يطرح د. عوض التحولات المتسارعة في الإقليم خلال العامين الأخيرين التي تشير إلى دخول الشرق الأوسط مرحلة إعادة تركيب جيوسياسي عميق، تتجاوز منطق إدارة الأزمات إلى منطق إعادة تعريف الكيانات والوظائف السياسية. في هذا السياق، يبرز لبنان بوصفه ساحة اختبار مركزية لمشروع تفكيك–إعادة تركيب تقوده الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، وفق مقاربة مختلفة جذريًا عن نمط الدولة الأميركية التقليدية.
*أولًا:لبنان في قلب إعادة التشكيل الجيوسياسي وفق مخطط السمسرة الجيوسياسية :*
في هذا اللقاء يحذر د.عوض أن لبنان يقف على عتبة قرار دولي بتفكيك كيانه السياسي خلال الفترة الفاصلة بين نهاية 2025 وبداية 2026، ضمن إعادة هيكلة جيوسياسية شاملة لبلاد الشام والرافدين، تقودها إدارة ترامب الثانية بعقلية “السمسرة الجيوسياسية” لا الدولة المؤسسية التقليدية.
وينطلق من تحليل خطاب سياسي يرى أن لبنان لم يعد مجرد ساحة صراع بالوكالة، بل أصبح هدفًا مباشرًا لعملية تفكيك منظمة، تُدار بأدوات اقتصادية وأمنية ونخبوية، ضمن مشروع إقليمي أشمل يمتد من غزة إلى الجولان وجنوب لبنان.
*ثانيًا: الإطار الدولي الحاكم – من الدولة إلى شركة الصفقات*
يوضح د.عوض أن إدارة ترامب الثانية تمثل قطيعة بنيوية مع النموذج المؤسسي الأميركي الذي حكم السياسة الخارجية لعقود. لم تعد الدولة العميقة، بمؤسساتها وقواعدها، هي الفاعل المركزي، بل حلّ محلها نمط “حكم الصفقة”، حيث تُدار الجغرافيا والثروات كأصول قابلة للمقايضة.
تتشكل دائرة القرار من فريق ضيق (ترامب، كوشنر، توماس براك)، يعمل بمنطق السمسرة الجيوسياسية، ويعيد ترتيب الشرق الأوسط بما يخدم:
- السيطرة على موارد الطاقة ومساراتها،
- خنق أوروبا استراتيجيًا عبر شرق المتوسط،
- محاصرة الصين وروسيا من بوابة الطاقة والممرات.
ضمن هذا المنطق، لا تُحمى الكيانات الضعيفة، بل تُستثمر هشاشتها.
*ثالثًا: لبنان كهدف مباشر لا كساحة ثانوية*
يُقدَّم لبنان في هذا الإطار بوصفه كيانًا تقرر تفكيكه لا مجرد الضغط عليه. التفكيك هنا لا يعني بالضرورة حربًا شاملة، بل عملية تدريجية تقوم على:
- شلّ وظيفة الدولة وتحويل مؤسساتها، وخصوصًا الجيش، إلى أداة أمنية منضبطة ضمن “الأوردر الإسرائيلي”.
- تعميق الانقسام الأهلي واستنزاف النخب السياسية عبر حملات داخلية وخارجية.
- إغراءات اقتصادية موجهة، خصوصًا للبيئات الحاضنة للمقاومة، تُقدَّم كبدائل عن الصراع مقابل “الاستقرار”.
- تجميد السلاح بدل استخدامه، باعتباره الشكل الأكثر فعالية لنزع القدرة الردعية دون مواجهة.
يرى التحليل أن خطورة هذه المقاربة تكمن في أنها تُفكك الكيان من الداخل، دون كلفة عسكرية مباشرة على الخارج.
*رابعًا: التوقيت الحاسم (شتاء 2026)*
يُحدد د.عوض الفترة الممتدة بين كانون الثاني وشباط 2026 بوصفها لحظة مفصلية. خلال هذه المرحلة، يُرجَّح الانتقال من مرحلة الإعداد إلى مرحلة فرض الوقائع:
- إما تثبيت لبنان ككيان منزوع الإرادة والسيادة،
- أو دخوله مسار التفكك الوظيفي، بما يشبه “الانتداب غير المعلن”.
