 60–70٪ من الجمل بشكل صحيح، وهي نسبة تعادل تقريبا أداء البالغين الأصغر سنا.
تحسين جودة الحياة والإدراك
دراسة أجرتها جامعة جونز هوبكنز عام 2023 على أكثر من 1100 مريض أظهرت أن القدرة على التعرف على الكلمات تحسنت بمعدل 50 كلمة إضافية من أصل 100 بعد الزراعة، مع نتائج مماثلة بين من تجاوزوا الثمانين.
كما بيّنت دراسة أخرى أن درجات الإدراك العقلي تحسنت بشكل ملحوظ بعد ستة أشهر من استخدام القوقعة، إذ ارتفعت نسبة الناجحين في اختبارات الذاكرة من 36٪ إلى 54٪.
تحديات وتوقعات
رغم النتائج الإيجابية، يحذر الأطباء من المبالغة في الوعود. فكلما طالت مدة فقدان السمع قبل الزراعة، قلّ التحسن المتوقع.
قد يعاني بعض المرضى من دوار أو غثيان مؤقت بعد الجراحة، أو من صعوبات في استخدام التطبيقات التقنية لضبط الجهاز. كما أن القوقعة تركز على تحسين وضوح الكلام أكثر من جودة الموسيقى.
وفي النهاية، كما يوضح الدكتور ويك:
"ليس كل من يستوفي الشروط مؤهلاً نفسيا أو جسديا للاستفادة القصوى من الزراعة، لكن لمن يعانون فقدانا شديدا في السمع، فإنها تمنحهم حياة جديدة بالكامل."