كتب الأستاذ حليم خاتون: ماذا لو قال الكاردينال وحزب الله ما يجب قوله
عين علی العدو
كتب الأستاذ حليم خاتون: ماذا لو قال الكاردينال وحزب الله ما يجب قوله
حليم خاتون
27 شباط 2021 , 20:39 م
كتب الأستاذ حليم خاتون:  اليوم يجمع كل أعداء حزب الله كل ما يستطيعون جمعه، مَن عنده عقل، ومَن ليس له بالمنطق والعقل علاقة. يتدفق الجميع إلى بكركي علّهم يأخذون شيئا من سلطتها المعنوية يقفون بموجب

كتب الأستاذ حليم خاتون: 

اليوم يجمع كل أعداء حزب الله كل ما يستطيعون جمعه، مَن عنده عقل، ومَن ليس له بالمنطق والعقل علاقة.

يتدفق الجميع إلى بكركي علّهم يأخذون شيئا من سلطتها المعنوية يقفون بموجبها في وجه قوة، هم عاجزون عن مجاراتها رغم المليارات التي نهبوها من الدولة اللبنانية أو التي تلقّوها من الإدارات الأميركية طيلة العشر سنوات التي مرّت...

في المقابل، ينظر حزب الله الى هذا الحشد على أنه لعْب في الوقت الضائع لمحاولة قلب انتصاراته التي حققها في السلسلة الشرقية من لبنان، وفي سوريا، ضد جحافل الوهابية والإخوان المسلمين وشركاهم.

الطرفان، البطريركية والحزب، يدوران حول نفسيهما أملا في حصول معجزة لن تحصل، تعيد عقارب الأزمة الإقتصادية المالية الإجتماعية التي انفجرت في لبنان الى الوراء.

تقول التسريبات أن الكاردينال ينوي رفع ثلاثية "الطائف، الدستور، والديموقراطية" في وجه ثلاثية "جيش، شعب، مقاومة" التي يرفع لواءها حزب الله وبعض اليسار المقاوم...

المأساة أن ثلاثية البطرك، تستند إلى ثلاثة أمور هي بحد ذاتها جزء من الأزمة.

اتفاق الطائف، الناتج عن تفاهم اميريكي سعودي سوري، هو في الحقيقة، كان يستجيب لتوازن ومصالح هذه القوى الثلاث، ويسخّر بنية النظام اللبناني لهذه المصالح.

في كل مرّة كان يحاول طرف ما تطبيق الجزء الذي يخدم مصالحه، كان الطرف الآخر يقوم بالتعطيل.

وإذا كانت القوى المناهضة للنظام السوري تتهمه بعرقلة تطبيق هذا الإتفاق، فما الذي منعها من تطبيقه بعد خروج القوات السورية؟

من السهل الإختباء وراء الحجج الواهية واتهام الغير، لكن الحقيقة أن الطائف لم يُطبّق، لأنه بكل بساطة، غير قابل للتطبيق.

إذا كان الإتفاق قد أنهى الحرب الأهلية كما يقول البعض، فإنه أنهاها بكسر طرف من أطرافها هو اليوم يطالب بإعادة الإعتبار لميثاقية ال43.

الحرب قد تكون انتهت عسكريا سنة 90، لكن متاريسها السياسية ظلّت قائمة وتنتظر فقط من يأتي للإحتماء بها ضد الغير.

البند الثاني المتعلق بالديموقراطية اللبنانية، هو بغض النظر عن تغنّي البعض بها، وربطها بالتوافقية؛ هذه الديموقراطية التوافقية هي السبب الرئيسي لمأساة هذا البلد بسبب اختباء الفاسدين خلف هذه التوافقية تماما كاختبائهم خلف الحمايات الطائفية.

يبقى الدستور.
أي دستور يريد البطرك؟
دستور ال43، أم دستور الطائف؟

هل المطلوب العودة إلى الوراء أم التقدم إلى الأمام؟

"اللًي بيجرب المجرّب، بكون عقله مخرّب".

لا أميريكا ولا الأمم المتحدة ولا غيرها سوف يحكّ جلد اللبنانيين غير أظافرهم.

لقد رأينا ماذا فعلت الأمم المتحدة لفلسطين. 

هل نريد قرار تقسيم في لبنان يخدم مصالح دول الخارج، كم حصل في فلسطين؟

لقد رأينا ماذا فعلت أميريكا للعراق ومعها الناتو.

