كتب حليم خاتون:
تحوي مفكرة هوليوود الأميركية، آلاف الأفلام التي تُزوِّر التاريخ البشري.هذا لا يعني انعدام وجود أفلام ذات قيمة فنية وثقافية عالية هناك، ولكن هذا يبقى استثناءً أكثر منه قاعدة, ويبقى الطابع الغالب، على هوليوود، دعايات مباشرة أو غير مباشرة للغرب الاستعماري
والإمبريالية.
تتميز قصة پوكاهونتاس بسرد قصة علاقة حب بين إبنة أحد زعماء قبيلة هندية أميركية مع أحد المستوطنين الآتين إلى العالم الجديد, ولأن الكذب الفاضح الذي انتشر طويلا حول وحشية الهنود الحمر، وشرعية قتلهم، لم تعد تلقى قبولا، انتقلت هوليوود إلى الدعاية غير المباشرة، حيث هناك أشرار في الطرفين, هناك هنود حمر أشرار ومتوحشون يريدون قتل الرجل الأبيض، حتى لو كان طيبا, وهناك رجال بيض أشرار يكرهون أن يكون هناك سلام بين المستوطنين البيض وسكان البلاد الأصليين.
في الأدبيات الصهيونية ما قبل تأسيس الكيان المغتصب"إسرائيل"، كان الصهاينة يتشدقون بالأخوّة مع الفلسطينيين، تماماً كما يفعلون اليوم مع الخليجيين.
تُمثِّل پوكاهونتاس وحبيبها الأبيض الأناس الطيبين في الطرفين, هناك الكثير من القصص والأساطير التي قيلت في ما حدث...ولكن المؤكّد أن هوليوود استغلت القصة، لتبرئة أجداد الأميركيين البيض من إحدى أكبر الجرائم ضد الإنسانية، التي حدثت على مدى التاريخ البشري.
لقد عملت الأبواق الصهيونية، وساعدت على عدم نسيان الجرائم النازية ضد اليهود إلى درجة المبالغة في تظهير هذه الجرائم على حساب الجرائم التي ارْتُكِبت ضد مجموعات بشرية أخرى.
يقول الأرشيف الرسمي الأوروبي، الممنوع التشكيك فيه تحت طائلة السجن والغرامة: إنّ النازيين قاموا بتصفية أكثر من ستة ملايين يهودي, في نفس الوقت الذي يتجاهل فيه نفس هذا الأرشيف الأوروبي عشرين مليون سلافي وملايين الغجر الذين أبادهم النازيون بعد استغلالهم طيلة سنوات الحرب العالمية الثانية.
ومع أن قصصاً خرجت مؤخراً أكدّت صحة وجود پوكاهونتاس وإن اختلف المؤرخون بين من قال: إنها عاشت أسيرة تعيسة في الغرب الاستعماري، وبين من قال: إنّها لم تستطع تحمُّل الغربة، وعادت إلى موطنها، دون ذكر تفاصيل ما حلّ بقبيلتها التي من المؤكد، أنها واجهت نفس مصير كل قبائل الهنود الحمر.
محمد بن سلمان ومن يسير على نهجه في بلاد الحجاز، هم الصورة طبق الأصل لپوكاهونتاس.. محمد بن سلمان، المأخوذ "بعظمة" أميركا و"طيبتها"، والذي يؤمن بأنّ شرعيته المشكوك بأمرها، يُمكنه تحقيقها على أيدي الأميركيين, مصير محمد بن سلمان سوف يكون بالتأكيد كمصير پوكاهونتاس, فلا هو قادر أن يصير أميركياً، ولا الأميركان سوف ينظرون إليه يوماً كَنَدٍّ لهم.
وكما بقيت پوكاهونتاس، تلك الهندية "المتوحشة" الآتية من مجتمع بدائي، كذلك سوف يظلّ ابن سلمان ذلك البدوي"كيس فلوسٍ" يريد الأميركي السطو عليه.
قد ينجح محمد بن سلمان في بناء مدينة "نيوم" في الصحراء, وربما يستطيع يوماً بناء مدينة مثل لاس فيغاس.
بالاسم سوف تكون هذه مدن "سعودية"، لكن بالفعل، سوف تتبع لأميركا وإسرائيل بينما يتحرك هو إلى أجلٍ ما، تحت حمايتهم، إلى أن ينتهي دوره كمن انتهت أدوارهم من الذين عزلهم هو وأبوه.
في الإمارات، تختلف القصة بعض الشيء. يبدو وكأن الإماراتيين غضبوا لأن بقية الأمة لم توافق على أفعالهم.
وكالولد الشَّقيّ، راح يدور حول البيت، يكسر كل شيء ويصفع كل من يُصادفه اعتقد ابن زايد أن الأمة سوف تهرول إليه تمجيدا.
منذ سنين، وبفعل النفط، تكاثرت أمواله، حتى خال نفسه ظلّ الله على الأرض, يعتقد ابن زايد أنّ أكياس المال المُكدسّة في خزائنه تعطيه قيمة يفتقدها من الأساس.
يذهب إلى مصر العظيمة، فينحني له عبد الفتّاح السيسي.فيظن لوهلةٍ أن مصر هي المنحنية.
يرسل بعض المرتزقة ممن اشترى، إلى ليبيا واليمن، فيتوّهم أن"أبو ظبي" صارت بأهمية واشنطن أو موسكو أو بكين في اتخاذ القرارات الكبيرة.
يوماً يُهدد الفلسطينيين، ويوماً آخر ينظر باحتقار إلى سكان بلاد الأرز, هؤلاء الفقراء المُعدمون، يجب أن يُظهروا له ولاء الطاعة.
أليس هوخزينة المال؟
يعتقد أنه أخذ دور بيروت، لأنه سطا على اقتصادها، في مسار تاريخي مُدبّر ومشكوك في مساره وأسبابه.
ولأنه لم يستطع السطو على بيروت الثقافة، رغم الملايين التي استثمرها في استضافات ثقافية لا تعني شيئا، غضب وزاد تملُّقاً للإسرائيليين علّهُ يستطيع معهم تحقيق ما لن يستطيع لا هو، ولا الذين (...)، أن يحققوه.
في فم ابن زايد أشواك فلسطينية ولبنانية لن يستطيع اقتلاعها، حتى ولو اقتلع كل اسنانه، بل حتى ولو اقتلع رأسه الفارغ، سيظل شبح المقاوم يدوس بجزمته على هذا الرأس.
لقد استطاع ابن زايد شراء دحلان، واستطاع شراء السيسي.وربما سوف يشتري عباس, له في لبنان، كثير من المقتنيات البشرية التافهة مثله ومثل أمثاله من الصغار الصغار الذين يقفون أمام مرآة التكبير،
فيصدِّقون هذه المرآة الكاذبة.
عندما يشتم الجاهل الغبي الذات الإلهية، يعتقد أنه كَبُر، رغم وضاعته وحقارته, كذلك حال ابن زايد، أخذته العزة بالإثم، هو آثم بكل تأكيد، لكن هيهات أن يصير يوماً عزيزا.