كتب حليم خاتون:
في لبنان، مثل شعبي يقول:
إذا كَثُر الطبّاخون، شاط(احترق)الطبيخ...
في دولة السيادة والِاستقلال، منذ أن وُجد لبنان، لا يعرف أحد من هو سيد هذا البلد فعليا...
السيد على هذا البلد يتغيّر، وفق مقولة: "مين ما أخذ أمي، أقول له يا عمّي.."
في لبنان أيضاً وأيضا، مثل شعبي آخر يقول:
"المال السائب يعلِّم أولاد الحلال السرقة"..
وهذا البلد، لمن يقرأ التاريخ، كان تقريباً كالمال السائب... يخضع دوماً للجيوش الغازية على اختلاف هويتها..
يقول نيلسون مانديلا:
"لن يستطيع أحد، أيًّا كان، القفز من فوقك، إذا أنت لم تنحنِ"..
هذا البلد لم يعرف المشي مرفوع القامة، لمئات من السنين، إلا في أغاني مارسيل خليفة..
هي بضع سنين فقط من العزّة مع مقاومة، ما لبثت القبائل اللبنانية أن كفّرتها،
لأن العزّة والكرامة لا يمكن أن تتوافقا مع مال الشحادة، الذي تعتاش عليه الطبقة الحاكمة،والذي تعطي بعضاً من فُتاته لعامة الناس.
يريد الإعلام، كل الإعلام، التابع ونصف التابع، والذي يظن أنه ليس تابعاً وهو في حقيقة الأمرتابع
و أكثر؛يريد هذاالإعلام إيهامنا، بأن هناك رئيساً مكلفاً، يتشاور مع رئيس للجمهورية.. لكنهما لم يتوصلا إلى حلّ...
من هو المُكلّف فعلاً بالتأليف؟
سعد الحريري، فؤاد السنيورة وشلّته، تيار المستقبل، بكل فروعه، "التقدمي الإشتراكي"، القوات، الكتائب وغيرها من شلّة 14 آذار...
خلف هؤلاء، أمريكا (بكلام آخر إسرائيل)، فرنسا،بريطانيا،
الاتحاد الأوروبي، تركيا، ومعهم أكياس المال الخليجية، بما في ذلك مملكة البحرين العظمى، الذين وحدهم قادرون على تمويل كلاب الوهابية والإخوان، وتحريكهم حسب الحاجة والطلب....
كلّ المذكورين أعلاه، يحملون التكليف ويديرونه، كلّ حسب مصلحته ورؤياه...
في الطرف الآخر، لدينا في الأساس حزب الله، ولكن أيضاً... ميشال عون، جبران باسيل وشلّته أيضا،
أمل، القومي، المردة... الخ من بقايا 8 آذار، من كان ومن ترك...
مع هؤلاء،هناك إيران، روسيا، الصين....وربما كوريا الديموقراطية أيضا.
مع هؤلاء، يجب أن يتشاور المُكلّفون.
لماذا يجب التشاور؟
لأن المكلّفين خاسرون في الإقليم، وفي عالم المستقبل القادم، لذلك "فُرض" عليهم التشاور..
لماذا يصرّ الطرف الثاني على المحافظة على مصالح الخاسرين عبر الإصرار على سعد الحريري؟
ربّك وحده يستطيع فهم هذا المنطق.
روسيا، لا تريد العودة إلى العصرالسوفياني، عصر التضامن مع الشعوب، عصر انتهى بإفلاس دولة الِاتّحاد السوفياتي وانقلاب دول التضامن إلى الرأسماليةالمتوحشة.
الصين، ظلّت تعمل على "اللّس" حتى لا تراها أميريكاوتتحسب لها...
نجحت إلى حدّ بعيد ولكنّ هذه الصين، اشتراكية في الداخل، إمبريالية في الخارج...
أيام الوقوف الماوي مع نضال الشعوب، وضعه حكام بكين الجدد في المتحف...
هم اليوم يسعون وراء الربح، والربح يتطلب الِاستمرار في التغلغل داخل دول الفريق الأول...
لذلك روسيا والصين يريدان أيضاً سعد الحريري، حتى لو قاد لبنان الى الإنهيار الكامل...
في النهاية لماذا يؤذيهم انهيار لبنان؟
في النهاية، الشعوب العربية، ومنهاالشعب اللبناني ..مستسلمون، ومنبطحون الى الآخر.
لماذا يكونون هم ملكيين أكثر من الملك؟
ايران تتعرض لكل المؤامرات، ولا تزال مصرّة على محاولة التعايش مع وكر الدبابير.
