تمكن فريق من الباحثين في جامعة ساراتوف التقنية الحكومية باسم غاغارين (SGTU) من تطوير مادة نانوية خاصة لتغليف صمامات القلب الاصطناعية، بهدف زيادة متانتها وتحسين مقاومتها للتآكل والتلف الناتج عن الاستخدام الطويل.
وذكرت الجامعة في بيانها الصحفي لوكالة تاس الروسية أن هذا الابتكار يمثل خطوة مهمة في تحسين أداء وجودة الصمامات الحيوية، التي تعتبر من أكثر الأجهزة الطبية حساسية وحاجة إلى التطوير المستمر.
كيف تعمل المادة الجديدة؟
توضح نتائج البحث أن المادة الجديدة ساهمت في زيادة مقاومة التآكل والصلادة الميكروية مقارنة بالعينات التقليدية المصنوعة من مواد مثل УСБ-15 وY-TZP، وهما من أكثر المواد استخدامًا في تصنيع الصمامات الاصطناعية.
كما أظهرت الدراسة أن السطح المغلف بالمادة المبتكرة أصبح أكثر قدرة على صدّ السوائل وتقليل الاحتكاك، مما يقلل احتمالية التآكل الناتج عن تدفق الدم المستمر داخل الصمام.
التركيب النانوي للمادة
يعتمد الابتكار الجديد على مزيج نانوي من ثاني أكسيد السيليكون (SiO₂) وأكسيد الكروم (Cr₂O₃).
وقد أثبتت التجارب أن أفضل أداء لهذه الطبقة يتم عند سماكات تتراوح بين 140 و360 نانومترا، مع جسيمات متناهية الصغر يبلغ حجمها نحو 60 نانومترا فقط.
تتميز هذه الطبقات بسطح ناعم للغاية وانخفاض في المسامية المفتوحة، مما يجعلها أكثر مقاومة للإجهادات الميكانيكية والبيئية. كما تمتاز بصلادة عالية تضمن طول عمر الصمام حتى بعد ملايين الدورات من الفتح والإغلاق.
أهمية الابتكار في جراحة القلب
تُعد صمامات القلب الاصطناعية من أكثر الأجهزة التي تتعرض للإجهاد الميكانيكي داخل جسم الإنسان، إذ تعمل دون توقف على مدار الساعة لتحريك الدم عبر القلب.
ويبلغ متوسط عمر الصمامات الحالية بين 25 و30 عاما، إلا أن الباحثين الروس يسعون إلى تجاوز هذا الحد الزمني عبر تطوير مواد أكثر مقاومة للتآكل والاهتراء.
ويؤكد الخبراء أن استخدام هذه المادة الجديدة سيتيح إنتاج صمامات تدوم لعقود إضافية، مما يقلل الحاجة إلى عمليات استبدال متكررة، ويزيد من جودة حياة المرضى خاصة في الأعمار الصغيرة.
الفريق البحثي وراء الابتكار
قُدّمت هذه الدراسة ضمن البرنامج العلمي الرئيسي لقسم علوم المواد والهندسة الطبية الحيوية في معهد الهندسة الميكانيكية وعلوم المواد والنقل بجامعة ساراتوف التقنية.
قاد البحث الدكتور ألكسندر فومين، أستاذ الهندسة التقنية ورئيس القسم، بمشاركة البروفيسور سيرغي بيتشخيدزه والباحث رومان نيبوجاتيكوف، طالب الدكتوراه في تخصص البيوميكانيكا والهندسة الحيوية.
ونُشرت النتائج التفصيلية للبحث في المجلة العلمية الدولية Ceramics International التابعة لدار النشر Elsevier، المصنفة ضمن الربع الأول (Q1) في تصنيف الدوريات العلمية المرموقة.
آفاق المستقبل
يؤكد العلماء أن هذا الابتكار يفتح المجال أمام جيل جديد من المواد الطبية النانوية، التي يمكن استخدامها ليس فقط في صمامات القلب، بل أيضًا في الأطراف الصناعية، وزرعات العظام، والأجهزة الحيوية الدقيقة.
كما يمثل التعاون بين مجالات علم المواد والهندسة الطبية الحيوية نموذجًا مثاليًا لكيفية تسخير التقنيات الحديثة لتحسين حياة الإنسان وزيادة موثوقية الأجهزة المزروعة داخل الجسم.
ابتكار جامعة ساراتوف الروسية لا يقتصر على تحسين مادة صناعية، بل يمثل تحولًا نوعيًا في مستقبل الأجهزة الطبية المزروعة.
إن تطوير طبقة نانوية متقدمة قادرة على حماية صمامات القلب من التآكل ورفع أدائها يمثل خطوة مهمة نحو عصر جديد من الطب الحيوي الدقيق، حيث يمتزج الذكاء العلمي بالتقنية النانوية لخدمة حياة الإنسان.