كتب حليم خاتون:
إنه قدر هذه الأمة....
تتلاحق الضربات في كل المناطق وفي كل الساحات:
لبنان، سوريا، العراق، اليمن...
يغزوننا في عقر دارنا...
ووالله ما غُزيَ قوم في عقر دارهم، إلا ذُلّوا
خطفوا الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، بعدما كانوا قد خطفوا مصر والأردن...
هم في الطريق لخطف بلاد أخرى، بعد ضربها وإفلاسها...
لكنّ الهدف كان دوما، وسوف يظلّ... فلسطين...
"أرض الميعاد" المزعوم..
إنها أصل أسطورة الضلال والخرافة...
خرافة مّا، عن إلٰهٍ مّا، يعطي وعداً مّا، لتجمّعِِ مّا من بشر من أصقاع الأرض الأربعة... ليعطيهم أرض شعبِِ آخر...
إلٰهٍ له أيدِِ وأرجل، وعينان وأذنان ولسان...إلٰهٍ يغضب لسببِِ غير مفهوم، يجلس على عرش، وكأن الله يحتاج إلى عرش وهو المطلق المطلق، ثم يرسل إلى البشر نابليون وهتلر وأبو بكر البغدادي والجولاني.... وبيغن وشامير ونتنياهو...
إلٰهٍ يحكم بتشريد شعبِِ تكوّن من تسلسل حضاريٍّ وتاريخيٍّ بدأ، كما تبدأ الحكايات في كل البلاد وفي كل الأصقاع، وكما تبدأ كل الحضارات...
ثم يخرج أحدهم مستهزئاََ من نظرية المؤامرة...!!!
يسخر من التقاليد والأديان والقومية والوطنية والتحرير والحرية والسمو الفكري ...
كل هذه المفاهيم الخشبية تنتمي إلى الماضي...!!!!
نحن اليوم، نعيش الِانفتاح، والحرية المطلقة، لكن... في الموبقات...
كان أول استغراب من صديقتي الأميركية، أيام الدراسة في أواخر السبعينيات، هو أنّ معرفتي بالأدب الإنكليزي تقتصر على شكسبير وتشارلز ديكنز، وإميلي برونتي وأمثالهم... وأنّي لا أعرف شيئاً عن الأدب المعاصر والمثلية الجنسية والحريات الجنسية وثقافة المخدرات...
أمس خرج محمود عباس مرةً أخرى وأخرى، ليعطيَ مِفتاحاً فلسطينياً آخرَ للصهاينة... وبالمجان....
باسم رفض الهيمنة على القدس،سلّم محمود عباس مفتاح حرية الِانتخاب وتقرير المصير لإسرائيل...
كلام حق، يدعم منطقاً باطلا..
لأن الصهاينة يرفضون إجراء الانتِخابات في القدس... أجّل سادات فلسطين كل الِانتخابات..
هكذا وباسم رفض إسرائيل لحق الِانتخاب الفلسطيني في القدس، أعطى محمود عباس حق كل الِانتخابات الفلسطينية لِإسرائيل،صار القرار من عدمه، في يد الصهاينة... هم من يقرِّر، وليس شعب فلسطين...
قيل لعباس إن الانتخابات في القدس، وفي غير القدس يجب أن لا تجري بإذنِِ من مغتصب الأرض...
الِانتخابات يجب أن تجري،رغماً عن أنف المحتل وليس بإذنه....
لكنْ عباس "النضال!؟؟!! السلمي" لا يعرف كيف يمكن فعل هذا!!!... ثم يتشدّق بالنضال السلمي...
كان الأمر صعباََ على عباس رؤية،
أو تصوّر الجماهير الفلسطينية تُنزل أوراق الِانتخابات في الصناديق التي يجب أن تحميها هذه الجماهير نفسهاخ...
محمود عباس يعرف أنّ الِانتخابات رغما عن أنف الصهاينة و سوف يُجذِّر الِانتفاضةَ ويعطيها أبعاداً أسمى وأرفع، وأنّ العالم كله سوف يرى على الشاشات كيف يُصوّت الفلسطينيون ويوقعون على هذا التصويت بالدم...
محمود عباس كان يرى سلفاً صُوَرَ القمع والوحشية المُفرطة وجنود الإحتلال يقتحمون الكنائس والساحات والمساجد على الأحصنة وفي سيارات الجيب والملالات...
يقتلون الفلسطينيين لمجرد منعهم من الانتخاب ...
هل اتصل نتنياهو بمحمود عباس، أم هم أعضاء الكونغرس الأمريكي...؟
لا يهم... من هو الذي اتصل و"أقنع" محمود عباس...
في النهاية محمود عباس كان سوف يعطي بالمجان حقوقاً فلسطينية...
فعلها في الماضي.. ويفعلها اليوم، وسوف يفعلها غدا...
السؤال هو إلى متى سوف يبقى القرار الفلسطيني في أيدي الذي رضي بالذلّ، والذل لم يرضَ به؟
اليوم محمود عباس...وبالأمس، في انتخابات الكنيست، كان اسم منصورعباس...
كزعيم الإخوان المسلمين في أراضي ال٤٨؛
منصور عباس الذي يفاوض نتنياهو على ترشيحه لرئاسة حكومة المزيد من القتل والمزيد من الِاستيطان ....
في التاريخ الإسلامي كان لِاسم العباس وقع الثورة والغضب والتضحية وها هو محمود عباس...
وها هو منصور عباس...
يلطِّخان معاً اسماً إسلامياً مكتوباً في السماء وعلى النجوم وينحدران به إلى العالم السفلي.
يريدان جرَّ شعب فلسطين إلى حفرة المجاريرفي الأرض
لينعما، هما
برضا المحتل حين ينبطحان تحت نعليه...
انتفاضة باب العَمود لا تزال ترفع الشعلة...
الفلسطيني ليس هو من ولد من ام وأب فلسطينية...
الفلسطيني هو ذلك الذي لا يسمح لحفنة من المستسلمين
والجبناء بإطفاء شعلة أبدية هي طريق الله على الأرض...
يخطيء محمود عباس حين يظن أنّ عداءنا لمحمد دحلان سوف يلهينا عن آلاعيبه هو...
كما يخطئ منصور عباس حين يعتقد أن عداءنا لبعض أعداء الإخوان يعمينا عن رؤية أنه،٠ وكما بعض أعداء الإخوان، ليسوا سوى وجهين لعملة واحدة، عملة الإنهزامية والِاستسلام ....