كتب الأستاذ حليم خاتون:
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, لم تصل إلى التحرير، لكنها أيقظت القضية الفلسطينية من الموت السريري في أواخر الستينيات.
إن النقد الذاتي الذي قامت به الجبهة والذي طاول ما سُمِيَ يومها "بالإرهاب الثوري"، والذي مثّل تراجعا عن أهم سلاح كان في يد الثورة الفلسطينية، هو ما أوصل الثورة الفلسطينية إلى المأزق التاريخي الذي وصلت إليه، وجعلها تقع في مجموعة من الحُفَر قبل الوصول إلى هاوية "أوسلو".
على محور المقاومة أن يوائم بين كلامه وتصريحاته وبياناته
وبين أفعاله.
لحرب تموز دلالات كثيرة عرفها العدو، ويبدو أن بيننا من لم يقرأ ما حدث كتحول استراتيجي لا يمكن التراجع عنه، بل الواجب الإنطلاق منه إلى الأبعد.
صحيح أن قصف عين الأسد كان جرأة لم تقم بها
دول أكبر وأقوى من إيران.
لكن الصحيح أيضا أن الفيتناميين قاموا بأكثر من هذا، أو على الأقل بما يُماثله.
عندما نتعامل مع اميركا من موقع الخوف من خسارة شيء ما، يضعف موقفنا.
وعندما نُفهِم اميركا أننا ليس عندنا ما نخسره وأنها هي التي سوف تخسر كل شيء... سوف تتراجع أميريكا البراغماتية.
في لعبة ال"Risk"، عليك أن تعمل على تحقيق هدفك، حسب توزيع الأوراق، حسب توزيع الأهداف.
ما هو الهدف؟
ما هو هدف نضالنا؟
هل هو الاستمرار إلى ما لا نهاية، في مراكمة القوة دون استعمالها، وكأن بقية اللاعبين ينتظرون ولا يعملون هم أيضا على تحقيق أهدافهم للفوز؟
أم الهدف حرب استنزاف إلى ما لا نهاية؟
عندما قام جمال عبدالناصر بخوض حرب الإستنزاف بعد نكسة حزيران 67،
كان هذا مرحلة للوصول إلى العبور العظيم، وليس هدفا بحد ذاته، كما فعل السادات.
لا اظن ان احدا في محور المقاومة يريد أن يكون ساداتا آخر، وإلا فمزبلة التاريخ.الهدف النهائي للمحور هو القضاء النهائي على الكيان الصهيوني.
أي هدف أقل من هذا هو هزيمة وانتحار وذلّ في الدنيا، وفي الآخرة.
الذي يتوقع حصول هذا الهدف، دون تدمير أكثر من نصف أو ثلاث ارباع بلاد المحور، واهم، واهم،
واهم إلى أبعد حدود الوهم.
تدمير أقل من 50٪ من الكيان في المتناول، الكيان يعرف هذا، والمحور يعرف هذا، وشعب المحور يعرف هذا.
لكن ثمن هذا سوف يكون تدمير أكثر من 50٪ من المحور.
لكن تدمير 10 أو 20٪ من الكيان كفيل بإنهائه، في الوقت الذي حتى لو دُمًر أكثر من 90٪ من أطراف المحور سوف لن يُمكن إنهاء المحور، نحن ملح هذه الارض.
ومن بين الدمار سوف يخرج منّا من
يُعيد البناء، ويُكمل الطريق.
المعادلة بسيطة.
الوصول إلى القناعة والقبول بدفع ثمن إنهاء الكيان.
الغرب الحامي للكيان، غير مستعد للإنتحار من أجل هذا الكيان.
هذا الكيان أُوجد ليُستخدم ويكون البديل للسيطرة على المنطقة، وليس ليكون هدفا بحد ذاته، تجري الحروب لإنقاذه.
إن أميركا والغرب عندهم الكثير ليخسروه إذا ما قرروا الذهاب الى الأخير..
لذلك لن يذهبوا إلى الآخر.
أما نحن، فلدينا كل الكون لنربحه إذا ذهبنا ليس إلى الأخير، بل فقط إلى حيث لا يتجرأ الغرب ولا تتجرأ أميريكا على الذهاب.
على الأقل نربح وجودنا.
على الأقل نربح كرامتنا.
على الأقل نربح مستقبل اولادنا ليكونوا جزءا كريما من الوجود الإنساني على هذا الكوكب.
القبول بأقل من إنهاء هذا الكيان الإستعماري الإستيطاني بشكل نهائى لا مساومة فيه يجعلنا لا نختلف بشيء عن قطار التطبيع والتتبيع.
فهل الهدف هو تحسين شروط الخيانة؟
هل هذا فعلا ما نريده، وما سقط من أجله عشرات ألاف الشهداء...
تحسين شروط الإستسلام!!!
نكون او لا نكون،
هي المسألة.
فماذا نختار..