ابتكار نموذج بيولوجي لاختبار الأدوية الجديدة
منوعات
ابتكار نموذج بيولوجي لاختبار الأدوية الجديدة
31 تشرين الأول 2025 , 13:12 م

كشف علماء من جامعة موسكو الحكومية (MSU) عن تقنية بيولوجية جديدة يمكن أن تحدث ثورة في عالم تطوير الأدوية.

اقترح الفريق البحثي استخدام كائنات دقيقة تُعرف باسم البراميسيوم (Paramecium caudatum) لاختبار فعالية وتأثير المركبات الدوائية في المراحل الأولى من التطوير، لتكون بديلا آمنا واقتصاديا عن التجارب على الحيوانات والخلايا المزروعة.

حل جذري لمشكلة التكلفة والوقت في تطوير الأدوية

تطوير دواء جديد عملية معقدة وطويلة ومكلفة، إذ تتطلب استثمار مئات الملايين من الدولارات وسنوات من التجارب.

وأحد أكثر المراحل تكلفة هو الاختبار الأولي للمركبات الكيميائية، حيث يتم تحديد المواد الواعدة التي يمكن أن تتحول لاحقا إلى أدوية فعالة.

عادةً ما تُجرى هذه الاختبارات على خلايا بشرية مزروعة أو على حيوانات مخبرية، مما يستلزم تجهيزات معقدة وتكاليف عالية، إضافة إلى الجدل الأخلاقي المتعلق باستخدام الكائنات الحية في الأبحاث.

لكن نموذج جامعة موسكو الجديد يعد حلاً ذكياً وأخلاقياً واقتصاديا لهذه المشكلة.

الكائنات الدقيقة تتحول إلى مجسات حية

أوضح الباحثون أن البراميسيوم، وهي كائنات وحيدة الخلية تعيش في المياه العذبة، تُظهر استجابة فورية وواضحة للمواد الكيميائية.

فعند إدخال مركب دوائي جديد في بيئتها، يمكن ملاحظة تغيرات في سرعة حركتها واتجاهها ونشاطها العام.

هذه التغيرات تُقاس وتُحلل باستخدام تقنيات تصوير دقيقة، مما يسمح بتحويل الكائنات الدقيقة إلى مستشعرات حية (Bio-sensors) يمكنها التفاعل مع الأدوية بشكل مشابه لتفاعل الخلايا الحيوانية.

يقول الباحثون إن هذه الطريقة البسيطة والمستدامة قادرة على توفير نتائج أولية دقيقة وسريعة تساعد في تسريع اختيار المركبات الدوائية الواعدة.

تطبيقات علمية وطبية واعدة

في تجاربهم، اختبر العلماء تأثير مواد تؤثر على مستقبلات الأدرينالين – وهي مكونات أساسية في تنظيم عمل القلب والأوعية الدموية والجهاز العصبي.

وتبين أن استجابات البراميسيوم كانت متقاربة جدا مع استجابات أنسجة الثدييات، ما يجعلها نموذجا مثاليا لدراسة تأثير الأدوية القلبية والعصبية في المراحل الأولى من التطوير.

هذا الاكتشاف يعني أن الكائنات الدقيقة قد تصبح أداة فعالة لتقليل استخدام الحيوانات في البحوث الدوائية، دون الإخلال بدقة النتائج أو موثوقيتها.

فرص جديدة في التعليم والبحث العلمي

لا تقتصر فائدة النظام الجديد على المختبرات الدوائية فحسب، بل يمتد ليشمل المجال الأكاديمي والتعليمي.

فيمكن للطلاب والباحثين دراسة تأثير المواد الكيميائية على الكائنات الحية بطرق آمنة وأخلاقية دون انتهاك مبادئ الرفق بالحيوان أو القوانين البيولوجية الصارمة.

النموذج الجديد يتيح أيضا فرصة لتعليم أساسيات علم السموم والدواء بطريقة عملية وميسرة، باستخدام أدوات بسيطة وكائنات حية متوفرة.

نحو مستقبل أكثر استدامة في علم الدواء

من خلال هذا الابتكار، يقدم علماء جامعة موسكو مثالاً حيا على دمج التكنولوجيا الحيوية بعلم الأخلاق في تطوير الدواء، مما قد يؤدي إلى تخفيض كبير في التكاليف وتسريع عملية اكتشاف الأدوية الجديدة.

كما أن استخدام الكائنات الدقيقة كبديل للحيوانات في التجارب يمثل خطوة مهمة نحو تطوير علوم أكثر إنسانية واستدامة، تجمع بين التقدم العلمي والوعي البيئي والأخلاقي.

نموذج البراميسيوم الذي قدمه باحثو جامعة موسكو يمثل ثورة حقيقية في علم اختبار الأدوية، فهو سريع، رخيص، دقيق، وأخلاقي.

ومن المرجح أن تعتمد مختبرات العالم هذه التقنية في المستقبل القريب كوسيلة لتقليل الاعتماد على التجارب الحيوانية وتسريع إنتاج الأدوية المنقذة للحياة.

المصدر: Наука Mail