تثير رائحة الصنوبر لدى كثيرين مشاعر الفرح والطمأنينة: ليلة شتوية باردة، زخارف الميلاد، أو رائحة الغابة في فصل الثلج. لكن العلماء يؤكدون أن هذه المشاعر ليست نتيجة خصائص موجودة في الصنوبر نفسه، بل نابعة من ذكرياتنا الشخصية المرتبطة بهذه الرائحة.
الروائح … ذكريات متنكرة في هيئة عطر
أجرى باحثون من جامعة براون الأمريكية دراسة جديدة توضّح أن تأثير الروائح علينا يعتمد بشكل كبير على الارتباطات الذهنية التي نكوّنها عبر التجربة.
فعندما نشم رائحة مألوفة، تُفعَّل الذاكرة المرتبطة بها فورا قبل أن نتذكر الموقف بوعي.
وهذا ما يجعل رائحة الصنوبر قادرة على بث الراحة في نفوس البعض، بينما قد لا تثير أي مشاعر لدى من لم يختبروا هذه الرائحة من قبل.
هل للصنوبر تأثير مهدّئ بالفعل؟
يحتوي الصنوبر على مركّبات تروّج لها شركات العلاج العطري بوصفها "مهدّئة" أو "منعشة".
لكن الدراسة توضّح أن التركيب الكيميائي وحده لا يملك القدرة على تغيير الحالة المزاجية، ما لم يكن مرتبطا بتجارب سابقة.
كيف يفسّر الدماغ الروائح؟
يتم تحليل الروائح في البصلة الشمية المتصلة مباشرة بكل من:
اللوزة الدماغية (مركز المشاعر)
الحصين (مركز الذاكرة)
لذلك، فالشمّ هو الحاسة الأكثر ارتباطا بالذكريات.
التجربة التي كشفت خداع الدماغ
اختبر العلماء مجموعة من المتطوعين عبر إعطائهم قارورة تحتوي على المواد الكيميائية نفسها.
لكنهم غيّروا السياق:
1. في المرة الأولى قالوا إن الرائحة تشبه البارميزان، فوجدها المتطوعون جذابة.
2. بعد أسبوع قدموا القارورة نفسها، لكنهم قالوا إنها برائحة القيء، فاستشعر المتطوعون النفور والاشمئزاز.
النتيجة:
الدماغ حكم على الرائحة بناءً على التوقعات والذكريات، وليس على المادة الكيميائية ذاتها.
الصنوبر بين الغابة ومنتجات التنظيف
يوضح الباحثون أن البشر لا يولدون بفهم مسبق للروائح، بل يتعلّمون معانيها من خلال التجارب:
شخص يربط رائحة الصنوبر برحلة في غابة شتوية سيشعر بالهدوء.
وآخر يربطها بمنظف أرضيات سيستحضر معاني مختلفة تماما.
كل رائحة تحمل معناها من التجربة الشخصية.
فوائد علاجية … تعتمد على الذكريات
يرى العلماء أن تأثير رائحة الصنوبر، أو أي رائحة أخرى، يعتمد أولا على الجانب النفسي.
وإذا ارتبطت الرائحة عموما بمشاعر إيجابية وراحة، فيمكن استغلالها في العلاج العطري أو تقنيات الاسترخاء.