كتب حسن عردوم \ اليمن.
في كل عام يكون الشعب اليمني في طليعة المحتفلين بيوم القدس العالمي، رغم ما يواجهه من ويلات الحرب الشعواء التي شنتها عليه سبع عشرة دولة، على رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أنه يظهر في جميع الساحات رافعاً بندقيته في يده اليمنى، وفي الأخرى العلم الفلسطيني، مردداً شعارات التحدي والمؤازرة لفلسطين، والرافضة للاحتلال الإسرائيلي، والمنددة بكل أشكال التطبيع.
الإنسان اليمني تشرَّب حب فلسطين والمقدسات الإسلامية، وصارت بالنسبة له أهم من أي شيء آخر، بل يستطيع أن يقدم في سبيل ذلك "جمجمته" وكل ما يملك، لا لشيء مادي، وإنما لقوميته وعروبته وهويته الإيمانية، ويقينه المختلف عن باقي الشعوب تجاه قضايا أمته العربية والإسلامية.
بقدر ما يواجه الإنسان اليمني من صعوبة في المعيشة وظروف الحياة نتيجة للعدوان والحصار المفروض عليه من قبل التحالف بقيادة السعودية والإمارات، والذي تسبب بتوقف المرتبات وانعدام المشتقات النفطية ومادة الغاز المنزلي، إضافة إلى انهيار البنى التحتية نتيجة للقصف السعودي لها، والصعوبة في حصوله على قوته اليومي والضروري، إلا أنه متمسك بقضيته فلسطين والقدس، التي يعتبرها قضيته، وتحظى بكل اهتماماته، ويرى في كل من يقف مع اسرائيل أو يطبِّع معها خصمًا وعدوًا، مستنداً على النصوص القرآنية التي نهت عن موالاة اليهود والنصارى، باعتبارهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا.
قبل ست سنوات شنّت الرياض عدوانها على اليمن، مستعينة بدول كثيرة، في مقدمتها دولة الإمارات ودول أخرى كانت مشاركة بقوة في العدوان على اليمن، واستطاع اليمنيون أن يصمدوا، مراهنين على قوة صبرهم وجلدهم، وسرعان ما تفكك هذا التحالف وأصبح بعد ست سنوات يستجدي الولايات المتحدة ودولاً أخرى وضع حد لضربات اليمنيين في العمق السعودي، وصارت دول العدوان تخشى الصواريخ الباليستية اليمنية والطيران المسيَّر التي أحدثت نقلة نوعية وقلبت موازين الحرب، ورجحت كفة النصر لصالح اليمنيين. ومع هذه الإنجازات النوعية، والآلام التي تعرض لها الشعب اليمني، إلا أن قضيته الأولى "فلسطين" معه أينما يولي شطره، بل إنه يزداد بشكل يومي وهجاً وتطلعاً لتحرير الأقصى من دنس اليهود والصهاينة.
إن الشعب اليمني بمواقفه الشجاعة تجاه قضية فلسطين وشعبه "حشر" الأنظمة العربية في زاوية الإحراج، وأصبح قادة تلك الدول يتحرجون من شعوبهم نتيجة التطبيع مع تل أبيب، والذي يعد أمراً في غاية الخطورة لما يترتب عليه من تبعات تمس الثوابت والقيم العربية، الأمر الذي سيجعل الشعوب العربية ذات يوم لهبًا وبركاناً يجتث كل أولئك المطبعين، لاسيما مع تنامي محور المقاومة الذي يعمل على بناء كينونته ليصبح فاعلاً وصاحب القول الفصل في المنطقة ككل.
وفي النهاية نستطيع القول: إن "الرياح" الآن تجري بما لا تشتهي سفن الدول المهرولة نحو التطبيع مع اسرائيل، خاصة الدول التي طبعّت فعلاً، ما يشير إلى أن المنطقة مقبلة على ثورة تقتلع جذور إسرائيل وحلفاءها في المنطقة، وتعيد للأمة مجدها وتاريخها وعنفوانها، بعد أن بلغت القلوب الحناجر من سياسة الصهاينة وكل أعمالهم العدائية في المنطقة، ولا نستبعد أن يكون قادة تلك الثورة من أولئك اليمنيين.