ذكاء اصطناعي يتعلم من شجرة الحياة لدعم تشخيص الأمراض النادرة
منوعات
ذكاء اصطناعي يتعلم من شجرة الحياة لدعم تشخيص الأمراض النادرة
24 تشرين الثاني 2025 , 14:33 م

طور باحثون نموذج ذكاء اصطناعي مبتكراً قادرًا على تحديد الطفرات في البروتينات البشرية التي يُرجَّح أن تسبب أمراضا حتى وإن كانت هذه الطفرات لم تُشاهَد من قبل لدى أي شخص. هذا التطور قد يشكّل نقطة تحول في تشخيص الأمراض النادرة، حيث يفشل نصف المرضى تقريبا في الحصول على تفسير واضح لأمراضهم.

النموذج الجديد، الذي يحمل اسم popEVE، يستند إلى سجل تطوري ضخم يضم بيانات من مئات آلاف الأنواع، إلى جانب تنوع جيني واسع داخل البشر. وقد نُشرت نتائجه في مجلة Nature Genetics بواسطة فرق بحثية من مدرسة طب هارفارد ومركز تنظيم الجينوم (CRG) في برشلونة.

كيف يعمل نموذج popEVE؟

يعتمد النموذج على مقارنة البروتينات عبر مليارات السنين من التطور، حيث جربت الطبيعة بشكل عملي “كل الطفرات الممكنة” وحددت أي أجزاء البروتينات لا يمكن تغييرها دون الإضرار بالكائن الحي.

الأساس العلمي للنموذج

يوجد في الجسم البشري حوالي 20,000 بروتين، ولكل منها مواقع حساسة لا تتحمل الطفرات.

باستخدام بيانات تطورية من عدد هائل من الأنواع، يستطيع popEVE تحديد هذه المواقع الحساسة.

ثم يستخدم النموذج بيانات من قواعد ضخمة مثل UK Biobank و gnomAD ليعاير توقعاته ويجعلها مناسبة للبشر.

النتيجة:

أول أداة قادرة على مقارنة شدة الطفرات بين أي جينين في الجسم على مقياس واحد.

مشكلة التشخيص في الأمراض النادرة

يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من أمراض نادرة، إلا أن:

واحداً من كل اثنين لا يحصل على تشخيص واضح.

الكثير من الطفرات المسببة لهذه الأمراض تكون جديدة تماماً ولم تُشاهد من قبل.

بعض المرضى يصلون إلى العيادات بدون أفراد العائلة، مما يصعّب مقارنة الحمض النووي عبر الأجيال.

هنا يبرز دور popEVE، إذ يمكنه العمل اعتماداً على جينوم المريض فقط دون الحاجة لمعلومات عائلية.

قالت الدكتورة مافالدا دياس من CRG: "لا تملك كل العيادات إمكانية تحليل الحمض النووي للوالدين. popEVE يساعد الأطباء في تحديد الطفرات المسببة للمرض بالاعتماد على المريض وحده.

فهم الطفرات الجينية وتأثيراتها

كل شخص يحمل اختلافات جينية طفيفة تجعله فريداً. من بينها طفرات missense، التي تغير حمضاً أمينياً واحداً في البروتين.

بعضها غير ضار، لكن بعضها الآخر يسبب أمراضاً خطيرة.

تحديات الأدوات الحالية

أغلب الأدوات تُقيّم الطفرات على أنها:

ضارة

أو غير ضارة

لكنها لا تقدّم تدرجاً لشدة الضرر، ولا تستطيع تقييم حالة الطفرات التي لم تحدث من قبل، وهي شائعة جداً في الأمراض النادرة.

الانتقال من EVE إلى popEVE

النموذج السابق EVE عام 2021 كان فعالاً في تحديد الطفرات المؤذية لكنه افتقر إلى ميزة مهمة:

عدم القدرة على مقارنة الضرر بين جين وآخر.

popEVE يعالج هذه المشكلة بإضافة بيانات عن الطفرات الطبيعية في البشر، مما يسمح بإنشاء مقياس دقيق وموحّد للشدة

التحقق من النموذج: نتائج مذهلة

قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 31,000 عائلة لديها أطفال يعانون من اضطرابات نمائية شديدة.

النتائج:

في 98% من الحالات التي كان سببها معروفاً مسبقاً، صنّف popEVE الطفرة المسببة للمرض على أنها الأكثر ضرراً في الجينوم.

تفوّق على نماذج قوية مثل AlphaMissense من DeepMind.

كشف عن 123 جيناً جديداً مرشحاً للتسبب في اضطرابات النمو.

معظم الطفرات الجديدة لوحظت في شخص واحد أو اثنين فقط، وهو ما يعجز عنه أي نموذج تقليدي.

التعامل مع التحيز الجيني في قواعد البيانات

تشكل قواعد البيانات الجينية العالمية مشكلة كبيرة لأنها تميل بقوة نحو الأشخاص من الأصول الأوروبية، مما يزيد من التشخيصات الخاطئة لدى المجموعات الأخرى.

يقول الدكتور جوناثان فريزر من CRG: "لا ينبغي لأحد أن يحصل على نتائج مقلقة فقط لأن مجتمعه غير ممثل في قواعد البيانات. popEVE يعالج هذا الخلل."

النموذج يتجنب هذا التحيز لأنه يتعامل مع جميع الطفرات البشرية على قدم المساواة بغض النظر عن أصلها.

القيود العلمية للنموذج

على الرغم من قوة popEVE، هناك بعض الحدود التي يجب الانتباه إليها:

يفسّر فقط الطفرات التي تغيّر البروتينات.

لا يغطي الطفرات في المناطق غير المشفرة من الجينوم.

لا يغني عن الخبرة الطبية أو التقييم السريري.

التشخيص الجيني يبقى عملية معقدة تتطلب دمج البيانات الجينية مع التاريخ المرضي والأعراض.

المصدر: مجلة Nature Genetics