يوسف شرقاوي
لم يكن تواتر دول الغرب الإعتراف المشروط، وغير المشروط، بالدولة الفلسطينية "السراب" تأنيب أو صحوة ضمير، من قِبل تلك الدول، بل كان ذلك بمثابة هروبا محكما ومدروسا للأمام، لوقف استنزافها المعنوي، نتيجة انتفاضة شعوبها جراء حرب الإبادة الغير المسبوقة والتي شنت على الفلسطينيين في غزة والضفة، إذ أن من السذاجة بمكان، الإعتقاد بأن الدول الإستعمارية قد تراجعت عن نظرتها الدونية للشعوب العربية، بما فيها الشعب الفلسطيني أيضا، برغم أنها تدعي أنها تنظر لكافة شعوب المعمورة، على قدم المساواة، هذا من ناحية، أما من ناحية، أما من الناحية الأخرى ليقين الدول التي اعترفت اعترافا أدبيا غير ملزم، بأن الرسمية الفلسطينية ستبالغ بذلك الإعتراف بالوهم، وتعتبره انجازا يعتد به، لتبرير وتغطية غيابها والنأي بنفسها، إزاء حرب الإبادة المهولة، التي شنتها إسرائيل بالشراكة مع أمريكا ودول الغرب على الشعب الفلسطيني.
وما يهم الشعب الفلسطيني في سياق الإعتراف غير الملزم ب "الدولة" المزعومة، تجرؤ الرسمية الفلسطينية، بالإذعان لدفتر الشروط الأمريكية/الغربية، في موضوع المنهاج العلمي، ورواتب الأسرى، والدستور، هذا الإذعان الذي هو بمثابة قيود وأغلال جديدة علاوة على القيود و الأغلال القديمة في أيدي الشعب الفلسطيني والتي تنوء بها الجبال
الجديد في موضوع الدولة وتقرير المصير، في بيان مجلس الأمن الأخير "الإنتداب" الأمريكي لغزة الأخطر، من الإنتداب البريطاني السابق، والذي انسحب من فلسطين عشية النكبة في العام ١٩٤٨، وسلم الأرض المُنتدبة لمن قام بأبشع تطهير عرقي عرفه التاريخ الحديث، تحت مرأي ومسمع جيشه، ذكر في بيانة المبهم و المثير للجدل حول غزة، مسار سياسي برعاية أمريكية "قد" يؤدي لحق تقرير المصير ودولة، بعد انتهاء فترة الإنتداب المحددة بانتهاء عام ٢٠٢٧، والتي قد تطول بعد هذا التاريخ لخمسين سنة أو أكثر، وتكون نتيجته، أسوأ من الإنتداب البريطاني لفلسطين قبل عشرينيات القرن الماضي، وقد يقوم هذا الإنتداب الأمريكي الجديد، بما قام به الإنتداب البريطاني القديم أو أسوأ منه، أي بتسليم غزة لمن قام بإبادة حوالي ١٥% من سكانها
اليمين الإسرائيلي بلسان رأس هذا اليمين نتنياهو، يقول: لا دولة فلسطينية في الضفة، الأرض التوراتية الميتودية على حد زعمه، أما بقايا "اليسار" الإسرائيلي، وهذا هو الجديد في سياق الصراع العربي الإسرائيلي، أصبح يقول ناصحا الفلسطينيين، بما أن اليمين الإسرائيلي لايمكن أن يعطيكم دولة على مساحة نصف ال ٢٢% حسب اتفاقية أوسلو، من مساحة فلسطين الإنتدابية، فعليكم أن تقبلوا بدولة واحدة تحت السيادة الإسرائيلية، ما دامت إسرائيل لم تعرّف نفسها بدولة يهودية، أي بمعنى آخر عليكم القبول طوعا بالعبودية والأبرتهايد