بقلم: الإعلامية اليمنية بدور الديلمي
في حياة الأمم محطات تصنع التاريخ، وفي مسيرة الشعوب رجالٌ تتجسد فيهم معاني الإيمان والعظمة، رجالٌ لا يموتون حين تُزهق أرواحهم، بل يبدؤون من حيث تنتهي أجسادهم. ومن أولئك العظماء الذين كتبوا بدمهم فصول الوعي والكرامة، يسطع اسم الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (1959–2004م)، مؤسس المسيرة القرآنية وقائد الثورة الفكرية والجهادية في اليمن.
لقد أدرك الشهيد القائد مبكرًا أن معركة الأمة ليست معركة حدودٍ وجغرافيا فحسب، بل معركة وعيٍ وهُويةٍ وإيمان، فواجه المشروع الأمريكي–الإسرائيلي بعقيدة قرآنية صلبة، وصرخةٍ هزّت جدران الصمت والهيمنة، لتعلن بداية مرحلة جديدة من الوعي المقاوم.
رفع شعاره الشهير:
> «الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام»
ليعبّر به عن موقف الأمة الحرة الرافضة للطغيان والاستكبار، لا عن شعارٍ يُردّد، بل عن مبدأٍ يُعاش ويُجسَّد في الميدان.
? شهادة بحجم القضية
حين استُشهد السيد حسين في جبال مران عام 2004م بعد معركة غير متكافئة، لم يكن سقوطًا، بل ولادةً جديدة لمشروعٍ عظيم.
فقد تحوّل استشهاده إلى شرارةٍ أنارت دروب الأحرار، وأحيت في اليمن روح الجهاد والوعي، لتصبح دمه الطاهر بذرةً أنبتت رجالًا يقفون اليوم في وجه قوى الغطرسة والاستعمار.
لم تكن شهادته نهاية لمسيرة، بل بداية عهدٍ جديد أرسى معادلةً إيمانية خالدة:
> «البصيرة قبل السلاح، والإيمان قبل النصر».
تجلّت عظمة شهادته في أنه اختار طريق الحقّ وهو يدرك أن ثمنه الدم، فانتصر بفكره قبل أن ينتصر بسلاحه، ورسم للأمة طريقًا يختصر معاني الصمود والإباء.
? إرث لا يموت
بعد أكثر من عقدين على استشهاده، لا يزال فكره حاضرًا في وجدان الأمة، يوجّه الأجيال، ويزرع فيهم روح التحرر من كل أشكال التبعية.
لقد أثبت الشهيد القائد أن الوعي هو السلاح الأول في مواجهة الهيمنة، وأن الدم الزكي الذي يُسفك في سبيل الله يخلق أمةً لا تُهزم.
إنه قائدٌ بحجم السماء، وقضيةٌ بحجم القدس، وواحدٌ من أولئك الذين غيّروا مجرى التاريخ لا بالسلطة ولا بالمال، بل بالإيمان الصادق والفكر المستنير.
تبقى شهادته صفحةً ناصعة في تاريخ اليمن والأمة، ودليلًا على أن الحق حين يُروى بالدم، يزهر نصرًا، مهما طال ليل الطغاة.
---
✒️ بقلم:
الإعلامية اليمنية بدور الديلمي
صحفية وباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية