كتب حليم خاتون:
كان حزب الله يمتلك حوالي 12000 صاروخ مع بداية حرب تموز 2006.
"رغلج" الحزب القصف الصاروخي وصمد 33 يوماً قبل أن ينتصر بفضل قلب الموازين والمعادلات على الأرض...
كالعادة، لجأ الكيان إلى ارتكاب المجازر ضد المدنيين، لفرض وقف لإطلاق النار يناسبه... وقد نجح إلى حدٍّ مّا، بفضل الموازين الدولية يومذاك، في فرض ال1701...
صحيح أن الحزب انتصر؛لا ريب في ذلك، لكن ال1701 قلّل من وهج هذا الِانتصار ....
الحزب كان ظهره السوري مؤمّن.
ورغم فؤاد السنيورة والياس المرّ، ظلّ الخط الإيراني السوري شغّالاً إلى حدِِِّ بعيد...
يدور الحديث عن امتلاك حماس حوالي 10آلاف صاروخ، والجهاد عددًا يقلّ قليلا عن حماس.
أمّا الفصائل الأخرى، فقوتها الأساسية على ما يبدو هي في قذائف الهاون، التي لاتملك مدياتٍ بعيدةً، بحكم جهة الِاستعمال الذي صُنع من أجله هذا السلاح...
بحساب بسيط يمكن القول: إن غزة تستطيع الِاستمرار في القصف الصاروخي البعيد، أكثر من شهرين على أقل تقدير، أما غلاف غزة فمن الممكن الِاستمرار أكثر بكثير...
السؤال الأول المُلحّ هو:حتى متى يمكن لغزّة الِاستمرار في الحرب، وهي محاصرة من كلّ الجهات، ولا ظهرَ أمينًا تستند إليه، لا مع مصر، وبالتأكيد ليس مع السودان الذي اخترقته إسرائيل، بقوة الضغط الأميريكي الإماراتي...
هل سوف تحتاج غزّة للدعم من محور المقاومة؟
على ما يبدو، لا غزة ولا المحور كانا يُعدّان لهذا الِانتصار الذي حصل.
لقد فاجأ الِانتصار الذي يحصل اليوم كل الأطراف، بما في ذلك غزة ومعها محور المقاومة...
طبعا، حتى في فلسطين، سوف يخرج من يقول:إن الخسائر كانت فظيعة، وأن ليس هناك من انتصار...
الآذاريون موجودون أيضا في فلسطين، وهم أيضاً في السلطة عبر محمودعباس... وفي "المعارضة" عبر الدحلانيين...
النصر الحقيقي الذي حصل لا ينحصر فقط في القصف الصاروخي العنيف،الذي مكّن المقاومة من محاصرة الكيان برّاً وجوّاً، وإلى حدٍّ مّا بحرا؛ وهو قطعاً لا ينحصر بالدمار الذي استطاعت هذه المقاومة إلحاقه بالكيان، من حدود الغلاف جنوباً وحتى شمال تل أبيب....
النصر الحقيقي جاء من نقطة البداية، من القدس، ومن فلسطين ال48...
فجأةً، عادت صورة فلسطين التاريخية من رفح جنوب غزة إلى رأس الناقورة مع لبنان، الى الظهور والطغيان على المشهد العام ...
انتفاضة المقدسيين وفلسطينيي ال48، غيّرت كلّ المعادلات...
خرجت ألوان العلم الفلسطيني الأربعة لتبتلع اللونين الأبيض والأزرق في علم الكيان.
كاد رئيس كيان العدو رؤوفين يجهش بالبكاء محذراً من حربٍ (أهليةٍ!؟) بين المستوطنين من جهة، وعرب ال48 والمقدسيين من جهةٍ أخرى...
من تابع ويتابع تعليقات مواطني الكيان، استطاع، ويستطيع أن يرى الصدمة على مواطني الكيان....
هم كانوا يعرفون أنّ الصواريخ سوف تنهال عليهم من غزة... لكن أن يتجرّأ عرب الداخل ويهاجموا قطعان المستوطنين والشرطة التي تحميهم دون خوف من رصاص أو موت...
هذا لم يكن في الحسبان...
ما حصل هو البروفة الأولى لما سوف يحصل، إذا ما استمرت غزة بالحرب...
لكن هل تستطيع غزة ذلك؟
في حسبة بسيطة، يمكن تبيُّن أنّ الذي سوف يصرخ أوّلا هم الصهاينة، ولذلك هم يوغلون بالإجرام، لِإجبار الطرف الآخر على طلب وقف النار، أو على الأقل القبول به بالشروط الأميريكية الإسرائيلية...
حتى لو لم يبقَ صاروخ واحد في غزة، سوف ينتصر الفلسطينيون لأنّ العدوّ لن يتجرّأ على اقتحام القطاع برا... وطالما هو خارج غزة، هو مهزوم حتما...
ليس هناك من مبالغة على الإطلاق...
الجيش الإسرائيلي يستطيع طبعاً تدمير كل بيت في غزة وقتل عشرات وربما مئات الآلاف من الغزاويين، والدخول وتحمّل خسارة عشرات الآلاف من جنوده واحتلال القطاع...
لكن، هل سيفعل؟
هل سوف يقدم على هذه المغامرة المحفوفة باكثر من خطر وجودي؟...
هذا الِاحتلال لغزة، وبالسعر العالي جدا، لن يكون سوى الحجر الذي سوف يفجر كل فلسطين وكل الشرق الأوسط...
كلّ هذا سوف يجري إذا استمر محور المقاومة على سياسة التقيّة...
بمعني آخر، حتى إذا لم يتدخل المحور مباشرة، خوفاً من حرب إقليمية كبرى ذات صبغة عالمية؛ حتى إذا خاف المحور وتريث... فإنّ غزة، ومعها فلسطين، سوف تنتصران...
سيكون الِانتصار أكثر كلفةً بكثير بالتأكيد، لكن سوف يخرج قائد الِانتصار الفلسطيني العظيم ليقول ما قاله الجنرال تيتو اليوغوسلافي بعد الحرب العالمية الثانية:
"صحيح أننا حصلنا على بعض المساعدة، لكن الِانتصار يعود فقط لشعب يوغوسلافيا العظيم...
لذلك لن يمنّ علينا أحد بأي شيء"...
غداً، الخيارات المطروحة والموقف المحتمل لغزة، ولمحورالمقاومة...