التوقيت ليس عشوائيًا، بل مرتبط بإيقاع داخلي أميركي (الانتخابات النصفية) وبنضوج ملفات الإقليم الأخرى.
*خامسًا: ترابط الساحات الإقليمية*
يؤكد د. عوض أن مصير لبنان لا يُفهم بمعزل عن محيطه ويرسم خارطة ذهنية توضح أوضاع المنطقة المؤثرة في بنية الوضع اللبناني من:
- سوريا: حيث تُقدَّم السلطة القائمة بوصفها كيانًا هشًا فاقدًا للشرعية الوظيفية، مع ترجيح إعادة تفكيكها أو إعادة تشكيلها في 2026، في ظل صراع تركي–إسرائيلي مكتوم.
- العراق: مرشح لحدث صادم يُستثمر لإخراج إيران من عمقه الاستراتيجي، على غرار تحولات كبرى سابقة.
- الأردن: يُعاد طرحه ضمن معادلات “الوطن البديل” أو كمنطقة عازلة للضفة الغربية. وهنا يؤكد د.عوض مرة أخرى على منهجه في أن الأردن ستكون اوستراد التحرير مع الضفة الغربية وأن العبور سيكون من الجولان؛ ويقدم لتصور صادم بأن الأردن المعول عليه إسرائيليا أن يكون وطنا بديلا سيكون جبهة إسناد حاسمة.
- إيران: الهدف الاستراتيجي النهائي. غير أن المواجهة تتحول من الصدام الخارجي إلى التفكيك الداخلي والأطراف وذلك لتحقيق ما يراه د.عوض قرارا لا رجعة عنه من دوائر القرار الأمريكي والإسرائيلي بتفكيك إيران وإسقاط النظام فيها.
*سادسًا: حدود المشروع الأميركي وإشكالياته:*
على الرغم من خطورة المشروع، لا يقدّمه د.عوض بوصفه حتمي النجاح. إذ تبرز مجموعة من عوامل الإعاقة:
- الانقسام الداخلي الأميركي وصعود قوى معارضة لترامبية الصفقات،
- هشاشة منطق “السمسرة السياسية” أمام مجتمعات تمتلك ذاكرة مقاومة،
- تشكّل توازنات إقليمية مرنة (تركيا، مصر، السعودية، باكستان) ترفض الذهاب إلى النهاية،
- استحالة الحسم مع روسيا والصين.
ما يجعل المشروع قابلًا للتعطيل، وإن كان غير قابل للتجاهل وفق طرح د.عوض.
*الخلاصة: لبنان بين التفكيك وإعادة إنتاج الذات*
يخلص تحليل د.عوض إلى أن مصير لبنان ليس قدرًا مكتوبًا، بل نتيجة خيارات سياسية–مجتمعية. فإما:
- الانزلاق إلى نموذج الدولة الوظيفية المنزوعة السيادة،
- أو إنتاج حد أدنى من وحدة وطنية وظيفية، ترفض مقايضة الاقتصاد بالسيادة، وتمنع تحويل الدولة إلى أداة أمنية في مشروع خارجي.
في هذا المعنى، لا يُختبر لبنان وحده، بل يُختبر مستقبل الكيانات الهشة في الشرق الأوسط بأسره.
بتاريخ: 21.12.25
لمتابعة الحلقة كاملة على الرابط
https://youtu.be/mom0eWtLMHg?si=91R-7dLs4AMSBSzZ
Attachments area
Preview YouTube video سماسرة 5 سيقلبون المنطقة بـ2026..ميخائيل عوض:لن يبقى كيان لبناني تفكيك الاردن واغتيال صاعق في العراقPreview YouTube video سماسرة 5 سيقلبون المنطقة بـ2026..ميخائيل عوض:لن يبقى كيان لبناني تفكيك الاردن واغتيال صاعق في العراق