تمكن باحثو مايو كلينك من تطوير واختبار تقنية جديدة تعتمد على المسح ثلاثي الأبعاد لسطح الرأس، توفر مستوى غير مسبوق من الدقة لجراحات الدماغ العميقة. وتسمح هذه التقنية بمواءمة دقيقة بين رأس المريض وملامحه وإطار التثبيت الجراحي مع صور الدماغ، محققة دقة دون مستوى المليمتر، وهو فارق قد يكون حاسما في العمليات العصبية الدقيقة.
نُشرت نتائج الدراسة في Journal of Neurosurgery، وبيّنت أن هذه الطريقة أكثر دقة من التصوير المقطعي التقليدي، إضافة إلى ميزة مهمة: عدم تعريض المريض للإشعاع.
كيف تعمل تقنية المسح ثلاثي الأبعاد الجديدة؟
تعتمد المنهجية على:
كاميرات متخصصة
تقنية "الإضاءة المُهيكلة" (Structured-Light Scanning)
نماذج ثلاثية الأبعاد عالية الدقة لوجه المريض وإطار التثبيت
تُدمج هذه النماذج في خريطة مكانية دقيقة توضح وضعية رأس المريض داخل غرفة العمليات. ثم تُقارن هذه الخريطة مع صور الدماغ الملتقطة مسبقًا (MRI أو CT)، ما يمنح الجراحين دليلًا فوريًا فائق الدقة للوصول إلى الهدف داخل الدماغ.
دقة أفضل من التصوير المقطعي
أظهرت الدراسة:
دقة النظام الجديد: 0.14 مليمتر
دقة التصوير المقطعي التقليدي: 0.20 مليمتر
ورغم أنّ الفارق لا يتجاوز عرض رأس قلم رصاص، إلا أنّه في جراحات الدماغ قد يعني الفرق بين تجنّب أو إصابة منطقة حساسة.
فوائد كبيرة للجراحين والمرضى
يرى الباحثون أن النظام الجديد قادر على تحسين عدة إجراءات معقدة، مثل:
التحفيز العميق للدماغ (Deep Brain Stimulation)
تصريف التجمعات والسوائل
الخزعات الدقيقة (Biopsies)
كما يتوقع أن:
يزيد من أمان الجراحة
يختصر وقت العملية
يقلل التكلفة
يحسّن تجربة المريض
يوفر دقة عالية حتى في غرف العمليات التي لا تمتلك CT
التعاون الهندسي - السريري وراء الابتكار
جمع المشروع بين خبرة الهندسة وطب الأعصاب في مايو كلينك.
د. جايون سونغ
عالم أحياء حسابية وباحث في الذكاء الاصطناعي، قاد الجانب الهندسي والحوسبي يقول:
"عندما ينظر المهندسون وجراحو الأعصاب إلى المشكلة نفسها، نرى تفاصيل مختلفة—ومن هنا تولد الاختراعات."
د. كيندال لي
جرّاح أعصاب قاد دمج التقنية في العمل الجراحي، ويؤكد أهميتها:
"الخطوات الأكثر أهمية في جراحة الدماغ تبدأ قبل العملية نفسها. هذه التقنية سريعة وآمنة ودقيقة، وستحسّن رعاية المرضى بشكل واضح."
د. باسل شرف
جرّاح في مايو كلينك والمؤلف الرئيسي للدراسة، ويتوقع مستقبلا أكثر تطورا:
"ربما يصبح المسح ثلاثي الأبعاد في المستقبل بسيطا مثل استخدام الهاتف الذكي، خاصة مع دعم الذكاء الاصطناعي الذي سيتنبأ بأي تغيرات طفيفة أثناء العملية."
الخطوات التالية: نحو مزيد من الذكاء الاصطناعي والتجارب السريرية
يعمل الفريق حاليا على:
إضافة الذكاء الاصطناعي لزيادة سرعة ودقة النظام
تحسين الأجهزة المستخدمة
إجراء تجارب سريرية واسعة لتقييم فعالية التقنية في جراحات الدماغ المعقدة
تطوير أدوات قادرة على التكيّف الفوري مع تغيّرات وضعية الدماغ أثناء الجراحة