حاول فريق من العلماء الإسبان الإجابة عن سؤال شائع في الزراعة والتغذية: لماذا تذبل أوراق الخس وتفسد بسرعة رغم امتلاكها طبقة حماية طبيعية؟
وللإجابة عن هذا التساؤل، أجرى باحثون من جامعة مدريد التقنية وبالتعاون مع جامعتي مورسيا وفالنسيا دراسة متقدمة لتحديد ما وصفوه بـ«نقاط الضعف» في أوراق الخس، بهدف إيجاد حلول جديدة لإطالة عمره التخزيني بعد الحصاد.
الكيوتكل: درع واقٍ لكنه غير متجانس
تُغطّى أوراق النباتات وأجزاؤها الهوائية، مثل السيقان والثمار، بطبقة شبه شمعية غير منفذة للماء تُعرف باسم الكيوتكل.
وتتكوّن هذه الطبقة من دهون نباتية تعمل على:
تقليل فقدان الماء.
منع دخول الممرضات.
حماية الأنسجة النباتية من العوامل البيئية.
غير أن الباحثين أوضحوا أن هذه الطبقة ليست متجانسة بالكامل، إذ تحتوي على مناطق تطرد الماء وأخرى تجذبه، ما يؤثر في كفاءتها كحاجز وقائي.
تقنيات متقدمة لكشف البنية الدقيقة
لاكتشاف طبيعة هذا الخلل، استخدم العلماء المجهر الذري القوّي إلى جانب تقنيات تصوير متقدمة أخرى.
وأظهرت النتائج أن سطح أوراق الخس ليس طبقة شمعية متصلة، بل بنية «مرقّطة» وغير متجانسة على المستويين المجهري والنانوني.
اختيار الخس الروماني كنموذج للدراسة
ركّز الباحثون على صنف الخس الروماني (Romaine lettuce)، وهو من أكثر الأنواع شيوعاً، لكنه معروف بسرعة ذبوله وتعرّضه الشديد للتلوث الميكروبي.
ويرى العلماء أن هذه الخصائص تشير إلى أن طبقة الكيوتكل في هذا الصنف أقل كفاءة مقارنةً بنباتات أخرى في منع الجفاف ودخول مسببات الأمراض.
دور الثغور في فقدان الماء والتلف
يتكوّن سطح الورقة بشكل أساسي من نوعين من الخلايا:
خلايا البشرة.
الخلايا الحارسة التي تُشكّل الثغور.
تسمح الثغور بدخول ثاني أكسيد الكربون اللازم لعملية البناء الضوئي، لكنها في الوقت نفسه تُعد منفذاً لخروج بخار الماء.
وأظهر التحليل أن:
خلايا البشرة تمتلك سطحاً متجانساً غنياً بالدهون الطاردة للماء.
بينما تتميز الثغور بسطح غير متجانس كيميائياً، يضم مناطق محبة للماء وأخرى كارهة له.
نقاط ضعف تزيد فقدان الماء والتلوث
يرجّح العلماء أن المناطق المحبة للماء في الثغور:
تسهّل تبخر الماء من الأوراق.
تزيد قابلية الأوراق للإصابة بالبكتيريا والفيروسات.
تسرّع من تلف الخس بعد الحصاد وأثناء التخزين.
كما قد يؤثر هذا التركيب غير المتجانس في الخصائص الميكانيكية للورقة وفي تنظيم تبادل الغازات.
نحو إطالة العمر التخزيني للخضروات
أشار الفريق البحثي إلى أن هذه النتائج تفتح المجال أمام:
تطوير طرق جديدة لحماية الخس بعد الحصاد.
تحسين تقنيات التخزين والنقل.
تقليل الفاقد الغذائي.
ويخطط العلماء لتوسيع نطاق أبحاثهم لتشمل أنواعاً أخرى من الخضروات والفواكه، بهدف الوصول إلى حلول عامة لتحسين جودة المنتجات الزراعية وإطالة فترة صلاحيتها.