كتب حليم خاتون:  غزة بين المحنة والانتصار ج2
أخبار وتقارير
كتب حليم خاتون: غزة بين المحنة والانتصار ج2
حليم خاتون
20 أيار 2021 , 22:39 م
كتب حليم خاتون:   عندما سُئل السيد نصرالله ما إذا كان توقع أن تتسبب عملية الأسر عام 2006 بهذا القدر من الدمار والخسائر البشرية خاصة، لم يستطع إخفاء عمق التأثر بماحصل، من موقع القائد العظيم الذي يح

كتب حليم خاتون:
 

عندما سُئل السيد نصرالله ما إذا كان توقع أن تتسبب عملية الأسر عام 2006 بهذا القدر من الدمار والخسائر البشرية خاصة، لم يستطع إخفاء عمق التأثر بماحصل، من موقع القائد العظيم الذي يحزن لكل مقاوم أو مدني سقط أو يسقط، رغم أن الهدف كان مجرد عملية أسر وتبادل أسرى...

لكنّ الله أراد، فكانت حرب تموز المفصل بين عصر الهزائم وعصر الِانتصارات عند العرب...

لا تكرهوا أمراً عساه يكون خيراً لكم...

أمس، خرج الأمين العام للجهاد الإسلامي الأخ زياد نخالة يشرح، بكل ألم أن الخسائرالتي سقطت والتي سوف تسقط هي الثمن الغالي الذي تدفعه الشعوب الحرّة من أجل عزتها وكرامتها...

لقد تمادى الصهاينة والغرب وبعض العرب في اِمتِهان كرامة فلسطين وتهديد وجود شعبها..

ما حدث في الشيخ جرّاح كان النقطة الفاصلة التي وضعت الشعب الفلسطيني بين " السِّلّة والذِّلّة"...

أمام هكذا موقف تهون المنيّة... على الخضوع...

وكما قال أحد المناضلين الفلسطينيين،

هم أرادونا في وضع: "إمّا نحن وإماهم"فأجبناهم"لا والله، في هذا، سوف يكون الوضع: "إما نحن، وإما نحن"...

صحيح أنّ هدف حزب الله النهائي هو القضاء المبرم على هذا الكيان الشاذّ، لكن حرب تموز لم تكن سوى معركة مرحلية على هذا الطريق... ومن الممكن الوصول إلى نوع من الهدنة،أو وقف إطلاق النار... فالمعركة كانت عملية أسر ومفاوضات غير مباشرة لتبادل الأسرى...

الآن، في وضع غزة اليوم، تختلف الأمور عن حرب تموز وعن كل حروب غزة السابقة....

من المعروف أنّ الكيان الصهيوني هذا، هو ابن لحظة ضعف شعوب المنطقة، وهو بالتالي  رهن أوّل عمل بطولي يؤدي إلى هزيمة ساحقة...

الهزيمة الساحقة لهذا الكيان تعني تلقائيا هروب شذّاذ الآفاق من المستوطنين ونهاية هذه الدولة... 

كما وُجدت هذه الدولة نتيجةلحظة ضعف وهزيمة... سوف تختفي في لحظة قوةوانتصار.

حتى الصهاينةكانوا يعرفون نقطة الضعف هذه،  وعملوا كلّ ما في وُسعِهم لمنع الوصول إلى هذا...

كان الكيان في أَوْجِ قوته يفعل مايشاء مستنداً إلى دعم غير محدود من الإمبرياليات الغربية، وتواطؤٍمن الإمبرياليات الشرقية، وصمت مطبق من معظم بقية العالم،وخوف وتردد، من قبل قوى التحرير في المنطقة..

تمادى الصهاينة حتى وصلوا إلى المحظور...

نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وصفقة القرن كان الخطوة ما قبل الأخيرة في تهويد القدس، قبل تحويل الأقصى إلى هيكل مزعوم...

كانت الشيخ جرّاح هي القشّة التي قصمت ظهر البعير...

أرادا لعدو الِاستفراد مرة أخرى وأخرى بقسم من الشعب الفلسطيني...

لقد فعل سابقاً ما هو أفظع مما أراد فعله في الشيخ جرّاح... وابتلع الشعب الفلسطيني والأمة العربية كل الإهانات والأفعال الدنيئة تقريباً دون ردّ...

هذه المرة طفح الكيل على ما يبدو...

خرج أهل الشيخ جرّاح يستميتون في الدفاع عن أبسط حقوقهم الوجودية...

انفجر الوضع على نطاق ضيق في البدء قبل أن يعي المقدسيون أنّ حريق الشيخ جرّاح لن يلبث أن يجتاح كامل القدس...

انتفاضة الشيخ جرّاح تحوّلت إلى انتفاضة كامل مدينة القدس...

ما كان بالإمكان التردد أكثر...
إذا سقط الشيخ جرّاح، سوف يسقط الأقصى...

