نجح علماء أحياء جزيئية من الصين في تطوير جزيء بروتيني قصير قادر على تنظيم حساسية خلايا الجسم للإنسولين بطريقة مرنة، مما أسهم في حماية الفئران من تطور مرض السكري.
وأوضح الباحثون أن هذا الجزيء يشبه في تركيبه بروتين ATG7، وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة PNAS العلمية المرموقة، وفق ما نقلته وكالة تاس – قسم العلوم (ТАСС Наука).
دور بروتين ATG7 في تنظيم الاستقلاب
أشار العلماء إلى أنهم كشفوا عن دور غير معروف سابقا لبروتين ATG7 في تنظيم عمليات الأيض وحساسية الخلايا للإنسولين.
وجاء في نص الدراسة:
«تمكّنا من تطوير ببتيد قصير يُعرف باسم Aap2، يحاكي التأثير الإيجابي لبروتين ATG7 على الخلايا، واستخدمناه لتحسين التحكم في مستويات السكر في الدم لدى فئران مصابة بالسكري من النوعين الأول والثاني».
بحث دولي حول الالتهام الذاتي (Autophagy)
أُنجز هذا الاكتشاف على يد فريق بحثي يضم علماء من الصين واليابان وأوروبا، بقيادة البروفيسور تساو ليو من الجامعة الطبية الصينية في مدينة شنيانغ.
وتركّزت الدراسة على فهم دور الالتهام الذاتي (الأوتوفاجي)، وهي مجموعة من العمليات الخلوية التي تقوم فيها الخلايا بتفكيك وإعادة تدوير البروتينات التالفة والمخلّفات الخلوية الناتجة عن النشاط الحيوي.
كيف يؤثر الإنسولين في نشاط الجينات؟
لفهم العلاقة بين الأوتوفاجي والسكري، راقب الباحثون التغيرات في نشاط الجينات المرتبطة بهذه العملية داخل أجسام فئران سليمة بعد إعطائها حقنا من الإنسولين.
وأظهرت التجارب أن:
حقن الإنسولين أدت إلى تنشيط جين مسؤول عن إنتاج بروتين ATG7
هذا التنشيط ظهر في أنواع محددة من خلايا الجسم
تنظيم السكر بين الكبد والعضلات
لاحظ العلماء أن هذه التغيرات ترافقها:
تخزين المواد الغذائية داخل خلايا الكبد
حرق هذه المواد داخل خلايا العضلات
وهو ما أكد وجود صلة مباشرة بين بروتين ATG7:
وتنظيم عمليات الأيض
والتحكم في استجابة الجسم للإنسولين
كما تبيّن أن بروتين ATG7 يُنتَج في الخلايا العضلية تحت تأثير الإنسولين، ثم يُنقل إلى الكبد، حيث يحفّزه على امتصاص الغلوكوز من الدم بشكل أكثر كفاءة.
ما الذي يحدث عند الإصابة بالسكري؟
أظهرت المتابعة أن هذه الآلية تصبح أبطأ عند الإصابة بالسكري، ما يؤدي إلى:
انخفاض كفاءة عمل الإنسولين
تراجع قدرة الجسم على ضبط مستويات السكر في الدم
وهذا الخلل يُعد من الأسباب الأساسية لتطور مقاومة الإنسولين.
جزيء Aap2: أمل علاجي جديد
بناءً على هذه النتائج، قام الباحثون بتطوير جزيء Aap2، وهو نسخة مختصرة من الببتيد المرتبط ببروتين ATG7.
وأظهرت التجارب أن:
الجزيء حفّز كبد الفئران على امتصاص الغلوكوز بفعالية
ساعد في تطبيع مستويات السكر في الدم
منع تطور مقاومة الإنسولين لدى فئران مصابة بالسكري من النوعين الأول والثاني
ويرى العلماء أن هذه النتائج تفتح الباب أمام تطوير علاجات جديدة وواعدة لمرض السكري.
السكري بالأرقام: مشكلة صحية عالمية
بحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية (WHO):
يعاني نحو 830 مليون شخص حول العالم من السكري بنوعيه الأول والثاني
ويحدث:
السكري من النوع الأول نتيجة أمراض مناعية ذاتية
السكري من النوع الثاني بسبب الارتفاع المزمن في سكر الدم وتراجع استجابة الخلايا للإنسولين
ولا يزال العلماء منذ عقود يدرسون عوامل الخطر وآليات تطور هذه الأمراض وتأثيراتها الصحية طويلة الأمد.