عبد الحميد كناكري خوجة: كفاح النجاح...لنجاح الكفاح.
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: كفاح النجاح...لنجاح الكفاح.
عبد الحميد كناكري خوجة|كاتب من سورية
12 تشرين الثاني 2025 , 20:52 م


حين تتلاقى العزيمة مع الحقيقة، يولد النجاح من رحم الكفاح، ويسطر التاريخ مجدا لمن يقف شامخا في وجه الظلم، لايركن إلى الصمت، ولايساوم على القيم، ولايهادن الطغيان، في هذه اللحظة المفصلية، تتكشف خطوط المقاومة الفلسطينية الهادفة إلى التحرر من رجس المغتصب. وتتبدد أوهام حكام تل أبيب الشيطانية. بينما يبرز أمامنا وجه بعض أنظمة الأبراج الزجاجية الموصوفين بالنفاق. الذين استسلموا لثقل الخديعة والإنبطاح. هنا يتجلى الأعلام الحر كجسر يربط الحقيقة بالقلب، ويثبت أن كفاح النجاح هو حق مشروع، وأن نجاح الكفاح هو مرآة الصدق الناطق في ميادين الحق. و سيميولوجيا الإرادة التي لاتركع أو تنحني.

الكفاح الفلسطيني المشروع والعادل وصمود مقاتليه البطولي في وجه الرياح العاتية، لم يكن مجرد رد فعل على العدوان، بل ميتافيزيقيا حرة، صوت الحق الهادر الذي أحبط مخططات الطاغوت الغاصب، وكشف زيفه المتربص. والإعلام المقاوم، كأداة إستراتيجية، يزيل الضباب عن وجوه الحقيقة، وكشف الخيانة، محققا مايمكن وصفه براديكالية الوعي التي تهز عروش المستكبرين، وتفضح خداع التطبيع والإنبطاح، وتبرهن أن الحقيقة لا تسقط مهما علت الأوهام. وفي عاصمة الياسمين الأقدم في التاريخ تتجلى دعوات الوحدة المسيحية_ الإسلامية كرمز لسيميولوجيا الإنتصار على الفتنة، داعية أبناء الوطن الواحد بكافة مكوناته إلى رفض الهيمنة والتوسع والتوغل الصهيوني في تراب الجنوب السوري الأبي. فكل محاولة لاستلاب الإرادة الوطنية تصطدم بجبروت الكفاح الجمعي، بينما تتهاوى أوهام التطبيع، وتنكشف السموم الثقافية التي تدسها الأدمغة الشيطانية الصهيونية في برامج الأطفال، محاولة منها لتشويه الوعي وإفساد الحاضر والمستقبل، وطمس الهوية، وتقويض الضمير الجمعي وإجهاض إرادة الأجيال الصاعدة.

أما العرب والمسلمون، فيجب أن يعيوا أن السكوت عن الظلم واللهث خلف قطار الذل يعني المشاركة في نشر الفوضى الخلاقة التي يزرعها عملاء الطاغوتين الأكبر والأصغر وبعض حكام الغرب المنافق ضد كاراكاس عاصمة الحق وغيرها من البلاد الرشيدة. تحت ذرائع محاربة المخدرات أو العصابات طمعا بالثروات الهائلة التي تتمتع بها تلك الدول.

نعم حكومات رشيدة اتخذت مواقف سديدة، صارت علامات فارقة في الدفاع عن القضايا العادلة، بينما ينكشف خزي حكام الأعراب الأشد نفاقا ودجلا الذين باعوا القيم تاركين الحياد المقيت يغتال الوجدان والضمير، ويشرعن الفساد.

إن الفعل المقاوم الإعلامي والسياسي والثقافي ليس مجرد احتجاج، بل جينالوجيا النصر، سلسلة من المبادرات المتضافرة التي تثبت أن النجاح الحقيقي يولد من كفاح بلا هوادة، وأن الإنتصار على الإستعمار الفكري والمادي يبدأ بفهم اللعبة الكونية والتصدي لمخططات أبالسة الإنس من صهاينة وإمبرياليبن. وكشف أطماعهم في ثروات الشعوب، وإحلال الفوضى الخلاقة لتسلب الوطن حقه وتمزق النسيج الاجتماعي.

من هنا يتضح أن نجاح الكفاح ليس شعارا بل فلسفة حياة: الوعي قبل الفعل. والفعل قبل الإنتصار والإنتصار قبل التاريخ، وأن المقاومة الحقيقية تبدأ من قلب الإنسان قبل أن تمتد إلى ميادين السياسة والإعلام والوعي الجمعي فتكتب المجد، وتثبت أن الحق لايموت، وأن الكرامة لا تهان، وأن الوطن لا يستسلم.

عند مفترق الطرق، يصبح الكفاح مرآة النجاح، والنجاح شهادة على قوة الإرادة المستنيرة. الوحدة بين المذاهب، وصمود المقاومة، ووعي الإعلام، ليست رفاهية بل ضرورة وجودية، وأن الخديعة والتخاذل لن يجد لها موطأ قدم بين الشعوب الشريفة الحرة، فلتستيقظ عاصمة الياسمين الأقدم في التاريخ ولتسمع أرض الإسراء والمعراج وبيت لحم مهد السيد يسوع المسيح عليه وعلى أمه السلام. ولتدرك الأمة أن نصرة العدالة، ليست خيارا بل واجبا، وأن التصدي للهيمنة الاستعمارية والصهيونية تتطلب إرادة متجددة، رؤية صافية، وعقلا لايخضع إلا للحق وللكرامة الإنسانية.

رفض الإنحناء، والحذر من فخ التطبيع، والإحتكام إلى الحق، يجعل التاريخ يشهد أن كفاح النجاح يولد من تضحية الأبرار، وأن نجاح الكفاح يكتب المجد لمن يرفض الذل والهوان. لتكن فلسطين والعاصمة المأهولة الأقدم تاريخيا ولتكن الأمة كلها مدرسة للوعي، وميدانا للصمود، ومرآة للحق، حيث لا مكان للخداع ولامجال للمخادعين، ولا صدى للجبناء، فالنجاح الحقيقي هو كفاح بلا هوادة و كفاح بلا تراجع، وكفاح ينتصر دائما.

مفكر كاتب حر، فنان وطني شامل وإعلامي سابق.