وإذا سقط الأقصى سوف تتبعه بقية المقدسات...

لتنتهي القدس... وتنتهي فلسطين...

حتى الفأر، عندما تحاصره في الزاوية سوف يعضّ...

وصل تهديد الكيانية الفلسطينية إلى آخر مرحلة... 
انتفض الشعب الفلسطيني،فتبعته الشعوب العربية المغلوب على أمرها من قبل طبقات فاسدة، خائنة، تابعة، لا شرف عندها ولا كرامة...

النتيجة كانت نصراً مبيناً غير مُتوقع...

نحن اليوم نقف على مفترق طرق.. 

عادت فلسطين التاريخية بكامل الوضوح، لتغطي بظلالها كلّ الوسخ المنتشر على الجغرافيا المغتصبة...

لم يعد بالإمكان التراجع...

المعركة التي قادتها غزة تأبى أن تعود إلى نقطة ما قبل هذه الحرب...

الصهاينة يعرفون أن هزيمتهم التي تبعد دقائق فقط عن الظهور،سوف تعني نهايتهم في هذه المنطقة إلى الأبد...

الحديث عن وقف النار قد يخلق ستاتيكو كارثي...

قبول غزة وقف النار، دون فرض شروط على الكيان سوف تعني إعادة دفن خريطة فلسطين التاريخية، بانتظار مستقبل قد يستمر قاتما  في المجهول...

عدم قبول غزة بوقف النار يحمل بذور انتصار بكل تأكيد... لكن بثمن كبير جدا ....
حتى قبل دخول أي طرف من محور المقاومة إلى جانب غزة... بدأت أمريكا الدخول في هذه الحرب عبر صفقة صواريخ "ذكية" ب750 مليون دولار، لقتل الغزيين وغيرهم من الفلسطينيين..

قبول الكيان بوقف النار، بشروط غزة سوف يعني خطوة أخرى باتجاه نهايته الحتمية...

تحتاج غزة بالتأكيد إلى دعم مباشر غيرمحدود..

هل يتدخل المحور في الحرب، كما فعل في سوريا؟...

الذهاب الى غزة لن يكون سهلاً بالتأكيد، بفضل مشاركة مصر وعرب أمريكا بالحصار...
لكنه ليس مستحيلاً أيضاً بفضل الشعوب العربية التي سوف تكون أكثر استعداداً  على الوقوف مع هذا الشعب المظلوم...

إذا نظرنا جيدا، وبسبب الحرب السورية التي لم تنتهِ بعد، الحدود الأكثر ملاءمة لدعم الفلسطينيين تقع هناك... مع ربط المسألة الفلسطينية بقضية الجولان...

أساساً لم تتوقف إسرائيل يوماً عن مهاجمة سوريا...

وها هو زمن الردّ في متناول اليد...

خاصة وأنّ معارضي محور المقاومة في لبنان يشكلون كتلة كبيرة من السُنة والمسيحيين والدروز... 

والحزب الذي يعاني من هذه الكتلة التابعة لعرب التطبيع، يحاول قدر المستطاع عدم الصدام معهم، لمنع فتنة مذهبية شيعية سنية...

هل يفتح المحور جبهة سوريا ضد الكيان؟

من المؤكد أنّ الروس لن يقبلوا... 
والرئيس الأسد يعرف أنّ تخلّي الروس عنه يعني عودة التكفيريين، من مناطق سيطرة إردوغان من جهة ومن مناطق سيطرة الِانفصاليين الأكراد والأمريكيين من جهة ثانية...

ببساطة، وبكل وضوح، إما ستاتيكو غير واضح، بانتظار تطورٍ مّا...

أو حرب إقليمية قد تدخل فيهاأمريكا...

مرات ومرات تحدّى السيد نصرالله الأميريكيين أن يأتوا، وهم أتوا فعلا... هم موجودون في لبنان وسوريا والعراق جزئياً، وفي فلسطين كاملا...

هل نحن على عتبة "ڤتنمة" الصراع؟

لن يلبث الأمريكيون أن يستبدلوا بمحمود عباس من هو أسوأ منه،ليس لوطنيته، بل لعجزه عن منافسة القوى الثورية... ومحمد دحلان موجود وجاهز في الإمارات...

هل المطلوب قرار ثوري بعدم وقف النار،والانخراط في هذه الحرب إلى جانب غزة وفلسطين...

إذا أردنا رؤية عملاء أمريكا يغادرون المنطقة على زوارق وسفن ومن فوق أسطح السفارات والقنصليات الأمريكية...

إذا أردنا رؤية نهاية الكيان وعودةالنمو والتطورإلى بلادنا..

فالقرار يجب أن يكون الِاستمرار في هذه الحرب والانخراط أكثر...

وأي خيار آخر لن يكون سوى زيادة صعوبة التحرير وتكاليفه وتأجيل غير ذي منفعة لنهاية المأساة....

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري