التخيل هو أداة عصبية تعيد تشكيل ما نحبه وكيف نتعلم
دراسات و أبحاث
التخيل هو أداة عصبية تعيد تشكيل ما نحبه وكيف نتعلم
11 كانون الأول 2025 , 13:54 م

أظهرت دراسة جديدة في Nature Communications (10 ديسمبر 2025) أن مجرد تخيّل تجربة إيجابية مع شخص ما يمكن أن يجعلنا نُحبه أكثر فعلا، والأهم: أن الدماغ يتعلم من الخيال بالطريقة نفسها التي يتعلم بها من الواقع، عبر دوائر المكافأة والذاكرة .

ما الجديد علميا؟

قاد باحثون من جامعة كولورادو بولدر ومعهد ماكس بلانك دراسة تقدّم أقوى الأدلة حتى الآن على أن التخيل الحيّ:

يغيّر تفضيلاتنا الاجتماعية

يُحدِث تبدلات قابلة للقياس في نشاط الدماغ

يعمل عبر آليات تعلم معروفة في علم الأعصاب

يقول رولاند بينوا الباحث الرئيسي: “نُظهر أن بإمكاننا التعلّم من التجارب المتخيلة، وأن الدماغ يعالجها كما يعالج الخبرات الحقيقية.”

التخيل والذاكرة: وجهان لعملة واحدة

لطالما لاحظ العلماء أن:

مناطق الدماغ المسؤولة عن تذكّر الماضي تُنشَّط أيضا عند تخيّل المستقبل

القدرة على التذكر والتخيل تظهر معًا في الطفولة (حوالي سن 3)

وكلتاهما تضعفان مع التقدم في العمر

من لديهم أذى في مراكز الذاكرة يجدون صعوبة في تخيّل أحداث جديدة

من هنا جاء السؤال المحوري:

إذا كان التخيل يشترك مع الذاكرة في الآليات العصبية، فهل نتعلم منه؟

كيف اختُبر ذلك؟ (تصميم التجربة)

50 مشاركا داخل جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)

طُلب منهم:

1. إدراج أسماء 30 شخصا يعرفونهم

2. ترتيبهم من محبوبين، محايدين، غير محبوبين

خلال التصوير:

عُرضت أسماء الأشخاص “المحايدين”

تخيّل المشاركون لمدة 8 ثوانٍ:

تجربة إيجابية (نزهة، متعة مشتركة)

أو تجربة سلبية

ماذا حدث في الدماغ؟

بعد التجربة، أحبّ المشاركون أكثر الأشخاص الذين تخيّلوهم في مواقف إيجابية

على مستوى الدماغ:

نشطت المنطقة المخططية البطنية (Ventral Striatum) مركز “خطأ التنبؤ بالمكافأة”

هذا النشاط ظهر عندما كانت التجربة المتخيلة أفضل من المتوقع

عملت هذه المنطقة مع القشرة الجبهية الأمامية الظهرية الإنسية

المسؤولة عن تخزين ذكريات الأشخاص

المغزى:

الدماغ يتعامل مع التخيل الإيجابي المفاجئ كما يتعامل مع مكافأة حقيقية غير متوقعة، ويُحدِّث تفضيلاتنا بناءً على ذلك.

لماذا هذا مهم؟

تقول أروما داباس، المؤلفة الأولى: “التخيل ليس سلبيًا، بل يمكنه تشكيل توقعاتنا وخياراتنا.”

تطبيقات محتملة

العلاج النفسي:

تخيّل المواقف المخيفة بدل التعرض الواقعي قد يحقق فائدة مشابهة (امتداد للعلاج بالتعرّض)

تحسين العلاقات:

تخيّل تجربة إيجابية مع زميل عمل قد يخفف التوتر الواقعي

الأداء الرياضي والموسيقي:

يدعم ما نعرفه عن فعالية “التمرين الذهني”

لكن للتخيل جانب مظلم

في القلق والاكتئاب:

يميل الأشخاص إلى تخيّل سيناريوهات سلبية بشكل مفرط

مما قد يزيد حدة الأعراض

تقول رولاند بينوا: “يمكنك أن تلوّن العالم بالأسود، فقط من خلال تخيّله”.

المثير للاهتمام أن الدراسة لم تجد أن تخيّل تجارب سلبية جعل المشاركين يكرهون الأشخاص أكثر، وما زال السبب قيد البحث.

التخيل الحيّ يُعيد برمجة التفضيلات

الدماغ يتعلم من الخيال كما يتعلم من الواقع

ما تتخيله اليوم قد يؤثر على اختياراتك وعلاقاتك غدا

الرسالة البسيطة:

تخيل علاقات أفضل وقد تبدأ فعلا بالتحقق في الواقع.

المصدر: مجلة Nature Communications