أداة جراحية جديدة قادرة على التشخيص الفوري داخل غرفة العمليات
علوم و تكنولوجيا
أداة جراحية جديدة قادرة على التشخيص الفوري داخل غرفة العمليات
1 تشرين الثاني 2025 , 11:55 ص

تخيل جراحا وسط عملية معقدة، يتمكن من الحصول على تحليل كيميائي فوري دون الحاجة إلى إرسال العينات إلى المختبر! هذا الحلم أصبح أقرب إلى الواقع بفضل فريق من الباحثين في جامعة الكيمياء والتكنولوجيا في براغ (University of Chemistry and Technology Prague)، بقيادة البروفيسور زدينيك سوفر (Zdeněk Sofer)، الذين كشفوا عن مفهوم مبتكر أطلقوا عليه اسم "مختبر على مشرط" (Lab-on-a-Scalpel).

هذا الابتكار نُشر في مجلة Analytical Chemistry العلمية المرموقة، ويُعد خطوة جريئة نحو تحويل الأدوات الجراحية إلى أجهزة تشخيصية فورية داخل غرفة العمليات.

ابتكار يجمع بين الجراحة والتحليل الكيميائي

تواجه الجراحة الحديثة تحديا كبيرا يتمثل في الوقت الذي يستغرقه تحليل العينات في المختبر، بينما تتغير المؤشرات الحيوية للمريض بسرعة أثناء العملية. هنا يأتي دور "المشرط الذكي"، المزود بحساس تشخيصي مدمج قادر على تحليل السوائل الحيوية لحظيا.

طوّر الفريق حساسا كيميائيا كهربائيا قابلا للاستخدام لمرة واحدة، صغير الحجم ومطبوعا بالكامل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، ومُدمجا في مقبض مشرط جراحي تقليدي. استخدم الباحثون خيطا خاصا يجمع بين حمض البولي لاكتيك (PLA) —وهو بلاستيك حيوي— ومواد نانوية كربونية موصلة، مما سمح للمشرط بإجراء تحليل كيميائي كهربائي معقد بدقة عالية.

اختبارات دقيقة على هرمون الأدرينالين

لاختبار فعالية الابتكار، استخدم العلماء المشرط للكشف عن هرمون الأدرينالين (الإبينفرين)، وهو مؤشر حيوي حاسم يُستخدم عادة أثناء الجراحة. أظهر الحساس أداءً مذهلاً، إذ استطاع اكتشاف تركيزات منخفضة تصل إلى 130 نانومولار (nM) باستخدام قطرة واحدة فقط بحجم 50 ميكرولتر، وهي ميزة مهمة جدا عند التعامل مع كميات محدودة من السوائل الحيوية.

كما أظهرت التجارب على عينات دم اصطناعية دقة عالية تراوحت بين 91% و105%. والأكثر إثارة للإعجاب أن تكلفة إنتاج كل حساس لا تتجاوز 0.40 يورو فقط، مما يجعل التقنية عملية، ومعقولة التكلفة، وقابلة للتطبيق في البيئات المعقمة.

منصة تشخيص لحظي داخل غرفة العمليات

يُعد "مختبر على مشرط" أكثر من مجرد أداة مبتكرة، فهو يمثل تحولا جذريا نحو التشخيص اللحظي المباشر (Point-of-Care Diagnostics) داخل غرف العمليات، مما يُمكّن الأطباء من اتخاذ قرارات فورية دون انتظار نتائج المختبر.

يقول البروفيسور سوفر:

"أثناء العمليات الحرجة، لا تملك رفاهية انتظار تقرير المختبر. هدفنا كان تصميم أداة متعددة الوظائف تقلل من عدد الأجهزة وتزيد من المعلومات الحيوية المتاحة للجراح لحظة بلحظة."

مستقبل الجراحة الذكية

يفتح هذا الابتكار الباب أمام جيل جديد من الأدوات الجراحية الذكية، إذ يمكن تطوير التقنية مستقبلا لرصد الأيونات، ومستويات الأس الهيدروجيني (pH)، والمواد الأيضية مباشرة من الأنسجة أثناء الجراحة، مما يعزز دقة القرار الجراحي في عمليات الأورام والطوارئ حيث تكون الثواني حاسمة.

كما يُتوقع أن تُدمج التقنية مع أنظمة الجراحة الروبوتية، لتعمل الروبوتات بشكل متفاعل مع المؤشرات الحيوية الحية للمريض، مما يمهد الطريق لعصر "البيئة الجراحية الذكية".

المصدر: Analytical Chemistry