روسية تركية قطرية...آلية ثلاثية للتشاور حول سوريا..مصالح متضاربة أم متقاطعة
أخبار وتقارير
روسية تركية قطرية...آلية ثلاثية للتشاور حول سوريا..مصالح متضاربة أم متقاطعة
15 آذار 2021 , 18:21 م
آلية ثلاثية للتشاور حول سوريا..مصالح متضاربة أم متقاطعة تحت هذا العنوان نشر مركز بارادايم الدولي للدراسات الاستراتيجية(مركز ايبكس) في إضاءة على ما أعلن عنه وزراء الخارجية الر

آلية ثلاثية للتشاور حول سوريا..مصالح متضاربة أم متقاطعة

تحت هذا العنوان نشر مركز بارادايم الدولي للدراسات الاستراتيجية(مركز ايبكس)

في إضاءة على ما أعلن عنه وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والقطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والتركي مولود تشاووش أوغلو عن إطلاق (عمليةٍ تشاوريةٍ جديدة) بين دولهم بشأن التسوية السورية بعد اجتماع في الدوحة جمع الوزراء الثلاثة .

وكشف المركز استنادا لمعلومات بأن وجود الوزير التركيّ في الدوحة بالتزامن مع وجود الوزير لافروف لم يكن جزءًا من أجندة وزير الخارجية الروسيّ، الذي بدأ بجولةٍ خليجيةٍ بدأت من الإمارات والتقى لافروف بولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية الإماراتي عبد بن زايد آل نهيان إضافةً للقائه في أبو ظبي مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وتلا لقاءات وزير الخارجية الروسيّ في الإمارات لقاءاتّ في العاصمة السعودية الرياض مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بعد لقاء الأخير قبل يومٍ واحدٍ مع الممثل الروسيّ الخاص للتسوية السورية الكسندر لافرنتتيف.

وبالتالي يظهر أنّ هنالك خشيةً تركيةً من نجاح زيارة المسؤولين الروس إلى الدول العربية لحشد تأييٍد عربيٍّ للرؤية الروسية للحل في سورية، وخصوصاً مع دول منطقة الخليج، لأنّ نجاح المساعي الروسية في حشدٍ عربيٍّ للتسوية السورية سيضعف الموقف التركي في سياق أستانة، ويخلق جبهةً سياسيةً عريضةً ضدّ أجندات تركيا في سورية، ويسمح لروسيا بمزيدٍ من الضغط على تركيا في سياساتها في سورية.

كما بين المركز أن الأهداف التركية من إنشاء الآلية التشاورية الثلاثية إظهار أنّ تركيا شريكٌ في جميع جوانب الحلّ السوري، ومختلف مساراته، وعدم تفويت أيّ فرصةٍ تسمح بتشكيل ضغطٍ مستقبليٍّ على سياساتها وتأكيد حضور تركيا في الخليج عبر البوابة القطرية، التي تحرص تركيا على جعل سياسات قطر تابعةً للسياسات التركية وليست مستقلةً عنها. إضافة إلى الحرص التركي على منع أيّ اتفاقاتٍ روسية -قطرية ثنائية، بما يخص التسويات الإقليمية، بمعنى عدم السماح باستفرادٍ روسيٍّ بقطر، باعتبار قطر المنقذ المالي للاقتصاد التركيّ، علاوة على أنّ أيّ شراكةٍ روسيةٍ قطريةٍ ستنعكس على سياسات الطاقة بين البلدين بما يضعف خيارات أنقرة وأجنداتها للتحول إلى مركزٍ دوليّ للطاقة.

إظهار تركيا أنهّا ليست في شراكة استراتيجية مع إيران، وبهذا تهدف تركيا إلى مزيدٍ من التقارب مع كلّ من السعودية ومصر من بوابة إضعاف مسار أستانة، والسعي لإيجاد مساراتٍ بديلة، وكان الرئيس التركي قد طرح مثل هذه الأفكار في قمة إسطنبول الرباعية 27/10/2018 (روسيا تركيا ألمانيا فرنسا)، لتحويل قمة إسطنبول إلى منصةٍ دوليةٍ للتسوية. كما تسعى تركيا إلى التأكيد على منع الاستثمار (الفرنسيّ الأميركيّ) بما يسمى الورقة الكردية، من حيث التأكيد على وحدة التراب السوري والوصول إلى الحدود الدولية التركية السورية من قبل روسيا،

أما فيما يتعلق بالأهداف الروسية من إنشاء هذه الآلية أوضح المركز أن  

هنالك تأكيدٌ روسيٌّ لا لبس فيه أنّ الآلية التشاورية الجديدة ليست بديلاً عن سياق أستانة، وانّ قطر ليست بديلاً عن إيران، وأنّ هذه الآلية ليست عمليةً مستقلةً عن أستانة، بل تُعنى فقط بالشؤون الإنسانية، وتهدف من وجهة نظر روسيا إلى:

-تأمين أكبر حشدٍ ممكنٍ للرؤية الروسية للحل.

-إظهار نوايا روسيةً جادةً لإشراك الدول الخليجية في حلّ الأزمة السورية، مستغلةً المخاوف الخليجية من أجندات بايدن في المنطقة، وتجاهله التام لمصالح حلفائه الخليجيين والتي ظهرت مؤخراً في وثيقة الأمن القومي المؤقتة، وعزمه فتح ملفات حرب اليمن ومقتل خاشقجي، وإيقافه لصفقات التسلح الخليجية (السعودية والإماراتية)، الأمر الذي يوسّع مروحة الخيارات الخليجية في مواجهة سياسات الرئيس بايدن.

