كتب حليم خاتون: 
أخبار وتقارير
كتب حليم خاتون: "ترشيد الدعم" أم استمرار سطو الأغنياء على مال المودعين.
حليم خاتون
10 كانون الأول 2020 , 19:42 م
كتب حليم خاتون:  في النشرة الصباحية، تلفظت مذيعة المنار بعبارة ربطت بين ترشيد الدعم، ولا عدالة توزيع هذا الدعم. كنت استمع الى نشرة الأخبار، أثناء رياضة أوجاع الظهرالصباحية؛ توقفتُ، وحدّقت ملياً

كتب حليم خاتون: 

في النشرة الصباحية، تلفظت مذيعة المنار بعبارة ربطت بين ترشيد الدعم، ولا عدالة توزيع هذا الدعم.

كنت استمع الى نشرة الأخبار، أثناء رياضة أوجاع الظهرالصباحية؛
توقفتُ، وحدّقت ملياً للتأكد من أن المذيعة هي فعلا على المنار.

لا أعرف، إذا كانت سياسة المنار تختلف عن سياسة نواب الحزب الذين أصرّوا على ترشيد الدعم، دون ذكر كيف يمكن الترشيد دون السماح للأغنياء بالسطو غير المباشر على هذا الدعم،كما حصل،وكما لا زال يحصل وسوف يظل يحصل.

منذ حوالي السنة، والكثير من الاقتصاديين يخرجون، على الشاشات والصحف، يشرحون بالتفصيل المُمل كيف تجري العملية.

وكان كل هم بعض الأخوة مهاجمة الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد بدل الاعتراف بصحة موقفه، حين استبدل الدعم على السلع بالدعم المباشر للفقراء.

حسناً، اليوم، وفي إحدى الجرائد،تساءلت إحدى الكاتبات عن مصدر هذا الدعم.

هل يأتي الدعم من ودائع الناس المحتجزة، أو بالأحرى ذلك الجزء البسيط المُسمّى احتياط إلزامي الذي بقي منها في المصرف المركزي؟

أم يأتي من الذهب، بيعا أو رهنا أو تأجيرا؟

بادئَ ذي بدء، لا يحق لا للحكومة ولا لرياض سلامة القيام بالسطو  على أموال المودعين، المسماة:إحتياط إلزامي.

صحيح أن الحكومات سطت بشكل غير مباشر على معظم أموال المودعين، لكن المسؤول عن هذا القسم من الودائع هو المصارف، وليس الحكومة ولا المصرف المركزي، ولو وُجد عدل في لبنان؛ لو وُجد قضاء غير مباع في لبنان؛ باختصار لو وُجد حتى شبه دولة في لبنان، لتم الحجز فورا على كل تلك المصارف وتوقيف كل أصحابها وكبار مديريها، بعدة تهم، ليس سوء الأمانة أقلها.

أما الاحتياط الإلزامي، فهو الجزء الذي تحتفظ به الدولة وتتحمل مسؤوليته.

ولكي لا نطيل الحديث في فضح شبه الدولة هذه أكثر مما هي مفضوحة، ننتقل إلى المورد الثاني الذي قد تلجأ إليه الحكومة، أي الذهب .

أولاً، يجب استبعاد الرهن والتأجير كاحتمالين ممكنين لسبب بسيط جداً؛
نحن أعجز من ردّ أي أموال قد تأتينا عن طريق الرهن مما يعني تلقائيا أن المطروح بهذا الاقتراح هو تشبيحة، يقوم بموجبها المصرف المركزي برهن كمية من الذهب مقابل سيولة تتراوح بين ٢٥ و ٥٠٪ من قيمة هذا الذهب، إلا إذا كانوا ينوون رهنه عند القرض الحسن وهم بالتأكيد لن يفعلوا.

ولنفترض أن السيولة التي سوف نحصل عليها سوف يتوجب إرجاعها بعد ٥ سنوات.

اولاً، سوف يتوجب أن ندفع إلى الجهة المرهّنة على الذهب الفائدة السنوية على المبلغ الذي حصلنا عليه مقابل الرّهن.
ولأني أريد أن أكون حسن النية إلى الحدود غير المعقولة، سوف افترض أن هذه "الشبه دولة"، والتي فشلت في كل أمر منذ قيامها وحتى اليوم؛ سوف افترض أنهم سوف يتمكنون فعلا من دفع هذه الفوائد مع أنني متأكد-والتجربة خير برهان-أنهم سوف يعلنون العجز،عاجلا أم آجلا.

