عبد الحميد كناكري خوجة: بالعلم الحديث... نواجهة العدو الخبيث.
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: بالعلم الحديث... نواجهة العدو الخبيث.
عبد الحميد كناكري خوجة|كاتب من سورية
18 تشرين الثاني 2025 , 17:58 م


من العلم الحديث...إلى ردع المحتل الخسيس: فالعلم أول الخنادق وآخر خطوط الدفاع، وحين يصبح سلاحا يتغير وجه الزمان، فبالعلم تصان الأوطان...وبالجهل تستباح المقدسات.

فالعلم أول الخنادق، وسلاح يغير وجه الزمان، وبالعلم تصان الأوطان..وبالجهل تفتح أبواب العدوان."

(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون).

(وقل ربي زدني علما ويقينا)

في زمن تتوالد فيه الابتكارات كما تتفرج فيه التحولات, لم يعد العلم خيارا تجميليا ولارفاها معرفيا، بل أصبح قدرا حضاريا يحدد موقع الأمم في سلم القوة وخرائط النفوذ.

ومع اتساع الفجوة بين المنتج والمستهلك، وبين المبدع والمتلقي، تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة العقل العربي والإسلامي على أسس معرفية راسخة، بعيدا عن المراوحة، وبمنأى عن الجدل العقيم. ومن موقع المسؤولية الوطنية_لا من باب الإدعاء _ أجد أن واجب المرحلة يقتضي قراءة الواقع بتركيز لايتوه في التفاصيل، وبوعي لاينخدع بالشعارات، بل يمسك بصلب المعنى...معنى القوة القائمة على العلم، لا على الحماس وحده.

فالقوة في عصر الديجيتال لم تعد محصورة في السلاح، بل اتسعت لتشمل الخوارزميات، والذكاء الإصطناعي والأنظمة السيبرانية، والنانوتكنلوجي، و سيميولوجيا البيانات، وكل مايدخل في بنية التفوق الراديكالي للأمم. وهناك تستوقفنا الآية العطرة:

(وأعدوا لهم مااستطاعتم من قوة).

لتكون نداءا مفتوحا نحو قوة العلم، وقوة التصنيع، وقوة الابتكار، لا مجرد القوة العسكرية، فالمعرفة اليوم ليست ترفا، بل سلاح أمة تضع النصر نصب أعيونها.

وفي هذا السياق، نجد في جمهورية إيران الإسلامية نموذجا صارخا على قدرة الأمم_ مهما حوصرت ومهما ضيق عليها_ لقيت تنتهج علومها، وتبني تقنياتها، وتصنع مستقبلها.فمنذ لحظة انتصار ثورتها المظفرة بقيادة آية الله الخميني قدس الله سره ...وحتى عهد حامل الراية وصائن الرسالة، سماحة آية الله علي خامنئي دام ظله،

استطاعت عاصمة الحضارة وموئل العلم والعلماء أن تشق طريقها في الفيزياء المتقدمة لإقامة مشاريع متمدنة تؤمن الرخاء لشعبها. وعلوم الفضاء والهندسة والطب والصيدلة والذكاء الإصطناعي المتطور والصناعات الدفاعية المدهشة، ورغم حصار ظالم بدأ منذ أن أعلنت قيادة الثورة سنة 1979 أن تخلع عنها عباءة الإنبطاح والخنوع لقوى طواغيت الهيمنة والاستكبار ومن دار في فلكهم من أنظمة غربية استعمارية طامعة بنهب وسلب الثروات لبلد الحضارة الفارسية. لقد أثبت الشعب الإيراني العظيم أنه أحسن قراءة اللحظة التاريخية، من خلال استطاعته أن يحول الاستهداف إلى وقود للنهضة ومعملا للإبداع، وعلى مقولة مثل شعبي متداول في بلاد الشام: (إصنع من الحامض شرابا حلوا). لم يكن هذا البلد العريق الذي أهدى البشرية علماء أفذاء وأدمغة وأمخاخ غيروا مجرى البشرية إلى الأفضل... لم يكن يوما حاضرا في مختبرات العلم فقط، بل حضر أيضا في ميادين القيم، مدافعا عن مستضعفي الأمة الإسلامية، ومناصرا لبيت الإسراء والمعراج الذي كرمه الله في القرآن المبارك، مما جعله رغم جرحه_ قبلة لكل من يرفض الظلم ويبحث عن الحرية.

إلى جانب جمهوريتنا الإسلامية الإيرانية الشقيقة رافعة راية الإسلام الحقيقي، تبرز جمهورية باكستان بامتدادها النووي وبرامجها العلمية، صاعدة بثبات، ومؤكدة أن طريق المعرفة ليس حكرا على أحد. كما أن هناك نور آخر يسطع ”سلطنة عمان" لؤلؤة الخليج وزهرته.حيث وقفت بقيادة سلطانها المعظم...ورؤية مفتيها الجليل أحمد خليلي، موقفا مشرفا في دعم ومؤازرة قدس الأقداس، وفي الحفاظ على حكمة سياسية وروحية تعلي من شأن التماسك الوطني والتضامن الإنساني.

إن أمتنا اليوم، مدعوة أن تؤمن بأن العقول أهم من الحشود، وأن المختبرات أهم من المنابر، وأن الإبتكار أهم من التكرار. فالوحدة الوطنية لا تبنى بالهتاف، بل تبنى بالعلم؛ والتلاحم لايتحقق بالخطابات، بل بتحويل الطاقات الشابة إلى مشاريع، والمواهب الكامنة إلى منجزات، والأدمغة الامعة إلى معامل إنتاج معرفي وصناعي.

لقد دخل العالم عصر السرعة الكونية، ومن بقي على الهامش خرج من التاريخ، ولذا فإن واجب الأمة اليوم أن تواكب العلم، وأن تعيد صياغة اقتصادها، وأن تعتمد على خبرات أبناءها وبناتها، وأن تبرمج زمنها على إيقاع المستقبل، لا على بقايا الماضي. فالتأخر جريمة، وهدر الوقت خيانة، والجهل أخطر من الأعداء مجتمعين.

العلم اليوم...هو الخندق الأول، والسلاح الأول، والإنتصار الأول، ومن امتلكه، امتلك الغد. ومن أهمله، سلم نفسو للغيبوبة الحضارية، هذا هو الطريق...ولاطريق غيرهم.

وكخاتمة لمقالي هذا، أحيط نفسي والمعنيين بالأمر: أنه من الواجب علينا جميعا الأخذ بعين الإعتبار، أن الغاصب المحتل، يستخدم الذكاء الاصطناعي الحربي والروبوتات القتالية والطائرات المسيرة الشبكية لفرض وقائع استعمارية جديدة. كما أن هذا العدو الحقيقي لأمتنا يحسن استثمار المختبر قبل الميدان، ويكرس كل تقنياته السيبرانية والروبوتية والفضائية لترسيخ هيمنته العدوانية التوسعية، يذكرنا ذلك أن الجهل والتخلف لم يعد خطرا عابرا، بل خطرا وجوديا بكل ماتحمله الكلمة من معنى، ولذا فإن امتلاكنا لمفاتيح العلم، وتحررنا من الاستيراد، وتحويلنا للتكنلوجيا إلى درع ورافعة هو الشرط الأول لحماية الأرض والكرامة والمصير.

مفكر كاتب حر، فنان وطني شامل وإعلامي سابق في الغربة.