هل نريد أن نبكي بعد سنين على خراب البلد؟

أميريكا والغرب يهتمّان في هذه المنطقة فقط لكلب الحراسة الذي تركوه في فلسطين.

لا زالت المنطقة مهمّة جدا، ليس فقط بثرواتها المادية والمعنوية، بل أيضا بسبب موقعها الاستراتيجي في وسط العالم وبالتالي التحكّم بكل الطرق البرية والبحرية لكل الدول العظمى.

حتى اليوم، كانت إسرائيل أفضل كلب حراسة في المنطقة.

الغرب لا يثق بأيٍّ كان من أهل المنطقة.

المسيحيون العرب، كانوا روّاد النهضة العربية التي استغلها الغرب للتخلص من الإمبراطورية العثمانية.

لكن هذا الغرب ليس بوارد 
رؤية نشوء قوة عربية حتى ولو قادها مسيحيون، فالشرق يبقى شرقا، ولا بد أن تكون له مصالحه الخاصّة التي سوف تكون بالتأكيد في غير مصلحة الغرب.

الدستور الذي قد تفرضه الأمم المتحدة لن يختلف كثيرا عما يتضمّنه الطائف، أو عما فعله دستور برايمر
بالعراق والذي جعل هذا البلد جاهزًا دوما لحرب أهلية سوف تؤدي يوما لنشوء ثلاث دول على الأقل:
شيعية، سنية، وكردية.

ثلاث دول لن تؤمن السلام لأي من مكونات الشعب العراقي وسوف تعيش أبد الدهر في حروب لن تنتهي.

ماذا فعلت الأمم المتحدة لسوريا، وهل يختلف مشروعها عما فعله برايمر بالعراق؟

ما يفعله الكاردينال، سواء عن وعي أو عن غير وعي، هو الٱستقواء على حزب الله بالخارج.

هذا إذا أدّى إلى شيء، فإنه سوف يؤدي إلى حرب أهلية متجدّدة سوف لن تنتهي على خير لأي من المكونات اللبنانية.

تهجير، وهجرة، وسفن تغرق بركابها في المتوسط
محاولة الوصول إلى أوروبا.

وفي النهاية، المحور الذي هزم أميريكا في سوريا على مساحة تزيد بأضعاف مضاعفة عن مساحة لبنان، والذي تصدّى وانتصر على تدخّل أكثر من ثمانين دولة بينها أميريكا وبريطانيا وفرنسا والناتو والسعودية والخليج وتركيا في سوريا لن يكون عاجزا عن هزيمتهم في لبنان ال 10452كلم2.

في الحرب الأهلية استعانت الجبهة اللبنانية  بالنظام السوري للتخلص من نفوذ منظمة التحرير،
ثم استعانت بإسرائيل للتخلص من الوجود السوري.

وكما كل احتلال، نشأت مقاومة ما لبث حزب الله أن تبوأها،
وها هو الكاردينال الذي عجز هو وأسلافه وكل حلفاء أميريكا في لبنان عن إجبار إسرائيل على الإنسحاب الذي تحقّق فقط على يد حزب الله بدعم سوري إيراني؛ 
ها هو الكاردينال يحاول استجلاب الأميركيين وربّما غيرهم للتخلص من حزب الله ضد كل قوانين العقل السليم والمنطق.

هو يجهل أنه لن ينجح لا هو، ولا حلفاؤه المحليون والإقليميون عن أكثر من تخريب البلد.

مشكلة البطرك، كما مشكلة حزب الله أنّهما يريدان مواجهة الأزمة الحاصلة في لبنان عبر مواجهة بعضهما إعلاميا، ومحاربة طواحين "دون كيشوت"
الهوائية بدل تسمية الأشياء بأسمائها.

إن أي طفل في لبنان يعرف من نهب ومن سرق.

فهل الكاردينال والحزب عاجزان عن التسمية؟

نعم هما عاجزان ويخافان تداعيات مواجهة الفاسدين.

الكاردينال وجماعته يتّهمون الحزب بالف تهمة وتهمة.

والكاردينال الذي وضع خطًّا احمر حول رياض سلامة متهم بإخراج أموال طائلة الى الخارج حتى ولو لم تكن أمواله الشخصيّة، فإن هذا كان يجب أن يبقى في لبنان، على الأقل للوقوف إلى جانب رعيته في هذه الأوقات الصعبة.

