كتب الأستاذ حليم خاتون:
عندما يتهم بعض الثوريين حزب الله بتغطية النظام الفاسد في لبنان، يكتفي جمهور المقاومة بالِاستهزاء وترداد، ثاو ثاو...
هل هكذا إجابة تكفي لتوضيح الأمور، أم هو هروب إلى الأمام... إلى الهاوية؟
رفض الوقوع في فخ الحرب شيء، وتقديم تحليل واضح وشفّاف عن بنية هذا النظام ومدى إمكانيات الإصلاح من عدمها... شيء آخر..
ينطلق اليساريون في تحليلهم لبنية هذا النظام من أدبياتهم، التي تعتمد بشكل أساسي على الِاقتصاد السياسي المبني بدوره على البنى الطبقية للمجتمع...
ما هي الأسس التي يعتمدها حزب الله في تناوله لبنية النظام وآفاقه؟
حزب الله له أيضاً أدبياته، ولايعيش على هامش الإقتصاد السياسي...
على الأقل، هناك بحوث السيد محمد باقر الصدر،التي حاول خلالها مجانبة الفكر الماركسي، ناهيك عن وجود الكثير من العلماء والِاقتصاديين الإسلاميين... الذين عليهم أيضاً تنويرنا لعلنا أغشى الله على قلوبنا وأبصارنا، فلم نعد نرى في النظام اللبناني غير شيطان يجب حرقه عن بكرة أبيه..
هناك على الأقل ثلاثة اتجاهات في الفكر الإسلامي تجاه تحليل المجتمعات وبُناها وكيفية إدارتها:
1- الِاتجاه الوهّابي الذي من المؤكد أنه لا يمكن لحزب الله أن يلقى فيه أي خير، إن كان لوحشيته ولا إنسانيته، أو لضحالته الفكرية التي، لازالت تعيش في جاهلية العصر الحجري...
2-الِاتجاه الإخواني بشكل عام، رغم وجود أكثر من فرع او اتجاه داخله...
هذا أيضاً، ورغم وجود نوع من العلاقات مع الفروع التي تحمل "شعارات وطنية"... إلا أن الحزب بالتأكيد، لا يمكن أن يرتبط فكرياًبها، على الأقل بعد اكتشافه مدى انتهازيتها وتبعيتها مباشرةً أو غير مباشرةإلى الدوائر الإمبريالية... المؤمن لا يمكن أن يُلدغ من نفس الجحر مرتين...
3- الِاتجاه الثوري غير التكفيري، الذي تُعتبر الثورة الإسلامية في إيران
أفضل تعبير مادي ملموس عنه... والذي أعطى عبر حزب الدعوة الكثير من قيادات حزب الله، وبالتالي يُمكن طلب إيضاحات من هذا الحزب، عن كيفية وماهية نظرة هذا الِاتجاه للنظام اللبناني...
حزب الله ينتقد الفساد، مثله مثل غيره في لبنان...
حتى وليد جنبلاط وربما فؤاد
السنيورة أيضا، ينتقدان الفساد...
هل يكفي هذا، وكفى المؤمنين شرّ القتال...
ما هو موقف الحزب من النظام اللبناني؟
كيف ينظر الحزب إلى هذا النظام وآفاقه؟
ما هو التحليل العلمي الذي يستند إليه حزب الله في النظرة إلى هذا النظام؟
يبدو واضحا أنّ الحزب اكتفى حتى الآن " بالنأي بالنفس" عن أي موقف فعلي، أو حتى نظري علمي تجاه النظام.... خوفا من "حرب أهلية" قد تكون، وقد لا تكون حتمية... هذا غير مهم...
المهم أن الفساد لم ينبت على الشجر هكذا... وبالصدفة، ولم يخرج من الأرض... هذا الفساد له أهل.. هذا الفساد له أم وأب، هذا الفساد له أسسه ومنطقه... فما هي هذه الأسس من وجهة نظر حزب الله؟
في القانون، هناك فعل الإجرام وفعل، عدم المساعدة في منع الجريمة.
إذا كان الحزب بريئا، وهو فعلا، لا شأن له بالجريمة، فإلى أي مدى هو مسؤول عن غض النظر، في أقل تقدير، عن حصول هذه الجريمة؟
حزب الله، جماهيرياً وتنظيميا، ليس فقط جزءً من المجتمع، هو أيضاً القوة الأكثرتنظيماً والأقوى في لبنان، وسواء شاء أم أبى عليه مسؤوليات تجاه ما يجري.
لا يستطيع دوماً إلقاء الحجج.
لقد ولّى زمن إلقاء الحجّة.
فقط الأعمى هو من لا يرى ماذا يحصل في البلد.
إذا كان حزب الله يعتقد فعلاً أن هذه الطبقة الحاكمة قادرة فعلاً على التوبة، فليقل هذا ويقنع الناس وليتحمل مسؤولية ما سوف يقومون به، وإلا فما المبرر لوجوده حيث يتواجد اليوم، أي المساعدة على ترقيع نظام لم يبقَ فيه مساحة غير مرقّعة...
إنّ رفض تحمّل المسؤولية في منع جريمة، يرقى إلى مستوى الجريمة المُرتكبة نفسها..
إذا كان الحزب مع النظام فليبرر هذا...
إذا كان ضد هذا النظام، فليفعل شيئاً ملموساً، غير الترقيع.
هذا أضعف الإيمان.