كتب حليم خاتون:
إنها ثقافة إلقاء الحُجّة عند السيد نصرالله... حين يواجه السيد حاكم مصرف لبنان، ومن ورائه وزير المالية غازي وزني باتِّهامٍ ضمني أنهما يتعمدان ترك الدولار على غاربه.
ويخرج الأستاذ أمين صالح على شاشة المنار، ليوضِّح أنَّ سياسة الحاكم هي في الحقيقة دفع الدولار إلى أعلى، لتقليل خسائره وخسائر المصارف، على حساب فقراء لبنان تحديداً.
في هذه الحالة، يصبح الأمر أكثر من مجرّد إلقاء الحُجّة.
الكل يعرف أن منصة سلامة- وزني لدولار ال 3900، كان الهدف منها بشكل أساسي تغطية عملية هيركات تزيد على 70٪.
الذين سوف يسحبون من ودائعهم على هذه المنصة هم الفقراء الذين يحتاجون لسدّ حاجاتهم اليومية.
لو كان سلامة يريد فعلاً المحافظة على قيمة النقد، لكان عمل على تأمين الحاجة اليومية للسوق، والتي يُقدرها الخبراء
بحوالي 8 مليون دولار...
كيف يمكن فعل هذا؟
8 ملايين دولار يوميا، هي حوالي 240 مليون دولار شهريا، هي أقل من ثلاثة مليارات دولارسنويا ...
كان يكفي رياض سلامة أن يفرض على المصارف تحريرجزئي شهري لا استنسابي للودائع، لا يزيد على مبلغ ال 240 مليون دولار شهرياً، لكي يؤمِّن حاجة السوق.
كان بمقدور رياض سلامة تغطية هذا المبلغ بالكامل، من الِاحتياط الإلزامي، الذي هو بحد ذاته من أموال المودعين.... أي إنّ كل مايفعله سلامة، هو إرجاع الأموال إلى أصحابها، بالتقسيط وبالقطّارة باسم المصلحة الوطنية..
في نفس الوقت، يقول الخبراء: إنّ المغتربين يرسلون إلى أهاليهم حوالي 7مليار دولار سنويا.
يُضاف إلى كل هذا، المليارات المُخبأة في المنازل...
هذا الإغراق للسوق بالدولار كان وحده كفيلاً بمنع سعره من الصعود...
لا أحد سوف يطبخ دولارات أو يأكلها...
لكن كل هذا كان يجب أن يترافق مع قانون للكابيتال كونترول يمنع خروج الدولار إلى الخارج...
بمعنىً آخر، إن الدولار كان أكثر من متوافر لتلبية السوق المحلية، لكنّ رفض مجلس النواب إقرار قانون الكابيتال كونترول، هو ما فتح الباب على مصراعيه لتهريب هذه الدولارات إلى الخارج، حيث يقدّر الخبراء المبلغ المُهرّب إلى هذا الخارج منذ 17تشرين، أي خلال حوالي 18 شهرا، بما بين 15و30 مليار دولار....
استفاد منها كبار المودعين والطبقة السياسية، ودون أي هيركات على الإطلاق.
نفس ثقافة إلقاء الحُجّة على رياض سلامة تجري أيضا على أهل النظام...
سواء على الرئيس المُكلّف أو على غيره.
السيد يعرف جيداً أنّ هذا النظام مُستنفد الصلاحية، وإلا لما كان أشار إلى أنّ الأزمة أكثر من معيشية، وأكثرمن اقتصادية... لابل ألمح، ولو مواربة، بأن الأزمة سياسية - دستورية.
السيد كان يعرف هذا منذ أن طرح يوماً، عقد مؤتمر تأسيسي، وكان يقصد أساساً مؤتمراً دستوريا.
السيد يرمي الحُجّة تلو الحُجّة أمام الناس لكي يصِلوا هم بأنفسهم إلى قناعةٍ، أن النظام والطبقة السياسية قد ماتا وشبِعا موتا ...
صحيح أن كل هذا أدّى إلى بعض الوهم، لدى بعض الناس، بإمكانية إصلاحٍ من داخل النظام...
وهمٌ لن يلبث أن يتلاشى مع الفشل الآتي حتما...
