منذ ان وقع اتفاق الذل والعار اوسلو , وما تلاه من تراجع القضيه الفلسطينيه لتتحول الى خبر موسمى على شبكات الاخبار , ومنذ مجىء عباس وايغاله فى التعاون الامنى مع العدو وتتويج ذلك التعاون بالتنسيق الامنى الذى يحلو له تسميته بالمقدس , منذ ذلك الوقت وشعبنا الفلسطينى يمر فى مرحلة المخاض , المخاض الذى يسبق البركان .
صحيح ان فترة المخاض قد طالت , لكن ذلك لا يعني ان الحمل كاذب , فالولاده قادمه لا محاله , وما الحراك الذى نراه اليوم الا مؤشر على قرب الولاده , والبديل الثورى قادم , وقد تختلف الاسماء , فالبعض قد يسميه مسار ثورى , والبعض الاخر قد يسميه جبهه وطنيه عريضه , كل هذا لا يهم , فالمهم هو ان يمتلك البديل الرؤيه السياسيه الواضحه والقائمه على النظريه الثوريه , وان يكون متناغما مع نبض الشارع الفلسطينى وفى كافة اماكن تواجد الشعب الفلسطينى .
العموميات والكلمات البراقه لا تصنع بديلا , قد تصنع وهجا سريعا ما يخبو , لكنها وبالتاكيد لن تصنع بديلا ثوريا , الفذلكات الفلسفيه واللغويه لا تخلق قاعده شعبيه , ولا يمكن لاى بديل ان يكون بديلا ما لم يرتكز على القاعده الشعبيه , ولكي يرتكز على القاعده الشعبيه عليه ان يعبر عن امال وتطلعات وحس القاعده الشعبيه .
ان تجربة ما سمى بالربيع العربى او حراكات الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعى , تؤكد ان هذه الظاهره انتهت من حيث ابتدات , ولم تنتج اي تغيير فكرى ثورى , فالتغيير لا يصنعه الا الفكر الثورى المنظم ,
ان اى قارىء سياسى لما سمى بحراكات الربيع العربى لا بد وان يقف امام هذه الظاهره الفيسبوكيه التى استطاعت ان تحرك الشارع فى حراك عشوائى , كانت تقف خلفه اجهزة المخابرات الغربيه تحت غطاء مؤسسات التنميه وحقوق الانسان , كمؤسسة اتبور وغيرها , وقد راينا شعار اتبور ( قبضة اليد ) يرتفع فى ساحات مصر ولبنان , صحيح ان الاصوات كانت تعلو مطالبه بالتغيير ورحيل الانظمه القائمه , ولكن دون تقديم بديل تنظيمي فكرى ثورى منظم , فلم يكن هناك برامج سياسيه او اقتصاديه او فكريه اجتماعيه , فقط شعار ارحل , اما ماذا بعد الرحيل , فهذا ما كان مفقودا وبالطبع لم يكن مفقودا عن عبث , فالهدف للاجهزه المخابراتيه كان خلق الفراغ بعد الرحيل , الفراغ الذى كانت تنظر به الاداره الامريكيه تحت مسمى الفوضى الخلاقه , وقد ظهر ذلك جليا فى الحاله الليبيه .
ما سبق يقودنا الى الاستنتاج بان اى حراك شبابي ينطلق من الاندفاع والحماس الشبابى , لن يصنع تغييرا ما لم يكن مقرونا بالوعي السياسي المبني على النظريه الثوريه ووضوح الرؤيا السياسيه . نعم نريد التغيير ونريد ونسعى من اجل البديل , لكننا لا نريد اى بديل , بل وبالتحديد نريد بديلا ثوريا