العلماء يحددون العلامات الحيوية للوسواس القهري
دراسات و أبحاث
العلماء يحددون العلامات الحيوية للوسواس القهري
9 تشرين الثاني 2025 , 13:07 م

أعلن فريق من جامعة أمستردام الطبية (UMC) عن اكتشافهم أول مؤشرات بيولوجية محددة لاضطراب الوسواس القهري (OCD) داخل الدماغ.

نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Nature Mental Health (NMH) المرموقة، ووصفت بأنها خطوة علمية مهمة نحو فهم أعمق لأسباب هذا الاضطراب العقلي المعقد.

ما هو الوسواس القهري؟

الوسواس القهري هو اضطراب نفسي يتميز بوجود أفكار ملحّة ومتكرّرة (وساوس) تدفع الشخص إلى القيام بسلوكيات قهرية، مثل الغسل المتكرر لليدين أو الخوف المفرط من التلوث.

وقد أظهرت الأبحاث أن السبب الجذري يكمن في خلل في الاتصال العصبي بين القشرة الدماغية والجسم المخطط والمهاد — وهو ما يُعرف بـ«دائرة CSTC» المسؤولة عن التحكم في الدوافع والسلوك الحركي.

تحفيز الدماغ العميق علاج فعّال ولكن محدود

في الحالات الشديدة، يلجأ الأطباء إلى علاج يُعرف باسم التحفيز العميق للدماغ (DBS)، حيث تُزرع أقطاب كهربائية داخل مناطق محددة من الدماغ لإرسال نبضات كهربائية تقلل الأعراض.

لكن الدراسة تشير إلى أن 30٪ من المرضى لا يستجيبون لهذا العلاج، وأن تحديد إعدادات التحفيز المثلى قد يستغرق عدة أشهر من التجارب الدقيقة.

قراءة نشاط الدماغ في لحظة الوسواس

ولفهم جذور الوسواس القهري بشكل أدق، استخدم الباحثون الأقطاب المزروعة ليس للتحفيز، بل لتسجيل النشاط العصبي في الوقت الفعلي.

طُلب من المرضى تعمّد إثارة أفكارهم الوسواسية، مثل لمس أرضية متسخة دون غسل أيديهم فورا، بينما كان العلماء يسجلون الإشارات الكهربائية العميقة داخل الدماغ.

وقالت تارا أرْباب، الباحثة الرئيسية في الدراسة: "تميز دراستنا بأنها تمكنت من قياس نشاط البنى الدماغية العميقة بدقة زمانية ومكانية عالية جدا، وهو أمر لا يمكن تحقيقه عبر تقنيات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أو تخطيط أمواج الدماغ."

أنماط موجية تكشف سر الوسواس القهري

أظهر تحليل البيانات أن موجات ألفا ودلتا في الدماغ تكون أكثر نشاطًا أثناء السلوكيات القهرية، ما يشير إلى ارتباط مباشر بين هذه الأنماط العصبية وأعراض الوسواس القهري.

وتؤكد أرْباب: "نادرًا ما نتمكن في الطب النفسي من ربط الأعراض مباشرة بنشاط دماغي محدد، لكن نتائجنا تثبت أن ذلك ممكن بالفعل."

نحو علاج ذكي بالتحفيز الدماغي الموجّه

يأمل الباحثون أن يتيح هذا الاكتشاف تطوير أنظمة تحفيز دماغي "ذكية" تعمل فقط عندما ترصد النشاط المرضي في الدماغ، بدلاً من التحفيز المستمر.

هذا التحول سيسمح بعلاج أكثر دقة واستجابة، ويقلل من الآثار الجانبية، ويُسرّع من ضبط معايير العلاج لكل مريض على حدة.

كما يتوقع الفريق أنه في المستقبل القريب سيكون بالإمكان إنشاء خرائط فردية للمؤشرات الحيوية العصبية لكل شكل من أشكال الوسواس القهري.

المصدر: موقع Gazeta.ru