كتب الكاتب ناجي الزعبي:
استمعت لمحادثة هاتفية على راديو ميلودي لشاب اردني توفي والده قبل بضعة ايام فوجد نفسه امام مسؤوليات تفوق قدراته المعدومة اصلاً ، ولا يملك اجرة منزله ومهدد بالطرد منه ، وما يقي اسرته شر العوز والجوع ، ولا يجد فرصة للعمل ليبتاع الطعام لاسرته والعلاج لوالدته ويدفع اجرة منزله يقول بالمكالمة :
شاب صغير السن تيتم حديثاً يعاني من انعدام فرص العمل ومن الفقر وبحاجة لعلاج امه ودفع اجرة منزله ولا يجد عملا لذا فقد فكر مضطراً للذهاب للعمل باسرائيل لانعدام فرص العمل بالاردن .
بالطبع هذا منحى كارثي خطير ومرفوض ، لكن قبل ان نغرق بالرومانسية السياسية ونكرر خطابنا الانشائي عن ان الاردن ارض الحشد والرباط الذي لا نعلم حشد ورباط لمن ، ومن يستهدف ؟، وانه على الشاب ان يموت ولا يقول ساذهب للعمل لدى عدونا .
صحيح ينبغي الا يفكر احدنا مجرد تفكير بهذا الخيار لكن شريطة ان يحظى برعاية الدولة وبعدالتها ، وبتوفير فرص العمل والعلاج والتعليم .
لماذا لا يقول الاعلام ذلك لمن نهب الوطن دون ان يقدم له شيئا ويذهب للعلاج لدى عدونا ويقيم العلاقات معه؟
لا مطالبة الشاب الذي يعاني من انعدام فرص العمل والفقر المدقع والتهديد بالطرد من منزله بعد وفاة والده
و ( غياب الوعي والحصانة الفكرية السياسية) بسبب التعليم اوالاعلام الهابط وبسبب التجهيل والافقار والظلم والاستبداد وتجريف الحياة السياسية ، وتدجين القوى السياسية والفكرية والثقافية .
واشاعة الفكر الفردي الاستهلاكي وثقافة العبودية والرق الناجمة عن قلب معادلة مجتمع الانتاج لمجتمع الوظيفة التي هي في جوهرها وجه العبودية الاخر ان يأخذ مواقف وطنية .
اذا وقبل ان ندين الشاب حديث الخبرة والذي وجد نفسه امام مسؤوليات لاقبل له بها بسب وفاة والده ، ووجد نفسه عاجزاً عن الوفاء بمسؤوليات اسرته لانعدام فرص العمل وانسداد الافق والفقر لاستئثار فئة وطبقة مترفة تتمتع بكل شئ ...بالثروات والموارد والمكاسب ، وغير مسلح بوعي سياسي وطني فقد نزعوا كل ما يمت للوطن والوطنية من المناهج التربوية ومن الثقافة والفكر والتعليم والاعلام وحتى من الديانات .
كان على المذيع تبني قضية هذا الشاب وجيل الشباب الذي يعاني من البطالة وانعدام فرص العمل والجهل والظلم والاستبداد ، ومطالبة الدولة بمعالجة شمولية لمثل هذه المآسي الفردية التي باتت تشكل ظاهرة اجتماعية مهددة بالانفجار في اي لحظة ، وفضح من فتح بوابات العمالة والتطبيع للعدو ، وطرح الحلول وليس المزاودة على الجوعى والمحرومين .
وكما قال مظفر النواب : لا تلم الكافر
في هذا الزمن الكافر
فالجوع ابو الكفار
كان على المذيع ان يحتضن قضية هذا الشاب وشباب الوطن كله بروح ابوية او اخوية او مسؤولة ، ولا يلقي المواعظ ، ففي الوقت الذي كان من واجبه تبني قضية الفقر والتهميش وتسليط الضؤ على الفساد واللصوص وطبقة الكمبرادور التي امتصت عرق وكدح شعبنا واقامت العلاقة مع العدو وطبعت معه يكيل اللوم للشاب
ويضعه امام خيار واحد الجوع والموت والهتاف للوطن الذي اختطفته طغمة والقت بالاخرين للآفات الاجتماعية الخطيرة او كما يقول الشاعر :
القاه في اليم مكتوفاً وقال له
اياك اياك ان تبتل بالماء
لا تعظني بل دلني على الطريق ولا تعطيني الحطب بل اعطني فأساً لأحتطب .
ناجي الزعبي
2020/11/24