في أواخر السبعينيات في فرنسا، حُوكمت وزيرة الصحة بسبب إهمال وظيفي جرى في مؤسّسات الوزارة وأدّى إلى انتشار فايروس الإيدز.
كان عليها هي، تحمّل وزر هذا الإهمال والإستقالة من موقعها.
في فرنسا، ليس كما في لبنان...في المرفأ... لم يُسمَّ ما حدث.. إهمالا وظيفيا...
كان الحكم، "قتل غير مُتعمّد"، Homocide
involontaire.
كما جنائيا، كذلك سياسيا.
في إحدى الردود على انتقاد عجز ميشال عون،
وهذا أقلّ ما يمكن أن يوصف به مآل الأمور منذ عودة الجنرال إلى لبنان، ودخوله إلى قصر بعبدا،
وقرب خروجه منه والحال قد زادت سوءا، بسبب تمسّكه وباسيل بالتعصّب الطائفي والمذهبي ومحاولته الدخول في لعبة تقاسم الجبنة بدل محاربة الفساد وإقامة نظام مدني علماني ولو اضطر الأمر إلى الصدام مع أيٍّ كان.
نفس نوع الرد قرأته أمس من عدة إخوة، على انتقاد عجز حزب الله والمقاومة
عن مواجهة الفساد، ولعل أكثرها بعدا عن المنطق، ذلك الذي يواجه الجمهور بالقول:
إذا كان الوضع لا يعجبكم، فعنوان المصارف وجمعية المصارف معروف.
وكذلك عنوان قصر بعبدا، والوسط، ومصيلح.... كله معروف أيضا.
نسي صاحبنا، عن غير قصد بالتأكيد، ذكر قصر المختارة أو ربما كليمنصو ومعراب وبكفيا وغيرها الكثير من قصور مَن يتحملون مسؤولية ما آل إليه وضع لبنان.
يحق لميشال عون طلب الدعم من شعبه، لكن لا يحق لهذا الشعب أن يلومه على الأخطاء المميتة التي ارتكبها، هو وصهره عن قصد أو عن غير قصد، لأن ما جرى وما يجري، هو قتل لوطن.
لو كان الذي في السلطة هم الخونة، لكانت التهمة ليست العجز، بل التقصّد بقتل الوطن.
لذلك، ارحمونا من نقدكم لنقد هذا العجز السافر...
عندما وقف أكثر من نصف الشعب اللبناني، وارادوا أن يكون ميشال عون رئيسا للجمهورية، لم يطلبوا لهذا الموقع لا سمير جعجع، ولا ابن الجميل ولا غيرهم من غير المأمول بهم خيرا لهذا الوطن.
هؤلاء الذين أيّدوا الجنرال، استنادا الى تاريخ وتفاهمات ومواقف، لم يعطوه شيكا على بياض. الوطن لا يُباع، ومجده دائما، ملك شعبه وليس ملك أي كائن آخر، مهما علا شأنه.
هؤلاء، هم الشعب.
يحقّ دوما للشعب، بل واجبه دوما الإنتقاد، حتى تحقيق الأسمى لهذا الوطن الذبيح.
قد تختلف الأمور بعض الشيء مع المقاومة...على
الأقل، بالنسبة لجمهورها.
جمهور المقاومة الذي يقطن أغلبه على الثغور في الجنوب والنبطية والبقاع، مع عدو
الله والناس... أو في الضواحي التي عاشت صعوبات النضال والكفاح وتلقّت ولا زالت تتلقّى من الأعداء، هجومات عسكرية واقتصادية ومالية، وحصار يهدف إلى عزلها
وخنقها بكل الوسائل والأساليب... هذا الجمهور الذي تمثل المقاومة جوهر احلامه، بل جوهر وجوده؛ هذا الجمهور يرفض من يشكك، ولو للحظة، بولائه لخطّ الصراع الابدي والحتمي مع عدو الله، إسرائيل، ومَن وراء إسرائيل... والذي يعتبر الحرب على الفساد والفاسدين جزء لا يتجزأ من ذلك الصراع؛ هذا الجمهور يستميح البعض عذرا، أن اصمتوا ولا تحرجونا، لأننا لم ولن نخرج.
لا انتم، ولا غيركم، يستطيع أخراجنا..
نحن، وأبناؤنا وكل ما نملك، ملك لهذا الخطّ الذي يجب ألّا يحيد عن فلسطين ولو سنتميترا واحدا، والفاسد والساكت عن الفاسد انما هو سبب في تشويه هذا النضال وحرفه عن الطريق، عن قصد أو عن غير قصد...
نعم، وباعلى الصوت، يجب الصراخ...
لا يحق للمقاومة السكوت عن الفساد...
الساكت عن الحق، شيطان اخرس، وما اعتاد أبناء الحسين وعلي أن يكونوا لا خرسا ولا شياطين.
الذي ذبح البلد هو السكوت عن الحقّ.
- [ ] حتى بيفاني، أحد أكثر موظفي المالية نظافة، تأخر باستقالته... تأخر سنين...
ألم يرفض مدير المحاسبة، الدكتور امين، فذلكات السنيورة والحريريين المالية فاستقال منذ سنين... لم ينتظر.. لم يسكت.. ولم يكن شيطانا أخرس...
لماذا يكون مدير المحاسبة أكثر طهرا ونظافة من وزير المقاومة؟
مرة اخرى، والف مرّة أخرى...
كما معاقرة الخمر ومسامرة السكارى، حرام
كذلك رؤية الفساد، ومجالسة وممازحة الفاسدين أكثر حراما.
الخمر تؤذي شاربها، وبضعة من الناس.
الفساد يقتل شعبا بأمّه وابيه، ويذبح وطنا...
هل أصاب العمى قلوبكم بعدما أغمض أعينكم عن
رؤية الفساد وأصاب هممكم بالشلل.
نعم، والف نعم، من لا يحارب الفساد، هو إمّا عاجز، أو متواطئ.
جمهور المقاومة، شعب المقاومة، يطلب القضاء على الفساد والفاسدين..
رحم الله امرءا قال الحقّ ومات في سبيل نصرته...