العثور على الأجزاء المفقودة من حجر القدر الأسطوري
منوعات
العثور على الأجزاء المفقودة من حجر القدر الأسطوري
17 تشرين الثاني 2025 , 12:03 م

في رحلة بحث استثنائية استغرقت سنوات، نجحت باحثة في تعقب واستعادة قطع وأجزاء من حجر القدر الشهير، المعروف أيضاً باسم حجر السكون، الذي ارتبط لقرون بتتويج ملوك المملكة المتحدة.

وبحسب موقع National Geographic فإن هذا الحجر الرملي الضخم، الذي يبلغ وزنه نحو 335 رطلاً (152 كغ)، تعرض عبر الزمن للتلف والسرقة والنقل، مما أدى إلى تفتته وانفصال أجزاء منه. وفي دراسة حديثة نُشرت في Antiquaries Journal، قادت الأستاذة سالي فوستر من جامعة سترلينغ رحلة بحث غير مسبوقة لاستعادة 34 قطعة مفقودة من الحجر ، بهدف الكشف عن تاريخه الحقيقي المليء بالغموض والأساطير والصراع السياسي.

تقول فوستر: "يمتلك حجر القدر خاصيتين ثابتتين: قدرته على توحيد الأمة الاسكتلندية، وقدرته في الوقت نفسه على إزعاج المؤسسة البريطانية. وقد أثبت هذا الحجر الأسطوري قوته من جديد."

وتضيف أن تحليل الشظايا المكتشفة حديثاً "يحوّل فهمنا للحجر، من خلال إظهار تاريخه غير الرسمي ومعانيه المخفية."

رحلة ملحمية لتعقب قطع من التاريخ

استطاعت فوستر، من خلال مراجعة رسائل وصور وسجلات تاريخية، تأكيد وجود 17 قطعة من أصل 34 مفقودة. بعض الشظايا انتقلت بين عائلات عبر أجيال، وأخرى وصلت إلى متاحف، وقطع استخدمت في مجوهرات خاصة، فيما وصل جزء واحد على الأقل إلى أستراليا.

وتشير الدراسة إلى أن سطح الحجر وما يحمله من حلقات الحديد والشقوق العميقة يشهد على رحلاته الطويلة العاصفة، وأن تحركاته السياسية كانت جزءاً من الصراع بين الهوية الوطنية الاسكتلندية والسلطة الإنجليزية.

تعود قصة التفتت إلى حادثة شهيرة عندما قام طلاب اسكتلنديون بسرقته من دير وستمنستر لإعادته إلى موطنه، قبل أن يستولي عليه الملك إدوارد عام 1296 ليضعه تحت مقعد التتويج رمزاً لهيمنة إنجلترا على اسكتلندا.

قطع صغيرة تكشف رمزية كبيرة

لم يكن الحجر مجرد أثر تاريخي، بل رمزاً للصراع السياسي والهوية والانتماء. تروي الدراسة أنه خلال أحد الإصلاحات في عام 1838، أثناء التحضير لتتويج الملكة فيكتوريا، تعرض الحجر لـ"كسر خبيث"، ليحتفظ الفني الذي رممه ببعض الشظايا لنفسه.

بمرور السنوات، تحولت القطع الصغيرة إلى مجوهرات، أو هدايا، أو قطع خاصة تتوارثها العائلات. وهكذا أصبحت شظايا الحجر تحمل قصصاً شخصية وسياسية امتدت عبر القارات.

وتوضح فوستر أن معظم الشظايا المؤكدة اليوم تعود إلى عملية ترميم عام 1951، وهي فترة شهدت تجاهلاً عاماً للأهمية الثقافية الهائلة للحجر، على الرغم من ارتباطه بعلاقة معقدة ومتوترة بين ثقافتين متداخلتين.

رمزية سياسية ووحدة وطنية

تختتم فوستر دراستها بالقول: "نرى في هذه الشظايا صورة سياسية رمزية، وقدرة على إصلاح ما هو ممزق في المجتمع."

فالحجر، رغم بساطته الظاهرية، ظل لقرون محور صراع وتأكيد للهوية الوطنية الاسكتلندية، وحاضراً قوياً في الذاكرة السياسية للشعبين.

المصدر: موقع National Geographic