دراسة تكشف أسرار نبات يعيش بلا ضوء ولا جذو
دراسات و أبحاث
دراسة تكشف أسرار نبات يعيش بلا ضوء ولا جذو
17 كانون الأول 2025 , 16:46 م

كشف فريق دولي من الباحثين عن خصائص تطورية فريدة لنبات طفيلي نادر يُعرف باسم Balanophora، يعيش في الغابات الجبلية الرطبة في تايوان واليابان القارية، إضافة إلى الغابات شبه الاستوائية في أوكيناوا، ويُعد من أقدم النباتات البرية التي فقدت القدرة على التمثيل الضوئي، وفق دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة New Phytologist.

نبات مزهر بلا كلوروفيل

وأوضحت الدراسة أن نبات Balanophora لا يحتوي على الكلوروفيل، ولا يقوم بعملية التمثيل الضوئي، كما لا يمتلك جذوراً حقيقية. ويعيش النبات اعتماداً كاملاً على التطفل على جذور أنواع محددة جداً من الأشجار، حيث يستمد منها الماء والعناصر الغذائية اللازمة للنمو والبقاء.

أزهار وبذور مجهرية

ورغم مظهره غير التقليدي الذي يدفع كثيرين إلى الخلط بينه وبين الفطريات، يُصنَّف Balanophora كنبات مزهر، وينتج أزهاراً وبذوراً تُعد من بين الأصغر حجماً بين النباتات المزهرة المعروفة علمياً.

تكاثر دون إخصاب

وبيّنت نتائج الدراسة أن بعض أنواع Balanophora تمتلك قدرة نادرة على إنتاج البذور دون حدوث إخصاب، فيما تجمع أنواع أخرى بين التكاثر الجنسي واللاجنسي، أو تعتمد كلياً على ما يُعرف بالتكاثر اللاجنسي الإجباري (Obligate Agamospermy). وتُعد هذه الاستراتيجية من أندر أنماط التكاثر في عالم النبات، بسبب ما تحمله من تحديات تتعلق بالتنوع الجيني.

بلاستيدات مصغّرة بوظائف غير ضوئية

وأظهرت التحليلات الجزيئية أن النبات، رغم فقدانه التمثيل الضوئي، احتفظ ببلاستيدات خلوية مصغّرة للغاية. ففي حين تمتلك النباتات العادية نحو 200 جين بلاستيدي، لا يحتفظ Balanophora سوى بنحو 20 جيناً فقط.

ورغم هذا التقليص الكبير، لاحظ الباحثون انتقال أكثر من 700 بروتين إلى هذه البلاستيدات، ما يشير إلى استمرارها بأداء وظائف حيوية لا ترتبط بإنتاج الطاقة الضوئية.

تشابه تطوري مع طفيليات أخرى

وأشار الباحثون إلى وجود تشابه تطوري لافت بين Balanophora وبعض الطفيليات الأخرى، مثل طفيلي الملاريا (Plasmodium)، الذي فقد بدوره القدرة على التمثيل الضوئي رغم أصوله النباتية. ويعكس هذا التشابه نمطاً تطورياً مشتركاً في تقليص العضيات الخلوية لدى الكائنات الطفيلية.

أصول تعود إلى العصر الطباشيري

وأظهرت النتائج أن فصيلة Balanophoraceae نشأت قبل نحو 100 مليون سنة، خلال العصر الطباشيري الأوسط، ما يجعلها من أقدم السلالات النباتية البرية التي فقدت التمثيل الضوئي. كما ساعدت الدراسة في رسم شجرة تطورية توضّح كيفية انتشار هذه النباتات وتنوّعها عبر جزر شرق آسيا.

الجزر والتكاثر اللاجنسي

وكشفت الدراسة أن الأنواع التي تعتمد كلياً على التكاثر اللاجنسي تعيش حصرياً في البيئات الجزرية، ما يشير إلى أن هذه الاستراتيجية قد تسهّل استعمار البيئات المعزولة، حيث يمكن لنبات واحد فقط أن يؤسس تجمعاً كاملاً دون الحاجة إلى التلقيح.

حساس للانقراض

ورغم قدرته على الاستنساخ، حذّر الباحثون من أن نبات Balanophora يبقى شديد الحساسية للتغيرات البيئية، بسبب اعتماده على عدد محدود من أنواع الأشجار المضيفة، إضافة إلى تهديدات إزالة الغابات والجمع غير القانوني. ورغم أن معظم موائله في أوكيناوا تخضع للحماية، فإن المخاطر لا تزال قائمة.

أهمية علمية

وأكد الباحثون أن دراسة هذا النبات تفتح آفاقاً جديدة لفهم مسارات التطور والتكيف في النباتات الطفيلية، وتسهم في توثيق أشكال من الحياة النباتية القديمة التي قد تختفي قبل أن تُفهم بشكل كامل.

المصدر: New Phytologist