كتب جورج حدادين: أزمة المياه في الأردن.. أزمة نهج / جزء 3
مقالات
كتب جورج حدادين: أزمة المياه في الأردن.. أزمة نهج / جزء 3
10 أيار 2021 , 01:28 ص
  السدود أزمة في سياق أزمة المياه   استخلاصات بالمقدمة  معظم السدود في الأردن تعاني من مشاكل في التصميم أو في الوظيفة والأغراض، وخروج دورها عن وظيفة التنمية الوطنية والتنمية المحلي

 

السدود أزمة في سياق أزمة المياه

 

استخلاصات بالمقدمة

 معظم السدود في الأردن تعاني من مشاكل في التصميم أو في الوظيفة والأغراض، وخروج دورها عن وظيفة التنمية الوطنية والتنمية المحلية يطرح علامة استفهام كبرى، مما يولد الإنطباع بأن ما يجري ليس أخطاء ولا خطايا، بل يتعداه الى ما هو ممنهج، في واقع السدود القائم، كما سنرى من أمثلة، يدل على عناصر مولدة للأزمة، ولا يقع ضمن سياق الحلول.

في بلد مثل الأردن يجب أن تكون كل قطرة ماء مقدسة، كيف نفهم كل هذا الاستهتار بهذا القطاع، ومن يقف وراءه؟

بوضوح النهج هو المسؤول، وتطبيق قانون معاقبة المنتج وتحفيز المستهلك هو المسؤول، وسيادة قانون حجز التنمية الوطنية هو المسؤول، ودور قوى التبعية المحلية مسؤول، وسياسة المركز الرأسمالي المهيمن الممارسة ضد المجتمعات تشكل جريمة حقيقية، وقانون السوق الحر المضارب " يجزئ بلا حساب ويعاقب بلا رحمة" يشكل جريمة، وتحويل السوق العالمي لسوق للمضاربة والقمار والدعارة تحت شعار " أولوية ربح رأسالمال وثانوية قيمة البشر" أبشع جريمة بحق الإنسان أينما كان.

في المحصلة قانون التبعية والهيمنة هو المسؤول.

لا حاجة لمتابعة السرد  لواقع بقية السدود، ومن يريد المزيد العودة الى دراسة مقدمة من قبلي جورج حدادين تحت عنوان "السدود في جوهر منهجية السياسة المائية"، مجلة " أبعاد  المجلد الثاني 2005 العدد السادس أيلول"

معطيات الواقع المائي في الأردن:

·المعطى الأول هو أن الأردن يقع ضمن المناطق الجافة، إضافة إلى قلة المياه السطحية من بحيرات عذبة وأنهار، ونهر الأردن تم السطو على مياهه الجارية، من قبل العدو الصهيوني عام 1964، حيث كانت حصة الأردن منه تبلغ حوالي 770 مليون متر مكعب، وعلى إثر هذا السطو تم عقد أول قمة عربية، وسيل الزرقاء ملوث، وكذلك معظم الينابيع.

·المعطى الثاني اعتماد الأردن في سد احتياجاته على المياه الجوفية، التي تعاني من استنزاف جائر لحوالي ثلثي الأحواض المائية، حوالي تسعة أحواض من أصل 12 حوضاً مائياً، لم يعمل على معالجتها سوى ترديد مقولة سرقة المياه.

·المعطى الثالث، أن العجز المائي يتنامى سنة تلو الأخرى، في ظل غياب الحلول الحقيقية العلمية لهذه الأزمة، وعدم الجدية في معالجة الأزمة، نتيجة إملاءات من الخارج .

ضمن هذا الواقع يمكن تلمس مدى أهمية بناء السدود في سياق تلبية الطلب المتزايد على المياه، ومن هذا المنظور ترتفع قضية تشيد السدود الى مستوى القدسية.

الوعي بأهمية التعامل الوطني، وأهمية ممارسة أقصى درجات الحرص وأدق انواع الإشراف على مسيرة تشييد السدود، وفي كافة المراحل التي هي حلقات متتالية، تبني المرحلة اللاحقة على التي سبقتها، تشكل ضمير المجتمع ومقدسه.

مراجعة نقدية لواقع السدود القائمة

يشكل قطاع السدود أحد المصادر الرئيسية للتزويد في البلاد ويهدف إلى المساهمة في سد العجز المائي ومجابهة الأزمة المائية.

تبلغ الطاقة التخزينية الإجمالية للسدود حوالي 320 مليون متر مكعب، تتوزع بين سدود (كبيرة) الحجم سعة تخزينية اكثر من 30 مليون متر مكعب ( سد الملك طلال، سد الوحدة، سد الموجب سد الكرامة)، وسدود متوسطة الحجم ( 10 – 30م م3) ( سد الوالة سد التنور سد الكفرين سد وادي العرب وسد الرويشد الشمالي) والبقية سدود صغيرة الحجم، وسدود صحراوية.

أما عن حالة السدود الرئيسة في البلاد، فسوف يتم استعراض واقع الحال لبعض من السدود الكبرى والمتوسطة، لأهميتها من ناحية الكم والنوع، ومحاولة فتح حوار مجتمعي لأهمية المياه عنصر الحياة والنشاط البشري في الطبيعة.

