كتب الأستاذ حليم خاتون:
من أمير المؤمنين علي،
إلى الأمة الإسلامية،"ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلاً ونهارا، سراً وإعلانا، وقلت لكم،
أغزوهم قبل أن يغزوكم،
فوالله ما غُزي قوم في عقر دارهم إلا ذلّوا..."
لم يُستشهد قاسم سليماني، ولا أبو مهدي المهندس في باحة البيت الأبيض.
ولا استُشهد البروفيسور محسن فخري زادة في باحة كنيست نيويورك أو موسكو.
وعماد مغنية وآلاف الشهداء، سقطوا في ساحاتنا وقرانا بين أهلنا.
حتى شهداؤنا الذين سقطوا غربا أو شرقا كانوا إنما يردّون على كيد المعتدين.
أول أمس، بلع دونالد ترامب ريقه قبل أن يبول
في سرواله، وأصدر الأمر بانسحاب كل طاقم السفارة الأميركية من بغداد.
جاء من همس في أذنيه الطويلتين، وقال له: إنّ الأميركيين أرسلوا بين ٢٥٠ و٥٠٠ ألف جندي لاحتلال العراق وانتهت القصة بهربهم من هناك بعد بضع سنوات.
صحيح أن الأميركيين صفّوا خيرة الكوادر العلمية والعسكرية.
وصحيح أن الموساد لاحق وصفّى، بناءً على داتا الأميركيين، كل من يمكن أن يعيد بناء العراق في المستقبلين القريب والأوسط.
خلال أقل من عشرة أعوام قام الأميركيون والصهاينة بقتل أو تهجير أكثر من ثلث الشعب العراقي.
اختاروا النخبة الفكرية والبدنية، وقضوا عليها.
بمقاييس علم الاجتماع، هذا له تسمية واحدة فقط،
مجزرة بشرية بحق دولة أكثر عراقة من سارقي أرض الهنود الحمر.
منذ ما قبل سقوط الخلافة العثمانية سيئة الذكر،
والشرق يتعرّض لكل أنواع الاضطهاد والملاحقة.
وحتى اليوم، يبدو وكأن التاريخ نسي وجودنا.
هل هي لعنة إلٰهية حلت في هذه الأرض؟
كان الغرب أكثر ذكاءً منا.
جاء المستشرقون وقرأوا ودرسوا تاريخنا.
وجدوا أن هذا التاريخ لا يخلو من انحطاط فكري بدأ بشتم أمير نهج البلاغة
على منابر المساجد، وانتهى بفلسفة التوحش والحيوانية على يدي ابن تيمية ليستقر أكثر توحشا وجهلا عند محمد بن عبد الوهاب، وأحفاده بني سعود وأقرانهم ممن هدموا مقامات وبيوت الصحابة بداعي رفض البدع، وبنوا المتاحف التي عُرضت فيها "مقتنيات تاريخية" من مثل سروال عبد العزيز بن سعود..
القواعد الأميركية على امتداد العالمين العربي والإسلامي، هي بالطبع تعبير عن ""الصداقة والأخوة"" التي يجب أن تربطنا طالما أن طويل العمر تآخى مع أسياده.
الحديث هنا لا يدور، ولا يجب أن يدور عن تلك الدمى المنتشرة في بلاد الأعراب، حيث جزمة الأميركي والصهيوني هي التي تتكلم.
الحديث يدور عن بلاد أخذت حريتها بعد أن دفعت دماء غزيرة.
بلاد حرة، ولكنها في حيرة من أمرها.
هل ترّد على من استباح حرمة أراضيها، أم تنتظر وعوداً فارغة، ماضيها يكشف حاضرها ومستقبلها.
ألم يكن بايدن في الإدارة التي بادرت إلى الاعتداء قبل حتى أن يجف حبر الاتفاق النووي؟
أليس بايدن هو القائل:
"لو لم تكن توجد إسرائيل، لتوجب علينا إيجادها.."ألم يكن بايدن، نائب باراك حسين أوباما، الذي خطط ودمّر سوريا؟
كم من الدواعش وصل إلينا وكم من الإيغور والشيشان وجاهليي شمال أفريقيا وبلاد المشرق والمغرب أرسلهم بايدن وأسياده ممن يراهن البعض اليوم على الهدنة معه...
طالما للأفعى أنياب، هي لن تعطيك القبلات.
هذه الأفعى لها من الرؤوس ما لم نره حتى في الأساطير القديمة.
في كل بلد من بلادنا وضعت لنفسها رأسا أو أكثر، وبعضنا يُصدِّق أن في أنيابها العسل.
على كلٍّ، الحمدلله الذي جعل بينهم من الحمقى ما يكفي لفتح أعين بعضنا على الحقائق التي تقول:
إنّه ليس للعقرب من قانون يحرّم اللدغ.
وبانتظار أن تأتي اللدغة التي سوف تشعل الحرب المنتظرة،
تذكروا أنهم هم من أتى إلى عقر ديارنا غازيا حينا،
ومُتخفيا أحيانا..