ما يفعله الكاردينال هو تكريس الإنقسام في لبنان بدل محاولة بناء دولة القانون والعدالة.

في مسرحيته؛ فيلم امريكي طويل، يتناول زياد الرحباني بسخرية
التقسيم النفسي اللبناني بين الأديان والطوائف والمناطق.

في المانيا،
1كاثوليك+1بروتستانت=
2 المان.

في لبنان،
1مسيحي+1مسلم=
مجموعة مسيحيين+ مجموعة مسلمين،
غير قابلين لا للجمع ولا للدمج، حتى ضمن المجموعة الواحدة.

في اوروبا، وبعد أكثر من مئة سنة من الحروب الدينية، تداعى عقلاء أوروبا ومفكروها وتوافقوا في ويستفاليا على الإنتهاء من هذه الحروب وهذا الدمار.

بفضل ويستفاليا، استطاعت باريس توحيد كل فرنسا خلفها وخلف الملك الكاثوليكي، بما في ذلك البروتستانت.

بفضل ويستفاليا استطاعت سويسرا التمتّع بتعدّديّتها الدينية والعرقية والثقافية واعلنت حيادا، يدافع عنه الشعب المسلّح بكل فئاته،
وبغض النظر عن أي اختلاف.

لم تلجأ سويسرا للدفاع عن حيادها إلى أي قوة خارجية.

فالدولة القوية العادلة لجميع مواطنيها جديرة بدفاع هؤلاء عن الصيغة التي ارتضوها للعيش جميعا بكرامة تحت سقف ويستفاليا السويسرية.

لا صيغة 43، ولا الطائف، ولا تعديلات الدوحة تستطيع جمع اللبنانيين على أمر سواء.

لبنان بحاجة اليوم إلى أمرين لا ثالث لهما:

1- مواجهة الفاسدين بلا لف ودوران. والأمر يبدأ من اجتماع أي قوتين تنفضان عنهما غبار الخضوع والخوف والإذعان لمشيئة الفاسدين.

هذا قد يؤدي إلى حرب أهلية؟

نعم، ممكن جدا. ولكن إذا لم يكن من الأمر بد؛ ومن أجل إنقاذ الوطن، فلتكن الحرب.

لولا الحرب الأهلية في الصين، لكانت الصين لا زالت بلد الجوع والتخلف.

لولا الثورات في أوروبا، لكانت دول القارة العجوز لا زالت ترقد في الفقر والتبعية.

وكما يقول زياد الرحباني:
البلد اللًي ما في بتاريخها دم، بتضّل ضايعة وقلقانه...

2- لبنان بحاجة إلى دستور عصري ينهي اول ما ينهي حكم الطوائف والمذاهب، ويقوم على مبدأ المواطنة.
قد يستمر البحث من أجل هذا الدستور سنوات.

ألم تضُع سنوات وسنوات ونحن نلجأ إلى الخارج بدل التفتيش عن التفاهم بين مكوّنات الشعب اللبناني؟

دستور يكون فيه كل المواطنين، مواطنين للدولة وليس لِدين أو مذهب، دون أن يعني هذا أي ديكتاتورية.

وبسبب وضعية لبنان الخاصّة جدا، يجب أن يحصل هذا الدستور على 75٪ من قبول اللبنانيين عامة؛
وليس أقل من 50٪ من كل مكوّن على حدة، مهما صَغُر عدد هذا المكوّن، بما في ذلك الملحدون، والإنجيليون، والعلويون.

اليوم سوف يحتفل أعداء الحزب بأنهم استطاعوا حشد الحشود تحت مظلّة الكاردينال...

غدا، سوف يسخر جمهور حزب الله من هؤلاء العاجزين الأغبياء الذين لا يرون عدوّ لبنان والمخاطر التي تتهدّده، ويندفعون في تبعيّة عمياء لغرب زرع في منطقتنا كل بذور التفرقة والشرّ والإستيطان.

الكاردينال والحزب يقولان ما لا يلزم، ويصمتان عن ما يلزم.

ما يلزم، هو إقامة قضاء شعبي غير فاسد، ومحاسبة كل الفاسدين الكبار، الذين لا يزيد عددهم عن 2٪ من الشعب اللبناني كخطوة أولى على طريق بناء دولة العدالة والقانون.