1.     سد الملك طلال، بطاقة تخزينية 86 م م3 ويولّد طاقة كهربائية تقدر ب 8.5 مليون كيلواط / ساعة تتكون مياه بحيرة السد من تصريف مياه نهر الزرقاء وروافده ( الفياضانات و الجريان الدائم) إضافة الى المياه العادمة المعالجة القادمة من الخربة السمراء والبقعة وجرش.
حذر الخبراء الأردنيين منذ ثمانينات القرن الماضي من بوادر تلوث مياهه نتيجة تسييل ملوثات صناعية مما أحدث ضرراً دائماً، راح ضحيتها البروفيسور الياباني ( اكيوشي زيقيما) أثناء محاولته أخذ عينة من أجل إجراء دراسة عن التلوث الحاصل، وتسبب ولا يزال بأضرراً جمة مزارعي الأغوار الشمالية.

2.     سد الكرامة بطاقة تخزينية ( 55 م م3) بلغ كلفته حوالي 65 مليون دينار، لتخزين مياه عذبة قادمة من فيضانات قناة الملك عبداللة في فصل الشتاء، لتوفير حوالي( 32 م م3 ) ماء، لري حوالي 40 ألف دونم من مشروع ( القناة 14.5 ) وحال بدء اختيار موقع السد، كانت هناك معارضة من قبل نقابة الجيولوجيين وكثير من المختصين الأردنيين، بسبب عدم صلاحية موقع السد، منطقة ملاحات ومنطقة نشطة زلزالياً ( حفرة الأنهدام السوري الكبير) وتربة السد مالحة وتجمع لينابيع مالحة، ومن يرغب للمزيد يمكن الاطلاع على تقرير ديوان المحاسبة الموثقة لديه،  لماذا كان هذا الإصرار على تنفيذ هذا المشروع القاتل؟ من المستفيد ليس الشخص بل الجهة، حيث تدخل مياه عذبة تتملح بداخله  كما وادعوا بأن غسيل الملح سيتم عبر غسلتين متتالين، أي سنتين متتاليتين ، وذلك بدءا بعام 1997 ولحد هذا اليوم ما يحصل هو، تدخل مياه عذبة تتملح داخل السد وتملح الأراضي الواقعة أمام السد حال تسييل المياه المالحة من السد، لحد اليوم لم تستطع مقاربة الغسل من حل مشكلة الملوحة، تصورا الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الوطني نتيجة الإصرار على إنفاذه،
أولا: ضياع سنوياً 55 م م3 ماء تخزين ومثلها 55 م م3 ري،  
ثانياً: تعطيل 40 ألف دونم عن الإنتاج طيلة 24عاماً
ثالثاً: كلفة السد أي 65 مليون دينار معطلة عن الإنتاج طيلة هذه المدة.

3.     سد الموجب لتخزين ( 35 م م3) بهدف المساهمة في ري الأراضي الزراعية في الأغوار ( لماذا لم يشمل الهدف ري الأراضي الزراعية في منطقة الموجب، أين تطبيق التنمية المحلية شعار اللامركزية) والمساهمة في تأمين الاحتياجات المائية للأغراض الصناعية لشركة البوتاس العربية ومجمع البحر الميت الكيماوي، والمساهمة في تأمين مياه الشرب لعمان، بلغت القيمة التعاقدية حوالي (45 مليون دينار) الكلفة الحقيقية تجاوزت ( 55 مليون دينار) نتيجة الأخطاء التي ظهرت بعد امتلاء السد عام 2004 / 2005 حيث لوحظ تسرب غير متوقع وبكمية هائلة بلغت حوالي ( 240 لتر / الثانية ) من كتف السد ومن جسم السد،

·بعض الملاحظات العابرة:
بحسب الحوض الصباب كان من المفترض تصميم السد ليتسع لحوالي (80 م م3) فبعد  سنوات قليلة من إنشائه دار الحديث عن تعلية السد؟ ما هذا التخطيط؟
كان من المفترض أن يخدم السد توليد الكهرباء لتنمية المنطقة الفقيرة، منطقة بني حميدة، وهي منطقة تصلح مراعي لتربية الثروة الحيوانية، والتي يمكن أن تحقق الاكتفاء الذاتي للبلد، وما يفيض للتصدير، بدلاً من استيراد لحوم بنسبة تفوق 80% من الخارج.
وادي الموجب منطقة خلابة بتضاريسها وجمالها الطبيعي، يمكن أن تتحول الى منطقة سياحية جاذبة صيفاً وشتاءً، بالفعل وفي الواقع، على امتداد المساحة بين موقع السد إلى البحر الميت، ومن موقع السد إلى اللجون.  

 

4.     سد الوحدة يتسع لحوالي 120 م م3 لم يتم لحد اليوم ملئه وله قصة أخرى، مقارنة بسد المقارن الذي بدء بتنفيذه عام 1964 وقصفه طيران العدوان الصهيوني بالنابالم الحارق ودمر كافة معدات الشركة المنفذة آنذاك المقاولون العرب، وكان مخطط له أن يخزن حوالي 225 مليون متر مكعب ماء بالإضافة لإنتاج الكهرباء، الكهرباء من نصيب سوريا والمياه من نصيب الاردن.

5.     سد وادي بن حماد يتسع لحوالي 4 م م3 بكلفة تبلغ 72 مليون دينار كارثة تحت التحقيق، علماً بأن كلفة كل مليون متر مكعب ماء لا تتجاوز حوالي مليون دينار، ما هذه الجريمة ؟؟؟
 

يتبع ...

 
 
 
المصدر: مموقع إضاءات الإخباري