كتب حليم خاتون:
قال الأعرابي للرسول الأكرم:
لقد توكّلت على الله...
في إجابته عما إذا كان ربط ناقته...
فقال له الرسول:
اعقلها، وتوكّل.
حال الأعرابي، هي حال شعب لبنان، وقواه الحيّة..
وقعوا في واد سحيق، وكلّ ما يفعلونه هو الجلوس والدعاء لكي يقوم الربّ بإخراجهم من هذا الوادي... من هذا المُصاب العظيم...
الشاعر العراقي مظفّرالنواب عاصر القمم العربية، فلم يرَ سوى...
"معزى على غنم".
عاش زمناً في بيروت، يوم كانت بيروت عاصمة الفكر والثقافة...
أسعفه الله... فلم يرَ ما هي عليه بيروت هذه الأيام... أكيد كان اعتذر من الغنم...
في عظة اليوم، "اكتشف" المطران عودة أن أزمة لبنان وجودية، قبل أن تكون مالية أو اقتصادية...
صح النوم... وعندما يسمع بالمؤتمرالتأسيسي تترتعد فرائصه...
يقول الكاتب جوني منيّر: إن هناك في لبنان من يريد أن يأخذ الانهيار كل الوقت اللازم للوصول إلى أقصى المدى... قبل أن يفعل شيئا...
بالمناسبة، هذا ليس فقط رأي جوني...
فقد شاركه في هذا الرأي أكثر من ناشط وكاتب...
في هذا الوقت، ينضم الناشط اليساري جاد غصن إلى المطالبين بأن يأخذ حزب الله السلطة، لأنه الأكثر قوة والأكثر شعبية على الساحة اللبنانية...
يقول: إن على الحزب أن يأخذ كل الفئات، وكل الشعب تحت جناحيه...
أمس، تمخّض الجبل... فولد فأرا...وأيّ فأر!!
بعد حوالي السنتين من الأزمة الِاقتصادية، توصلت لجنة المال والموازنة إلى مشروع للكابيتال كونترول.
قانون قال أشياء، وغاب عنه كل شيء له علاقة بالكابيتال كونترول...
اللجنة التي حاربت خطة حكومة حسّان دياب للتعافي من الأزمة، خلال 3 إلى 4 سنوات، خرجت لتثبيت رؤى رياض سلامة التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من انهيار سعر صرف الليرة، ومنع صغار ومتوسطي المودعين من الوصول إلى ودائعهم...
قدمت لجنة ابراهيم كنعان قانونا، لن يزيد الأمور إلا سوءا، وسوف يغطّي كل السرقات السابقة ويشرعن الآتي منها مستقبلا...
لم يتأخر الكابيتال كونترول سنتين عن الموعد الذي كان من المفروض اتخاذه فيه فقط، بل أصرّ على ترك الِاستنسابية في يد رياض سلامة ومجموعة
المصارف...
والمضحك المبكي، أن لجنة المال هذه، هي نفسها تمنع السحوبات بالدولار الأمريكي على الحسابات العائدة إلى العام 2016 وما بعد، في نفس الوقت الذي تحاول فيه تحميل فايروس الكورونا جزءاً كبيراً من أسباب الأزمة.!!...
بمعنى آخر، هناك اعتراف ضمني بأن جذور الأزمة لم تبدأ مع حراك 17 تشرين 2019، وتضع اعتباطياً سنة 2016 كنقطة بدايةً لهذه الازمة، عبر فصل مودعي هذه السنة وما فوق، عن بقية المودعين.
يبدو أن ابراهيم كنعان نسي"الإبراء المستحيل" ونسي معه، هو وأصحابه في لجنة المال كل موبقات الحريرية السياسية....
اليوم تلقيت لوماً على انتقاد"لا مبالاة" (passiveness)
حزب الله...
قيل لي بالحرف، ماذا تريد من الحزب أن يفعل حين ترفض السلطة الِانصياع لمصالح الناس!؟!
