كتب حليم خاتون:
أمس، لفتني إصرار الجديد على معرفة رأي النائب السابق إدمون رزق في موضوع المؤتمر التأسيسي.
يقول النائب رزق، وهو رجل قانون، أنه ليس بصدد الرّد على أي كان،لا أحزاب وتيارات، ولا افراد، على هكذا مطالبة.
إن لبنان كامل التأسيس، وليس بحاجة إلى أي مؤتمر تأسيسي، أضاف رزق.
جميل جدا أن تكون الحميّة الوطنية بهذه القوة، وهذه الشدّة؛ لكن الجواب جاء على غير السؤال المطروح.
حتى لو وافقنا مع النائب رزق، على نهائية عملية تأسيس الكيان، وان لبنان كامل التأسيس؛ لكن النائب يوافق، بعد كل ما حصل ويحصل في لبنان، أن هذا الكيان، حتى ولو كان كامل التأسيس، هو ليس على الإطلاق، كامل الأوصاف.
لم يتطرق أحد من الذين دعوا إلى مؤتمر تأسيسي إلى أساس الكيان اللبناني،سواء وافقنا على وجهة نظر النائب أم لا.
بالتأكيد، لم تتوسع مقدًمة البرنامج على الجديد في هذا الموضوع، وكأنها غير مهتمة.
بدا وكأن مهمتها، والمطلوب منها، التقنيص على باسيل وعون والثنائي الشيعي، لا أكثر ولا أقل.
الغريب أن النائب، وهو رجل قانون، لا يمكن أن يفوته الفرق بين المعنى الكياني للمؤتمر، والمعنى الدستوري.
ينتقل كل الرافضين للمؤتمر التأسيسي من فرضية أن هدف الداعين إليه، هو الوصول إلى إنهاء المناصفة المذكورة في الطائف واستبدالها بمثالثة
بين السنة والشيعة والمسيحيين.
قد يكون هدف بعض الشيعة والسنة التقليديين،الوصول فعلا إلى هذا،وبالتالي اقتناص حوالي 17٪ من حصة المسيحيين في الفئة الأولى.
قد يكون عدد المتخلفين عقليا ودستوريا، كبير جدا في لبنان، إلى درجة لا يرون فيها أن الدستور المُعاق والمسمى، دستور الطائف، هو غير مطبّق إلى حدّ بعيد.
بعد ثلاثة عقود لم يستطع اللبنانيون تطبيق دستور الطائف كما يجب.
دون الدخول في تفاصيل صعوبات التطبيق، وهي كثيرة جدا.
ودون الدخول في هوية
المعرقلين، وهم كثُر، ومن كل الطوائف والأحزاب والتيارات.
آن الأوان أن نعترف أن دستورا لا يُطبّق خلال عقود ثلاثة، هو غير قابل للتطبيق.
على الأقل، يجب الإعتراف أن عدم إمكانية التطبيق ناتجة عن مشاكل جوهرية.
ألا يستوجب هذا، قيام لجنة دستورية لدراسة هذا الدستور وإعادة صياغته.
أم نظلّ "متَيْسين"، ومُصرّين على أن معجزة إلهية ما سوف تحصل ويتم بقدرة قادر، تطبيق دستور شبه مشلول.
يا أخي لا تضعوا تسمية مؤتمر تأسيسي على ما يجب أن يجري.
سموه مؤتمر دستوري.
وليكن في عضويته جهابذة رجال القانون في البلد.
أهم شيء، أن يتم الإستعانة بمعظم الدساتير الموجودة في أعرق "الديموقراطيات" في العالم، وفلاسفة العصور.
وبما أننا مجتمع شرقي روحاني، يتم الإستعانة أيضا بكل الشرائع السماوية والمرسلين من مختلف الأديان والعقائد.
هذا بالتأكيد عمل شاق، وقد يستغرق سنوات.
لكنه عمل لا بد منه، وكلّ تأخير في العمل والفاعلية، ندفع ثمنه مباشرة وغير مباشرة، كل يوم، وكل ساعة.
وبعدها يتم الإستفتاء على هذا الدستور، ويجري تطبيقه دون إلباسه أي قداسة كما جرى مع الطائف.
الدساتير، وُجدت لخدمة المجتمعات لمراحل معينة،
ويجب دوما العمل على تطويرها.
فقط، ولكي لا يتم تحكم أي أغلبية بأي أقلية، فنصل إلى ديكتاتورية الأغلبية، علينا وضع مراسيم "ميثاقية" غير طائفية، وغير مذهبية.
مراسيم ميثاقية خالدة وممنوع التصرف بها، وهذا ليس عيبا، وموجود مثلا، في الدستور الألماني.
مثلا؛ المساواة التامة بين كل اللبنانيين بغض النظر عن الجنس واللون والعرق والطائفة والمذهب.
الذات الإنسانية لكل مواطن مُقدّسة وغير قابلة للمسّ بأي شكل من الأشكال.
إن حرية المُعتقد لكل فرد مصانة بالدستور شرط أن لا تتعارض مع معتقدات الآخرين...
إن النظام الإقتصادي الإجتماعي يجب أن يقوم أساسا على العدالة الإجتماعية في حق العمل والسكن....
الخ
هل هذا شيء صعب؟
هل نريد الإستمرار في العيش في مزارع سياسية وطائفية؟
السؤال موجّه إلى النائب رزق، وإلى تلفزيون الجديد:
هل نريد دولة القانون ام دولة الطائف مع المزارع الطائفية؟