ولأن التجربة خير برهان، سوف تأتي الحكومة التي سوف تكون في السلطة، إذا وجدت آنذاك حكومة،
أي بعدخمس سنوات، لتعلن العجز عن الدفع.

عندها سوف يتم وضع اليد على كمية الذهب المرهون، ما معناه أننا بعنا هذه الكمية من الذهب بسعر لا يزيد، في أحسن الأحوال، عن ٥٠٪من السعر الحالي.

عندها سوف نجد أن رياض سلامة، أوأحداً ما من السلطة، قد تواطأ وقبض عمولة ما لكي نرمي الذهب بهذه الطريقة المريبة.

حتى تأجير الذهب، لن يكون ذو فائدة لسببين:

أولا، مبلغ الإيجار في أحسن أحواله لن يعطينا أكثر من ٢ إلى ٥٪ من قيمة الذهب، وهذا لن يغطي ١٠٪ 
من الدعم الحالي، أو في أحسن الأحوال ٤٠ إلى ٦٠٪ من الدعم المُرشّد.

أما السبب الثاني، فهو
كيفية القيام بالإصلاحات، وكيف سوف نحوِّل اقتصادنا من الريع والسرقة والشحادة، إلى اقتصاد منتج مع هذا الإيجار الهزيل؟

إذاً، وفي نهايةالمطاف سوف نضطر إلى بيع الذهب.
هل هناك إمكانية لبيع الذهب والاحتفاظ به في آن واحد؟
ربما!

يمكن للحكومة مثلاً بيع أونصات الذهب إلى الشعب اللبناني مباشرة، مع وضع شرط عدم إخراجه من البلد، تحت طائلة العقوبة الجزائية.

يُقدِّر بعض الخبراء، ومنهم السلطتان التنفيذية والمالية، أن هناك مليارات من الدولارات الورقية(fresh money)، في البيوت.
الأرجح، أن قسماً غير قليل من هؤلاء سوف يودّ الحفاظ على مدخراته ذهباً، بعد ما رآه من سوء الإدارة الحكومية والمصرفية في لبنان.

ثم هناك اللبنانيون في بلاد الاغتراب.

الكثير من هؤلاءسوف يُفضًلون وضع مدخراتهم 
ذهباً في لبنان على الاحتفاظ به في بنوك الغرب، تحت رحمة إسرائيل وأميريكا اللتين، لسبب ولغير سبب، يمكن أن تضع أياً كان على لائحة العقوبات الأميركية، وتصادر أمواله أو تحجز عليها...

وقد برهن ما حصل لباسيل، ولبعض رجال الأعمال اللبنانيين، أنهم عرضة للابتزاز في أي لحظة، إذا رفضوا أن يكونوا عملاء للصهاينة
ضد شعبهم وبلدهم.

هذه المليارات القليلة سوف تكون بالتأكيد خير اختبار لنرى السلطة تفعل شيئاً مفيداً،ولو لمرة واحدة في هذا الزمن.

كل ما سبق لا يعني على الإطلاق الإيمان بأنّ هناك حلاً للمسألة اللبنانية، خارج إطار الثورة والإجراءات الثورية.

ولكن، ولأن الذهب هو المال الذي يجب أن يذهب إلى فقراء هذا الشعب وفائدتهم، لذلك لا يجب السماح لكل الاقتراحات التي قد تتلاعب به من فعل ذلك دون ردع أو رقابة، على الأقل رقابة..

إذا استطاع نواب المقاومة، على الأقل، مراقبة هذه العملية وجعلها شفافة أمام كل الشعب.

وبدلا، عن سرقة صغار المودعين ثم دعمهم، ربما يتوجب تحرير هؤلاء المودعين من بيع جزء بسيط من الذهب، ثم تحرير ودائعهم بمعدل ١٠ إلى ١٥ الف دولار سنويا مُقسطة شهريا بين حوالي ٨٠٠ إلى ١٢٥٠ دولار.

أما بقية اللبنانيين الفقراء الذين يُقدّر عددهم، حسب الإحصائيات الأخيرة، ب ٤٠٠ الف عائلة، أي حوالي مليوني لبناني، فيُمكن مساعدتهم كأفراد وليس كعائلات، لأن عدد الأفراد في العائلة يختلف بين عائلة وأخرى.

المهم أن ترشيد الدعم يجب أن يعني منع غير الفقراء من الاستفادة منه.

كيف؟
لو كان نواب الحزب يستمعون، لسمعوا ومنذ وقت طويل.

لكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري