كتب الأستاذ محمد النوباني
بداية لا بد من الإشارة إلى حقيقة مهمة وهي ان إنتخاب المرشح الإشتراكي الديموقراطي المسلم المناصر لغزة وفلسطين والمنحاز لمهمشي وفقراء امريكا زهران ممداني رئيسا لبلدية نيويورك وتصويت قرابة ٣٠ % من يهود المدينة لصالحه رغم انه اعلن سابقا وبوضوح لا لبس فيه بأنه سوف يلقي القبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويسلمه لمحكمة الجنايات الدولية في حال وطأت قدماه ارض مدينة نيويورك ،رغم كل الضغوط التي مارسها الرئيس الامريكي العنصري دونالد ترامب وصهاينة أمريكا و العالم لمنع إنتخابه، هو إنتصار لمظلومية غزة ولمظلومية فقراء امريكا من جهة وحدث استراتيجي مفصلي في التاريخ الامريكي والعالمي سيكون له ما بعده من جهة ثانية.
فلأول مرة في التاريخ الأمريكي تغرد نيويورك التي تعتبر اكبر واهم مدينة في أمريكا وعاصمتها وعاصمة العالم الإقتصادية والمالية والتي يتواجد فيها تمثال الحرية و مقر الامم المتحدة خارج السرب الإمبريالي الامريكي التقليدي وتتمرد عليه.
وإن كان هذا التمرد في جانب منه يعكس حقيقة مهمة جدا وهي أن أمريكا تتحرر من النفوذ الصهيوني وتتمرد عليه فهو من الجانب الآخر يؤكد بأن سياسات ترامب الإقتصادية الغبية وما نجم عنها من إغلاق للحكومة ومن تبذير اموال طائلة في خدمة المجهود الحربي الإسرائيلي قد افقرت غالبية الشعب الامريكي واقنعته بأن لا حل لمشاكله إلا بتغيير السياسات والوجوه المستهلكة من خلال صندوق الإقتراع.
ولأن لنيويورك كما اسلفنا لها اهمية عالمية كبرى إضافة لأهميتها على الصعيد الامريكي فإن ما حصل فيها من تغيير ستكون له تداعيات كبرى ايضا على المستوى العالمي لأن تأثيراته ستنتقل إلى بلدان الغرب الراسمالي وتؤدي إلى حدوث شيئ مشابه لما حدث في نيويورك
وكخلاصة فإن الشيئ المؤكد بأن فوز ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك إما ان يكون مقدمة لتغيير جوهري حقيقي يطال مستقبلا بنية النظام السياسي الامريكي برمته ويؤدي إلى إصلاحه او بداية لشرخ هائل يؤدي إلى تفكك بنية ذلك النظام وإنقسام الولايات المتحدة الامريكية إلى ٥٠ ولاية كما تفكك الإتحاد السوفياتي السابق.
الإحتمال الثاني هو الأرجح في حال قرر الرئيس الامريكي دونالد ترامب تنفيذ تهديداته بخوض صراع مفتوح مع ولاية نيويورك بما في ذلك وقف الدعم الفيدرالي للولاية في حال فوز ممداني.
فترامب وهذا هو الأرجح قد يكون ميخائيل جورباتشوف امريكا وآخر رؤسائها.
