كتب خالد العبود:
-كانت "الاستخبارات الإسرائيليّة" تعاني كثيراً للوصول إلى شمال العراق، وما يطلق عليه اليوم: "إقليم كردستان العراق"، وتحديداً منذ منتصف ستينيات القرن الماضي تقريباً، وذلك بوجود دولة قويّة في العراق، ووجود جيشٍ فرض أولويات الدولة على كامل جغرافيا العراق العظيم..
-والحقيقة أنّ قسماً كبيراً من أبناء هذا "الإقليم"، كانوا وما زالوا، يعتقدون أنّ علاقاتهم الجيدة والقويّة، واستقواءهم، بكيان الاحتلال الصهيونيّ، سوف تشكّل كلّها لهم ضامن قيام "دولتهم"، و"كيانهم"، الذي يتطلّعون إليه!!..
-لهذا ولسواه، كانت علاقات بعض القوى السياسيّة والاجتماعيّة في هذا "الإقليم"، مستمرة مع كيان الاحتلال، سرّاً وعلانيّة، وذلك منذ مطلع مشروع قيام "الوطن القوميّ لليهود في فلسطين"!!..
-عانى العراق كثيراً نتيجة ذلك، وخاض مواجهات عنيفة مع قوى انفصاليّة مدعومة من الخارج، والحقيقة أنّ هذا الدعم كانت ركيزته الأساسيّة تتمثّل في دعمٍ "إسرائيليٍّ" كبيرٍ، أملاً بانفصال "الإقليم" عن العراق، وجعله منصّة نفوذ وتأثير وتحكّم "إسرائيليّ"، في كثير من عناوين المنطقة!!..
-الدول الرئيسيّة المعنيّة بهذه الحلقة، ونعني بها: "سوريّة، العراق، إيران، تركيا"، وخلال عشرات السنوات الماضية، لم تجد صيغة مشتركة لمواجهة الاستثمار في العنوان "الكرديّ"، واستعماله كمنصّات تدخّل في شؤونها الداخليّة، وتحديداً من قبل "الإسرائيليّ"، والذي ما انفكّ يرى فيه عنواناً مناسباً جدّاً، للوصول إلى شُرفات "الفرات"!!..
-بعد الغزو الأمريكيّ للعراق، ذهب الرئيس الأسد سريعاً باتجاه تركيّا، ولهذا الذهاب أسبابه الهامة جدّاً، ومنها التعاون السوريّ - التركيّ، منعاً من وصول "الإسرائيليّ" إلى شمال العراق، علماً أنّ إعلامنا لم يستطع محاكاة مثل هذه الأسباب، حين اعتبر الكثيرون بأنّ ذهاب الرئيس الأسد، باتجاه تركيّا كان يمثّل خطأ جسيماً!!!.
-الرئيس الأسد وزّع قواه جيّداً، فهو من جهةٍ دعم المقاومة داخل العراق في وجه الاحتلال الأمريكيّ، ومن جهةٍ أخرى عمل على تقاربٍ مع إيران وتركيا، لمنع السيطرة "الإسرائيليّة" على شمال العراق، هذا الشمال الذي منحه الاحتلال الأمريكيّ استقراراً واستقلالاً، شكّلا أرضاً خصبة جدّاً كي يتقدّم "الإسرائيليّ" للسيطرة عليه، ويمارس دوراً جديداً في النفوذ والتأثير على عناوين المنطقة!!..
-خلال العدوان على سوريّة تراجعت أولويات الرئيس الأسد، في ظلّ تآمر عليه من قبل "حليفه التركيّ"، لكنّ هذا التآمر على الرئيس الأسد من قبل "أردوغان" لم يكن فقط في سوريّة، فقد كان في شمال العراق أيضاً، عندما ضمنت "إسرائيل" بدخولها إلى هناك أكراد العراق، مقابل أن يوفّر "أردوغان" طقوساً مناسبة لاستثمار استخباراتيّ "إسرائيليّ" حقيقيّ، يمنح "إسرائيل" دوراً جديداً في التأثير على العراق وسوريّة وإيران!!..
-"الحلفُ" برأسه الإيرانيّ، لم يترك شيئاً للصدفة، فهو في الآن الذي يردّ زحف "الإسرائيليّ" في مياه الخليج، يلاقي زحفه في شمال العراق، وما لم تدركه ضِباعُ الاستخبارات "الإسرائيليّة" في شمال العراق، أنّ صيّادين كانوا بانتظارها هناك، خاصةً وأنّ الساعات القليلة الماضيّة، أكدت أنّ الصراع أكبر ممّا تخيّلت هذه الضِباع، وأنّ صيّادي ظلام ليل "أربيل"، قادرون على الصّيد الهادئ جدّاً، مهما كان طقس هذا الشّمال!!..