قد يقول قائل، ها إن الدولار قد تراجع... وها هو جنبلاط يُهْرَعُ إلى رئاسة الجمهورية للدعوة إلى تسوية ما...
هذا صحيح... أهل النظام، بمن في ذلك رياض سلامة، ليسوا أبداً من التوّابين...
ما نراه اليوم يُشبه كثيراً توبة أبي سفيان، وما سوف تجره من ويلاتٍ على لبنان لن تقلّ عن الويلات التي حملتها توبة أبي سفيان على الأمة.
إن هرولة هؤلاء جاءت بعد سماع السطر الأخير من كلام الفصل عند السيد نصرالله...
هناك إجراءات سوف تتم من ضمن النظام قال السيد... وإن دعت الحاجة، سوف تُتّخذ هذه الإجراءات من خارج النظام...
هذه الجُمَل الأخيرة، حملت معها بذور نهاية عصر إلقاء الحجج...
{من يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يَرَهْ ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يَرَهْ}.
كان يكفي هزّ العصا الغليظة لنرى ما رأيناه، فكيف إذا هوت هذه العصا يوما...
لا، لا أحد يسعى إلى الحرب الأهلية.
لكن إذا استمرت الطبقة الحاكمة في الفشل، في بناء معامل الكهرباء، علينا دعوة الإيرانيين لبنائها...
إذا استمرت الطبقة الحاكمة في الفشل في استجلاب استثمارات، ها هي الصين موجودة ومستعدة، ويجب
فرضها، خارج لعبة الِاحتكارات والسمسرات...
وإذا استمرت الطبقة الحاكمة في لعق أحذية Cedre والصندوق الدولي،
فهناك بنك البنى التحتية الذي تستحوذ الصين على أشكثر من 50٪ من الأصوات فيه...
وإذا أصرّت الطبقة الحاكمة على تبعية الجيش والأجهزة الأمنية إلى أمريكا وبريطانيا وفرنسا، فعلينا نحن تحريرهم عبر قبول الهبات والعقود الشرائية مع موسكو.
يبقى بناء الدولة...
يقول سامي الجميل ومعه احمد فتفت: إنه يبدو أن ما يريده حزب الله هو أكثر بكثير من المثالثة...
هم يقصدون شرّاً بالتأكيد.. هم يريدون التلميح إلى أن حزب الله يريد السيطرة على الدولة بكاملها...
حسناً، تريدون منع هذا...
الحل هو في بناء الدولة القوية العادلة لكل أبنائها، بالتساوي ودون تمييز...
مع أن طموح حزب الله معاكس لكل الطموحات الشرعية لكل الأحزاب التي تسعى للوصول إلى السلطة وتطبيق برامجها، سوف نمشي معكم...
يا أخي احشرونا في الزاوية وطالبوا بتطبيق الدولة المدنية...
يقول بعض سفهائكم إنّ: طرح السيد موسى الصدر للدولة المدنية مناورة، والهدف منها، سيطرة الشيعة على لبنان...
إلحقونا إلى باب الدار وتبنّوا شعار المؤتمر التأسيسي أو الدستوري
لإنشاء دولة مدنية كاملة الأوصاف في لبنان.
فلتكن قوانين الأحوال الشخصية في لبنان خياراً وليس فرضا.
من يريد يتبع الكنيسة.
ومن يريد فليتبع محاكمه الشرعية...
ومن يريد فليمشِ بالقوانين المدنية...
ليس صعباً على الإطلاق منع تحكّم الأكثريات على الأقليات... كل هذا موجود في الدساتير الوضعية، في أمم سبقتنا... ونحن لدينا من جهابذة المفكرين مايكفي ويزيد...
كل ما نحتاجه هوحرية الإرادة...
تقولون: إنّ الحزب تابع...وليس حراً.
فلنذهب إلى مؤتمر تأسيسي يضع دستوراً جديداً للجمهورية الجديدة... مؤتمرٍ علنيٍّ على الشاشات، وليسقط كل التابعين للخارج، حين يتعلق الأمر بمستقبل لبنان وكل بلاد الشام...
إذا صدقت النوايا، لا شيء صعب...