إيران الضائعة بين النقاء الثوري، عبر الشعار الأول بتصدير هذه الثورة، وبالتالي العيش في حلقات من الثورة الدائمة؛وبين نظرية بناءالدولة أولاً، وعدم الصدام مع الشيطان الأكبر والشياطين التابعة له في المرحلة الحالية على الأقل..
من هذا المنطلق، إيران أيضاً تريدالهدنة مع أرباب سعد الحريري، ولذلك تريد سعد الزفت هذا.
أمل، المردة،
والكثيرون من 8 آذار... كانوا مع رفيق، ويتمنون إكمال طريق الخراب نفسه، مع سعد الحريري... أليس الولد سرّ أبيه؟
ميشال عون وجبران والتيار، مصرّون على نصف الكعكة اللبنانية باسم المناصفة...
حتى الآن لم يقبل سعد.
حين يقبل، لن يعود هناك مشكلة بين التيار العوني والتيار الأزرق.
يبقى حزب الله...
حزب الله الآتي من مواقع العزة والِانتصار...
حزب الله الذي ما زال يعيش الأحلام الأولى للثورة الإسلامية...
حزب الله الذي يرى كل ما نراه، ويعرف كل ما نعرفه، ويشكو في حلقاته الضيقة من كل مانشكو منه نحن...
حزب الله حائر...
حزب الله، يلعب دور ام الصبي...
حزب الله يصرّ هو الآخر على سعد الحريري...
لكنّ الفريق الآخر الذي يقف سعد الحريري في واجهته، لا يقبل بهكذا مقاومة، ولا يقبل بكل ما حصل خلال ثلاثة عقود من الضربات المتتالية،في لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين و..و...
مهما فعل الحزب، سوف يظل رأسه مطلوبا...
والصبي الذي يحرص الحزب على التنازل من أجله، لن يبقى حياً إذا أكمل في نفس الطريق...
من أجل الثورة، قال ماوتسي تونغ كلمته الشهيرة:
طريق الِانتصار، طريق الألف "ميل" تبدأ بالخطوة الأولى...
استوعبت الإمبريالية الدرس، وجعلت شعارها:طريق هزيمة الثوار تبدأ، ولو بتنازلٍ قد يبدو تافها في اللحظة الأولى...لكنه كفيل بإفراغ الثورات من جوهرها...
فعلوا هذا مع الثورة الفلسطينية حتى انتهينا بمحمود عباس...
طرح جورج سوروس عبر أزلامه في لبنان من ال NGOs، وعبر عملاء الغرب؛ طرح حكومةاختصاصيين....في أول أيام الحراك...
أمس كانت المنار والكاتب غسان سعود يجادلون في وضعية وماهية حكومة الإختصاصيين ....
أساسا، تبنِّي هذا الشعار الفارغ كان اتفه من القابلين به...
لا يمكن لأي كان أن يرفض الِاختصاص...
لكن ماذا عن الِالتزام ؟
ماذا عن النهج والوطنية؟
فؤاد السنيورة كان اختصاصياً، وباع لبنان في بازار المحكمة الدولية (الأميريكية الصهيونية السعودية )...
انطوان لحد كان اختصاصياً، وحارب إلى جانب الصهاينة...
لقد قزّموا مواقفنا، حتى جعلوا مِنّا أقزاما نلعب لعبتهم...
المطلوب حكومة وطنية قبل أي شيء آخر...
والكونترول يجب أن يكون بالشفافية الكاملة....
حتى كلمة صباح الخير يجب أن نرى الحكومة
ونراقب إلى من تُقال...
لا ثقة لنا بالطرف الآخر...
المبادرة الفرنسية بدأت بالمطالبة بحكومة وحدة وطنية، فانتهينا نرجو سعد أن يسمح لنا بتسمية من يمثل المقاومة... يا للعار.. يا لسخرية الأقدار...
مقاومة تحرر الوطن، ثمّ يتحكم بها صبي السلطان..
يخرج علينا قزم من أقزام الصحافة الصفراء على شاشة الميادين، ليقول لنا إنّ المشكلة هي في سلاح الحزب...
الذنب ليس ذنب محمد نمر أو أشباهه... الذنب هو ذنب من يستضيف هذه القُمامة ويعمل لها حساب.
ربما نسي نمر أحد أهم الشعارات التي كانت ترفعها طريق الجديدة، أيام العزّة والكرامة الناصرية..
المقاومة وُجدت لتبقى، ولسوف تبقى على قلوب كل كلاب المال ولاحسيه.