يمتلك الإنسان في كل يد وكل قدم خمسة أصابع، لكن لماذا هذا العدد تحديدا؟ يعود السبب إلى التاريخ التطوري البعيد لجميع الفقاريات البرية، ويرتبط بالتراث الجيني الذي يمتد إلى أسلافنا من الأسماك.
الجواب المبسط هو أن البنية الخماسية للأصابع هي نتيجة طويلة لمسار التطور، لكن فهم التفاصيل يتطلب النظر في علم الوراثة وعلم الحفريات.
من الأسماك إلى البرمائيات: بداية تطور الأطراف
بحسب منشورات Popular Science، جميع الفقاريات الرباعية (البرمائيات، الزواحف، الطيور، والثدييات) تعود إلى سلف مشترك – سمكة قديمة. قبل حوالي 360 مليون سنة في العصر الديفوني، بدأت الأسماك بتطوير أطراف تساعدها على التحرك على اليابسة.
أظهرت الحفريات أن أول القوارض الرباعية كان لديها ما يصل إلى ثمانية أصابع في كل طرف، لكن مع مرور الوقت اختفت الأصابع الزائدة وأصبح النمط الخماسي للأصابع هو القياسي، وتم تثبيته جينيا عبر جينات Hox، وهي الجينات المسؤولة عن تحديد ترتيب أجزاء الجسم والأعضاء والأطراف في الجنين.
الحفاظ على النمط الخماسي عبر الأجيال
تم توريث هذا النمط الوراثي الخماسي لجميع الأجيال التالية من الفقاريات. ومن المثير أن أكثر من 99% من الفقاريات الحديثة ما زالت تحتفظ بهذا النمط، حتى إذا تغير شكل الأطراف بشكل كبير.
على سبيل المثال:
الحيتان والفقمات: تحت الزعانف مخلفات خمسة أصابع.
الأجنة في الخيول والطيور: تظهر في المراحل المبكرة خمسة أصابع، تتحول لاحقا إلى حوافر أو أصابع مختزلة.
الأدلة الجينية الحديثة
في عام 2016، أجرى فريق بقيادة تيتسويا ناكامورا من جامعة روتجرز دراسة باستخدام تقنية CRISPR-Cas على سمك الزرد (Danio rerio). درس الباحثون تطور شعاع الزعانف، وهي الهياكل العظمية التي تدعم الزعانف، وحذفوا جينات Hox الضرورية لتكوين الأطراف.
أظهرت النتائج صلة جينية مباشرة بين شعاع الزعانف عند الأسماك وأصابع اليدين والقدمين عند الرباعيات، مما يؤكد أن أصابع الإنسان تطورت من شعاع زعانف الأسماك القديمة.
الأسئلة غير المحلولة وآفاق البحث
رغم هذا الاكتشاف، لا تزال هناك أسئلة حول الآليات الجزيئية التي حولت شعاع الزعانف إلى أصابع خلال انتقال الحيوانات إلى اليابسة. وتوفر أدوات علم الوراثة الحديثة أملا في فهم هذه العمليات بشكل أفضل في المستقبل.
تطور الأطراف بالكامل: أكثر من مجرد أصابع
تاريخ الأطراف لا يقتصر على الأصابع:
الأرجل الخلفية للفقاريات البرية تطورت من زعانف الحوض لدى الأسماك.
الهيكل العظمي للكتف نشأ من القوس الخيشومي لدعم الخياشيم.
فصل الجمجمة عن الحزام الكتفي أتاح تكوين الرقبة، ما سمح بتحريك الرأس بشكل مستقل.
باختصار، الأطراف الخماسية مثال على الابتكار التطوري، حيث تم تعديل هياكل موجودة سابقا لتناسب الحياة على اليابسة، وتم ترسيخ هذا النجاح في الشيفرة الجينية لملايين الأجيال المستقبلية.