أعلن علماء من الجامعة الوطنية البحثية الحكومية في ساراتوف (جامعة نيكولاي تشيرنيشيفسكي) بالتعاون مع متخصصين في الطب، عن اكتشاف مهم يتعلق بكيفية تعامل الدماغ مع نقص الأكسجين الناتج عن انقطاع التنفس أثناء النوم. وأوضحت الجامعة أن الدماغ لا يبقى خاملاً عند انخفاض مستويات الأكسجين، بل يبدأ بإعادة تنظيم شبكاته لحماية الجسم.
كيف يتفاعل الدماغ مع توقف التنفس؟
أكد الباحثون أن الدماغ، حتى في حالة نقص الأكسجين (الهيبوكسيا) التي يسببها انقطاع التنفس أثناء النوم، يقوم بمحاولة إعادة تشكيل الروابط العصبية لتعويض هذا النقص، ووصفت الجامعة هذه العملية بأنها شكل من "التنظيم الذاتي" للشبكات العصبية، حيث تتغير الاتصالات بين الخلايا العصبية بشكل منظم ومدروس، وليس بطريقة عشوائية.
ما هو انقطاع التنفس أثناء النوم؟
يُعد انقطاع التنفس أثناء النوم حالة يتوقف فيها التنفس بشكل متكرر خلال الليل.
وفي النوع الأكثر شيوعا، وهو الانسداد التنفسي أثناء النوم، تؤدي ارتخاء عضلات الحلق إلى إغلاق مجرى الهواء، مما يجبر الدماغ على الاستيقاظ لثوانٍ معدودة لاستعادة التنفس.
قد تتكرر هذه العملية عشرات أو حتى مئات المرات في الليلة الواحدة، مما يؤدي إلى:
إرهاق مزمن
ضعف الذاكرة
انخفاض القدرة على التركيز
ارتفاع خطر الإصابة بالجلطات الدماغية
تفاصيل الدراسة
شارك في الدراسة 72 متطوعا، وسجّل العلماء نشاط الدماغ أثناء النوم من 19 نقطة مختلفة على الرأس، وهو تحليل أكثر دقة مما توفره عادةً دراسات النوم التقليدية التي تعتمد على ست نقاط فقط.
استخدم فريق البحث تخطيط الدماغ الكهربائي (EEG)، كما استعان بخوارزميات من الفيزياء غير الخطية ونظرية الرسوم البيانية لتحليل البيانات.
متى تظهر الفروق الأكبر؟
وجد الباحثون أن الاختلافات بين الأشخاص الأصحّاء والذين يعانون من انقطاع التنفس تظهر بشكل واضح خلال مرحلة النوم الحالم (REM)، وهي المرحلة التي يكون فيها الجسم في أضعف حالاته، إذ ترتخي العضلات بالكامل، ويزداد احتمال انقطاع التنفس.
اكتشافات مهمة في القشرة البصرية
أظهرت النتائج أن الفص القذالي في مؤخرة الدماغ، حيث تقع القشرة البصرية، يشهد أكبر تغيّر في الاتصالات العصبية.
فخلال النوم، تتحول القشرة البصرية من معالجة المعلومات البصرية إلى الاستجابة لإشارات واردة من الأعضاء الداخلية مثل:
القلب
الرئتين
المعدة
وعندما يحدث توقف التنفس، تتعامل القشرة البصرية معه كـ إشارة خطر داخلية، فتعيد تنظيم عملها للتعامل مع نقص الأكسجين.
وتحدث هذه التغيرات بطريقة منظمة، إذ تتلاشى بعض الروابط العصبية وتُنشأ أخرى جديدة، في عملية تكيف دقيقة.
تأثير انقطاع التنفس على الذاكرة والتعلم
ركز الباحثون أيضا على الموجات الدماغية عالية التردد المرتبطة بالذاكرة والتعلم، وقد كشفت النتائج عن اختلافات كبيرة لدى المصابين بانقطاع التنفس أثناء النوم، ما يفسّر سبب شيوع مشاكل:
ضعف التركيز
صعوبة التعلم
ضعف القدرة على التذكر
لدى هؤلاء المرضى.
تقدم الدراسة فهما جديدا لكيفية استجابة الدماغ لنقص الأكسجين خلال النوم. فالدماغ لا يقف مكتوف الأيدي عند حدوث توقف التنفس، بل يعيد تشكيل شبكاته العصبية لحماية الجسم، لكن هذه العملية قد تأتي مع آثار جانبية تتعلق بالذاكرة والأداء العقلي.
هذا البحث قد يمهّد الطريق لتطوير طرق جديدة لتشخيص وعلاج اضطرابات النوم الخطيرة.