توصل علماء إلى أن مرض السكري من النوع الثاني يبدأ في التأثير على النظر في وقت أبكر بكثير مما كان يُعتقد سابقا، وقبل أن تتمكن الفحوصات العينية التقليدية من رصد أي تغيّرات واضحة. ويشير هذا الاكتشاف إلى أن العين قد تتأثر بالاضطرابات الأيضية في مراحل مبكرة جدامن المرض.
تغيّرات دقيقة في شبكية العين عند مرضى السكري
أظهرت دراسة أجراها فريق بحثي من جامعة كويمبرا، ونُشرت في مجلة Eye and Vision العلمية، أن شبكية العين تشهد تغيّرات بنيوية دقيقة حتى في المراحل المبكرة من السكري. هذه التغيّرات لا يمكن ملاحظتها أثناء الفحص العيني الروتيني، لأنها لا تؤثر بشكل مباشر في سماكة طبقات الشبكية.
تقنية تصوير متقدمة تكشف ما لا يظهر بالفحص التقليدي
اعتمد الباحثون على التصوير المقطعي التوافقي البصري (OCT)، لكنهم لم يكتفوا بقياس سماكة طبقات الشبكية كما هو شائع، بل ركزوا على تحليل البنية المجهرية للأنسجة، أو ما يُعرف بـ«نسيج الصورة».
وأظهرت النتائج أن التنظيم الداخلي للأنسجة والخصائص الوظيفية للطبقات المسؤولة عن نقل الإشارات البصرية تبدأ في التغيّر خلال فترة تتراوح بين 8 و12 أسبوعا فقط من تطور مرض السكري، حتى في غياب أي علامات واضحة لاعتلال الشبكية السكري.
تغيّرات مبكرة دون تلف في الحاجز الوقائي للعين
أكد الباحثون أن الحاجز الوقائي لشبكية العين ظل سليما خلال هذه المرحلة، مما يدل على أن التغيرات المكتشفة دقيقة للغاية ولا يمكن رصدها بالوسائل التقليدية. وهذا يشير إلى أن السكري يبدأ في «إعادة تنظيم» النظام البصري قبل ظهور أي تدهور ملحوظ في الرؤية.
العين كمؤشر مبكر للاضطرابات الأيضية
بحسب العلماء، تعكس هذه النتائج حقيقة مهمة، وهي أن العين قد تكون مؤشرا مبكرا على وجود اضطرابات أيضية في الجسم. فالتغيرات التي تصيب الشبكية قد تسبق الأعراض البصرية الواضحة بوقت طويل، مما يمنح الأطباء فرصة ثمينة للتدخل المبكر.
آفاق جديدة للتشخيص المبكر والوقاية
يشدد الباحثون على أن هذا النهج يفتح آفاقا جديدة للتشخيص المبكر لمضاعفات السكري المرتبطة بالنظر. كما يتيح تحديد المرضى الأكثر عرضة لخطر تلف الرؤية في مرحلة مبكرة جدا، قبل حدوث تغيّرات غير قابلة للعلاج، ما قد يسهم في تحسين فرص الوقاية والحفاظ على صحة العين على المدى الطويل.