الردّ المقصود هنا هو الردّ الموجع و الردع الدائم كمرحلة أو بداية و تمهيد لتفكيك الكيان الصهيوني من خلال تحويله إلى مشروع مكلف جداً و خاسر.
و لكن هل هي مهمة حصرية لسورية ؟! تناولنا في الجزئين السابقين سورية ثم إيران و دور ذلك بشكل و توقيت الردّ. سنبحث الآن عن الدور الروسي.
مواضيع ذات صلة /الجزء الأول ماذا تعرف عن الرد السوري اضغط هنا :
الجزء الأول ماذا تعرف عن الردّ السوري
تبالغ غالبية الآراء بتوصيف الدور الروسي مديحاً أو قدحاً نتيجة عدم معرفة و فهم الدوافع الروسية بشكل علمي و موضوعي و واقعي و لذلك لابد من فهم بعض النقاط الأساسية:
1. الشعب الروسي بغالبيته هو جزء من الشعوب السلافية التي تعيش في وسط و شرق أوروبا و بعض مناطق جنوبها و لهم مزايا و عادات و مفاهيم و قيم إجتماعية تختلف كثيراً عن نظيرتها لدى شعوب غرب أوروبة و أهم الصفات المرتبطة ببحثنا هو المادية الشديدة بالتفكير و التعامل مع الآخرين و ضعف مفاهيم من نوع حلال حرام، بطولة و إباء أو جبن و إنبطاح إلخ..
هناك مصالح فقط و الأساس هو الربح المادي و بأي وسيلة. السلافيين بغالبيتهم متصهينين أكثر من الكيان نفسه و موالين لأمريكا إلى حدود الشعور بالدونية أمام الغرب و نقص الثقة بالذات مع شحنة كبيرة من الخوف من الغرباء أو Xenofobie الذي يتجلى عملياً كنوع من العنصرية و فوق ذلك مرض التماهي بالمتسلط أي تأييد المعتدي القوي و الإنبهار به ضد الضعيف و لو مظلوم.
إذاً السلافيين و الروس لا يحترمون إلا الأقوياء أو بالمقاومين في حالتنا. أمّا المستسلم فيستحق الظلم و الإستغلال و دون شفقة.
مواضيع ذات صلة/الجزء الثاني ماذا تعرف عن الرد السوري إضغط هنا :
الجزء الثاني :ماذا تعرف عن الردّ السوري ؟
2. الروس أكثرهم ثقة بنفسه و إن كان يحمل الصفات السابقة و لكن أقل نتيجة أنه دولة عظمى.
3. روسيا تقف مع مصالحها فقط. في روسيا عدة مراكز قوى و تتصارع أحياناً. هناك البرجوازية اليهودية الصهيونية ذات النفوذ الكبير في الإعلام و التعليم و الثقافة و القضاء و متحالفة مع الكومبرادور و أذرع الليبرالية الجديدة الراعية للأنجزة NGOS و رأينا المهرج نافالني كمثال. هذه الفئة مع الكيان و بكل الوسائل.
4. الفئة التي يهمنا تقوية العلاقة معها و من خلال تأمين مصالح مشتركة للطرفين هي التيار الوطني الروسي الذي يقوده بوتين و هو التيار الذي يؤمن بدور عالمي أكبر لروسيا و له شعبية أوسع و أعمق من الأول و فيه مؤسسة الجيش و ال KGB التي أصبحت و كالة الأمن الروسية متحالفاً مع الكنيسة الروسية الأرثوذكسية Pravoslavní Církev و مع البرجوازية الوطنية و المتمركزة خصوصاً في مجال الطاقة و قد لاحظنا إصرار بوتين بأن تبقى الطاقة كمؤسسة وطنية و كيف أعاد هيكلة شركات الغاز.
5. كما أن المشروع الإستراتيجي الأهم بالنسبة للصين هو الحزام و الطريق فإن المشروع الأهم لروسيا هو إيصال الطاقة لأوروبة خصوصاً كأساس لكل الإقتصاد الروسي و للنفوذ بمعناه الأوسع و هو مشروع لا يمكن تحقيقه دون قوة ردع و حماية لخطوط الطاقة و لا يوجد أفضل من القواعد العسكرية لذلك و خصوصاً في المناطق الملتهبة مثل سورية و ضرورة الوصول للمتوسط.
6. روسيا لن تحمي أو تساعد أحداً إن لم يكن لها مصلحة أكيدة في ذلك و هكذا يجب فهم التدخل العسكري الروسي في سورية، أي حماية خط الوصول للمتوسط و القواعد البحرية و الجوية في الساحل السوري. و لا ننسى وجود دراسات و معلومات تؤكد وجود ثروات سورية خام و كبيرة و تريد روسيا الإستثمار فيها.
7. ليس لروسيا أية مصلحة بتحرير فلسطين أو الجولان و محاربة الكيان بل هي معنية بإقامة علاقة طيبة معه لأن الكيان و مدعوماً بالصهاينة في روسيا يمارس نوع من الابتزاز على روسيا بشأن العقوبات الأمريكية و الغربية عليها و لذلك تتغاضى عن العدوان الصهيوني على سوريا و إن كان بحدود !!
8. روسيا و بعد بدأ خط ستريم 1 عبر تركيا بالعمل و تزايد التجارة بينهما تباطأت في دعمها لسورية عسكرياً و حتى أنها تتساهل مع قسد و إرهابيي درعا. لكنها أكثر تشدداً مع إرهابيي القوقاز و لو على حساب أمن سورية !.
9. ضرب الوجود الإيراني في سورية لا يضر بروسيا و لكنها لن تشارك بضربه و هذا ينطبق على حز ب الله.
10. أن تبقى سورية في حاجة شديدة لها هو ما تريده روسيا حتى تمسك الورقة السورية كورقة تفاوض و مساومة مع الغرب.
11. حين تقوم سورية و المقاومة بالردّ و توجيه ضربات موجعة للكيان حينها فقط ستقوم روسيا بتأييد سورية لأنني ذكرت بداية أن السلافيين و منهم روسيا تبهرهم القوة و الشجاعة و ليس الحق و الباطل و أبو هريرة. و إن الغد لناظره قريب و للموضوع تتمة..
جاسر خلف