السؤال قد يبدو فعلاً محرجا.... لأنّ الكل يعتقد أن على الحزب عدم استعمال السلاح...
فهل هذا السؤال محرج حقاََ؟
الجواب بالتأكيد ليس عند أيٍّ كان... باستثناء الحزب.
هل إنّ حزب الله فقط مقاومة ضد إسرائيل، أم هو جزء من هذا الكيان اللبناني؟
هل أعضاء حزب الله لبنانيون أم جاؤوا من الفضاء الخارجي؟
إنّ أيّة محاولة لرسم خطوط فاصلة وهمية بين المقاومة ضد إسرائيل وبين ارتباط هذا الحزب بالجماهير اللبنانية، هو أكثر وهميةََ من هذه الخطوط الوهمية نفسها.
أصلاً، مجرّد طرح الأمور من هذه الزاوية هو أكبر خدمة تُقدّم للإمبريالية والصهيونية... لذلك نجد كلّ كلام مصطفى علّوش و14 آذار يتمحور حول هذا الأمر.
المقاومة لم تأت من المريخ.... المقاومة هي جزء من هذا الشعب، تعيش كل مآسيه الخارجية... والداخلية...
ثم حتى المقاومة نفسها، تُطلق على نفسها اسم حزب الله.... والحزب، أي حزب، لا يمكن أن ينفصل أو ينأى بنفسه عن قضايا الناس...
وأيُّ حزبٍ لا يمكن أن لا يكون له برنامج سياسي ورؤية لكيفية إدارة السلطة..هذامنطق الأمور... وإن كان حزب الله يهرب في كل الِاتجاهات في محاولةٍ يائسة لعدم اتخاذ الموقف الواجب اتخاذه.... فهذه إحدى مآسيه...
موقف حزب الله يذكِّرني بالمواعظ التي كنا نسمعها على ألسنة بعض شيوخ الأزهر الشريف في الليالي الرمضانية...
كان هؤلاء عندما يتحدثون عن الإمام علي، يقولون "سيدنا، علي".
وعندما يتحدثون عن ابن هند وأبي سفيان... يقولون، "سيدنا، معاوية"، فيقعون هم في حيرة، ويوقعون المؤمنين في حيرة أكبر...إذ كيف يمكن الخلط بين ضدّين... بين نقيضين... لا يجمعهما شيء على الإطلاق، حارب أحدهما الآخر....
كان الأوّل على كلّ الحقِّ... وكان الثاني خزّاناً للباطل، ثمّ نَصِفُ كلاََ منهما ب"سيدنا"!!!!
حال الحزب هذه الأيام، هي التعبير عن هذا الخلط في المفاهيم...
لا يمكن لحزب الله الِاستمرار في الهروب من ذاته، قبل الهروب من إحقاق حقوق الناس...
على الحزب الخروج نهائياً من الصومعةالمذهبية التي سمح لنفسه بحبس نفسه فيها..
إن التاريخ قد فتح أوسع الأبواب.... وهو ينادي حزب الله للِانطلاق إلى رحاب السمو الإنساني العظيم...
في النهاية، كما في البدء...كان الله وسوف يبقى...
لا حاجة لله بنا، بل نحن من هو بحاجة إلى الله...
كانت الرسل... وكانت الأديان فقط لكي نسمو ...نحن في رحاب الله...
كلمة علي(ع) تختصر كل هذا الفكر العظيم:
"إما أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق".
حزب الله، هو حزب علي(ع)...
وهو طبعاً وابدا، حزب الإنسانية....
من هنا البداية...
ومن هنا طريق الحق الذي تطلبه الجماهير...
عندما يصبح حزب الله، حزبَ كل الأديان والطوائف والمذاهب..لايكون حزب الله سوى نفسه...
في هذا الطريق يخسر الحزب فقط الأوساخ التي تحاول التعلق براياته...
ورايات الحسين لا يمكن أن تحمل وسخا....