-إشراك قطر (في المساعي الروسية) يعني فتح بوابةٍ خلفيةٍ مع واشنطن حول التسوية السورية.

قطر هيّ الممول الرئيس للسياسات التركية في سورية وممولٌ رئيسٌ للفصائل المسلحة، وهنالك حاجةٌ روسيةٌ لإيقاف التمويل للجماعات المسلحة، حتى تنخرط هذه الميليشيات جدياّ في التسوية.

تعمل روسيا عبر إشراك قطر في الآلية التشاورية إلى حلحلة الخلافات العميقة التي تضرب كيانات المعارضة المنقسمة بين عدّة عواصم عربيةً وإقليميةً، ومؤخراً قامت السعودية بإيقاف تمويل "الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة" ومقرها الرياض.

-كان موعد القمة بعد التوقيع على الاتفاقيات النووية بين تركيا وروسيا مباشرةً، حيث كانت القمة تهدف للاتفاق على ثلاث نقاطٍ رئيسية تمت قبل القمة، ومنها وقف عمليات التصعيد الاستخباراتي بين الطرفين (روسيا وتركيا)، لاسيما وأنّ المصنع المشترك بين تركيا وأوكرانيا على الأراضي الأوكرانية لصناعة المسيرات وتطوير ما يسمى مسيرة البيرقدار، كان على قائمة الأهداف الروسية.

-هنالك إدراكٌ روسيٌّ عميقٌ أنّه لا يمكن لروسيا وحدها أن تعيد بناء سورية، بل عليها إيجاد شركاء آخرين، قادرين على ذلك، فتحقق بذلك هدفين في آن، الأول كسر حصار قيصر الذي يهدف منع إعادة الإعمار في سورية، والثاني، إيجاد شركاء لها في إعادة الإعمار يستطيعون التأثير على الولايات المتحدة في تطبيق قانون قيصر، وربما التراجع عنه أو السكوت عن مساهمة هؤلاء الشركاء الجدد، ومن جهة ثانية تدرك روسيا أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لها أي نية في المشاركة في إعادة إعمار سورية.

-مع اقتراب الانتخابات الرئاسية السورية، بدا أنّ روسيا سرّعت الخطى لدعم هذا الاستحقاق عربياً، انطلاقاً من محاولة إعادة سورية إلى محيطها العربيّ، وتحديداً إلى الجامعة العربية، وذلك المطلب حمله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في جولته الخليجية، التي زار خلالها أبو ظبي والرياض والدوحة.

وتأكيداً على أنّ روسيا لا تسعى لإزاحة إيران من سياق أستانة أو جهود التسوية في سورية، تشير المعلومات (الخاصة بالمركز) إلى أنّ البلدين بصدد توقيع اتفاق شاملً وطويل الأمد (20 عاماً، له طابعٌ استراتيجيٌّ، يتجاوز نقاط الضعف والخلل التي شهدها اتفاق (2001).

كما فند المركز الأهداف القطرية من إنشاء الآلية التشاورية الثلاثية بما يلي

-تأتي هذه القمة بتسهيلٍ أميركيّ وضوءٍ أخضر لقطر لاستضافتها بهدف وقف التصعيد بين روسيا وتركيا في الشمال للحيلولة دون تورط الولايات المتحدة فيما قد يحصل والذي قد يؤدي إلى نزاعٍ دوليٍّ كبير.

-تلميع صورتها الداعمة للميليشيات المسلحة، عبر إظهار نفسها على أنّها جزءٌ من الجهود الإنسانية الدولية الرامية لتخفيف معاناة السوريين، علماً بأنّ قطر تُعدّ أكبر داعمٍ للفصائل المسلحة وانخرطت في الصراع المسلح ضدّ الدولة السورية منذ بداية الأزمة السورية.

-لعب دور الوسيط في تقريب وجهات النظر السعودية التركية، وخصوصاً في التسوية السورية.

-لعب دور الممول الجديد للهيئة العليا للمفاوضات، وربما إعادة إنتاج صيغةٍ جديدة لها، فمنذ بداية شباط الماضي جمدت المملكة العربية السعودية جميع أشكال الدعم والتمويل للهيئة العليا للمفاوضات ولم يبقى يعمل في اللجنة سوى ثلاثة موظفين..

وختم المركز تقديره بالقول إن روسيا تصر على إعادة إحياء التسوية السورية عربيًا ودولياً، وفق رؤيتها لحلّ الأزمة السورية، مع ضمان رضى وتنسيق القوى الإقليمية والدولية.

 ومن الواضح أنّ هذا اللقاء سيكون بدايةً لما يمكن تسميته بمسارٍ جديد ذو طابعٍ إنسانيّ/سياسيّ موازٍ لمسار أستانة، يُظهر رغبةً روسيةً في تدوير الزوايا بين أطراف الأزمة الخارجيين، بعيدًا عن لغة المواقف العلنية التي تطرحها القوى الإقليمية ذات العلاقة، وربما يُشكل المسعى الروسيّ محاولةً من موسكو للتوصل إلى صيغة مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة تجاه سورية تمهيدًا للوصول إلى صيغة يمكن قبولها في واشنطن، وعلى ما يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة باتت مقتنعة بضرورة تحسين  الحوار مع الدولة السورية بمساعدة روسيا، ولكن من باب الاحتياط ومن أجل ضمان النتائج بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فسوف يبقى الأمريكيون يذكرون السوريين بالإجراءات القاسية أحادية الجانب.

 

المصدر: موقع اضاءات الإخباري