جينات الإنسان وتأثيرها غير المباشر في ميكروبيوم الآخري
دراسات و أبحاث
جينات الإنسان وتأثيرها غير المباشر في ميكروبيوم الآخري
19 كانون الأول 2025 , 13:20 م

أظهرت دراسة علمية حديثة أن تكوين الميكروبيوم المعوي لا يتحدد فقط بالعوامل الوراثية الخاصة بالفرد، بل يمكن أن يتأثر أيضا بجينات الأشخاص الذين يعيش معهم. وأوضحت النتائج أن تبادل البكتيريا بين الأفراد المتعايشين قد يؤدي إلى تغييرات ملموسة في تركيبة البكتيريا المعوية، مع انعكاسات محتملة على الصحة العامة.

التفاعل الاجتماعي كوسيلة لنقل التأثير الجيني

أجرى باحثون من مركز التنظيم الجينومي في برشلونة وجامعة كاليفورنيا في سان دييغو دراسة شملت أكثر من أربعة آلاف جرذ، ونُشرت نتائجها في مجلة Nature Communications العلمية. وبيّنت الدراسة أن الجينات يمكن أن تؤثر في الميكروبيوم المعوي ليس فقط لدى حاملها، بل أيضا لدى الكائنات التي تشاركه البيئة المعيشية.

أظهرت التجربة أن التواصل الاجتماعي بين الجرذان يعزز انتقال البكتيريا، مما يسمح بانتشار التأثيرات الجينية بشكل غير مباشر. فعلى الرغم من أن الحمض النووي (DNA) لا ينتقل بين الأفراد، إلا أن الكائنات الدقيقة تنتقل بسهولة. وإذا كانت الخصائص الجينية لأحد الأفراد تهيئ بيئة مناسبة لنمو أنواع معينة من البكتيريا، فإن هذه البكتيريا قد تستقر أيضا لدى الأفراد الآخرين الذين يعيشون معه.

تصميم تجريبي دقيق لعزل العوامل البيئية

لفصل تأثير الجينات عن العوامل البيئية، تم إخضاع جميع الجرذان لنظام غذائي موحد، مع توزيعها على أربع مجموعات مستقلة في مؤسسات بحثية مختلفة داخل الولايات المتحدة. هذا التصميم سمح للعلماء بتحديد التأثيرات الجينية التي استمرت بغض النظر عن اختلاف ظروف التربية.

ثلاث روابط جينية رئيسية مع بكتيريا الأمعاء

حدد الباحثون ثلاث علاقات واضحة بين الجينات وأنواع معينة من بكتيريا الأمعاء:

العلاقة الأقوى كانت مع جين مسؤول عن إضافة السكريات إلى مخاط الأمعاء، والذي يرتبط ببكتيريا Paraprevotella التي تستخدم هذه السكريات كمصدر غذائي.

منطقتان جينيتان أخريان ارتبطتا ببكتيريا Firmicutes وMuribaculaceae، وهما من المكونات الأساسية للميكروبيوم لدى القوارض والبشر.

التأثير المباشر وغير المباشر للجينات

أحد أهم نتائج الدراسة كان التمييز بين التأثير الجيني المباشر على الميكروبيوم، والتأثير غير المباشر الناتج عن التعايش مع أفراد آخرين. وبالنسبة لبعض أنواع البكتيريا، خصوصا Muribaculaceae، تبين أن كلا النوعين من التأثير يلعبان دورا مهما. وعند احتساب التبادل الاجتماعي للبكتيريا، ارتفع إجمالي التأثير الجيني بمعدل يتراوح بين أربع إلى ثماني مرات، ما يشير إلى أن دور الجينات في تشكيل الميكروبيوم قد يكون أقل تقديرًا في الدراسات السابقة.

دلالات محتملة على صحة الإنسان

يرجح الباحثون أن آليات مشابهة قد تنطبق على البشر. فقد تم ربط جين بشري مشابه للجين المدروس لدى الجرذان سابقا بتركيبة الميككروبيوم، وبخطر الإصابة بمضاعفات عدوى كوفيد-19، وكذلك بأمراض مناعية ذاتية تصيب الكلى. وإذا ثبت أن التأثيرات الجينية تنتقل عبر الميكروبيوم داخل المجموعات الاجتماعية، فإن تأثير الوراثة على الصحة قد يتجاوز حدود الفرد الواحد ليشمل المحيط الاجتماعي بأكمله.

المصدر: Nature Communications