" قصّة قصيرة "
هذا الليل- ليل الخميس- حالك السواد، وعلى الرغم من ذلك السّخام الشديد، إلى فضاء تلك الفضائيةِ الملعونةِ عَبَرْتُ، مع أنّني حرّمتُ على نفسي وعينيَّ مُشاهدةَ العويلِ والصُّراخِ المُنْبَعِثَيْنِ منها- بل من قاعتها الكبيرة- والمصحوبَيْنِ بِنَعيبِ البومِ ، ونقيقِ الضفادعِ، ونَعيقِ الأغربةِ السُّود، وضُباحِ الثعالب، وصوتِ تلكَ العنزةِ التي تُشرِّعُ مَخْرَجَيْها المفتوحَيْنِ على الدوام، رغبةً في الحصولِ على عشبٍ تتمناهُ أخضرَ سهلَ المنال، وذلكَ المِرسالِ النافخِ في بوقِ الفِتْنَةِ مِن إسْتٍ واسِعة،
لِكَثرةِ ما عبِثَ بها العابثونَ طالبو الشهوةِ المُحَرّمةِ المتبوعةِ بحيوانيّةٍ موصوفةٍ من مُستشارٍ أرعن.
أغمضتُ عينَيَّ، فرأيتُ ، ويا لِبشاعةِ ما رأيت:
بشريّةً عنزةً تُعَلِّقُ شارَتَيْنِ: إعلاميّةً وشعبيّةً، على ذَنَبِها المشرَّعِ إلى العلاءِ كاشفاً "الْهَنَ" الذي حذفهُ النُّحاةُ مِنَ الأسماءِ السِّتّةِ، حِرصاً على حياءِ المُشاهِدينَ والمُستَمِعين، من الخَدْشِ، على السواء؛ وعلى قَرْنَيْها المُعْوَجَّيْنِ.
قُلْ هي مُقَرَّنَةٌ بِقَرْنَيْنِ يفضحانِ سِيرَتَها وسَيْرُورَتِها معاً.
بدأتِ الحلقةُ بإعلانٍ عنِ استِضافةِ مَسْعُورِيْنَ بأصواتِهِمُ النَّشازِ مُمَيَّزينَ، وبوعودِهِمُ العُرْقوبِيَّةُ الخُلَّبِيَّةِ معروفِين، وبكثرةِ الكلامِ عن حتميّةِ تغييرِ الحالِ التي كانتْ سَيِّئَةً، وإلى الأسوأِ حالَتْ ومالتْ، فأضحتْ تَوَجُّهاتُهُمُ المُعادِيَةُ لِلأحرارِ أبناءِ قافلةِ النورِ معلومة، وأمامَ مَنْ ولَّاهُمُ الأمورَ جَهْلاً، في غفلةٍ مِنَ الزَّمن، واشتِدادِ الإِحَنِ والمِحَنِ، مكشوفة.
هؤلاءِ"المأسوتون"(من الإست) يَلُوكُونَ تَيْنِكَ المُفرَدَتَيْنِ: "حَصْرُ ونَزَعُ" بِبَبَّغاوِيَّةٍ مقيتة .
ابتدأَ المِرسالُ النّافِجُ حِضْنَيْهِ يُعَرِّفُ الحُريةَ الشخصيّةَ في هذا الزمن، زمنِ ميم، والمصيرِ المشؤوم، زمنِ التحولاتِ الجَنْدَرِيَّةِ التي تمنعُ على المُوَلَّدِ البوحَ بِنَوْعِه، وتُحرِّمُ على مَأْمُورِي النُّفوسِ تسجيلَ النوعِ: "ذكراً كان أو أُنثى"، في الخانةِ المُخَصّصةِ لذلك؛تاركينَ لهُ،أي لِْلمُوَلَّدِ تحديدَ جِنسِهِ عندَ سِنِّ البلوغ .
وَجَدَها المِرسالُ فُرصةً ذهبيَّةً لإعلانِ النوعِ الأُنثَوِيِّ الذي يُحِبُّهُ ويرغبُ فيه، فقال:
أنا حُرٌّ في إستي؛ لا علاقةَ لأحدٍ بما أُحِبُّ وأَهْوى.
فسارَعَتْ- تِلكَ العنزةُ الجَرْباءُ التي تَسلّقتْ، وتَسلَّلتْ وتذلّلتْ، وُصولاً لِما هي عليه وفيه-إلى البوحِ قائلَةً :
--وأنا حُرَّةٌ في التَّصَرُّفِ، بِما أَمْتَلِكُ من أعضاءٍ، عُلْيا وسُفْلَى على السَّواء.
أغْمَضْتُ عَيْنَيَّ، ورُحْتُ أتَذَكَّرُ ذلكَ الزمانَ الذي أَطْلَقَ فيهِ العربُ "شوّال"على الشَّهرِ الذي تَشِيلُ فيهِ النُّوقُ أذنابَها استِعداداً لِلنِّكاح.
فتحتُ عينَيَّ، وأخذتُ ألعنُ هذا الزمانَ الَّذي غطَّتْ فيهِ مِساحاتُ الإعلامِ في هذهِ الشاشاتِ، مِثْلَ هذهِ البَبَّغاواتِ اللعينةِ التي تُريدُ إعادَتَنا إلى زمنِ"سَدومَ وعامُوْرَة" وهَمَسْتُ:
" إنَّ اِنْقِراضَ هذهِ المخلوقاتِ الشّاذّةِ مُؤَكَّد، ويَوْمَ تدميرِ مُدُنِ الكُفر والفِسقِ والفُجورِ، والدعارة هذه، لَيْسَ بِبَعيد."
غابستان في: 15/11/2025