كتب حليم خاتون:
عندما كتب الصحفي الأميريكي جون ريد كتابه الشهير "عشرة أيام هزّت العالم"، انطلق من مسلمة أن الثورة البلشفية أوجدت فاصلا في التاريخ البشري..
ما قبل الثورة التي فتحت كوة في النظام الرأسمالي العالمي، وما بعد هذه الثورة...
هذا ما فعلته فلسطين...هذا ما فعلته غزة...
سوف يكتب التاريخ أسماء المنتفضين الفلسطينيين، وأسماء القادة، والعلماء في غزة بأحرف من ذهب...
مع هذه الأسماء، سوف يلمع اسم محمد ضيف الذي لم يتخرّج من أية أكاديمية عسكرية، مثله مثل عماد مغنية وقاسم سليماني... لكنه هزم جنرالات مدججين بآخر ما تفتقت عنه التكنولوجيا من أسلحة التدمير الإجرامي الغربي الراعي للصهيونية العنصرية
البغيضة....
إذا كان حزب الله قد حفر حفرة دفع إليها أولمرت وتسيبني ورايس في تموز 2006، فإن الفلسطينيين دفعوا إلى نفس هذه الحفرة نتنياهو وليبيد وغانتز ونفتالي بينيت مع خاصية جديدة... اضافتها فلسطين...
مراسم الدفن لا تقتصر على بضعة أشخاص من قادة الكيان...
مراسم الدفن شملت قادة من حثالة العرب ينازعون للخروج من مجارير مزابل التاريخ...
أحد عشر يوماً هزّت عالماً ظلّ طيلة 73 عاماً لا يبالي لعنصرية نظرية "شعب الله المختار" الذي أسّس كياناً من جماجم أطفال فلسطين ....
ها هي فلسطين التي اعتقد كثيرون أنها قبلت باغتصابها، وأذعنت لمغتصبيها...
ها هي تنتفض لشرفها الذي لم يقوَ إخوتها على الدفاع عنه...
ها هي فلسطين تعلن وبالفم الملآن...
"الموت ولاالمذلّة..."
عندما قال الصحفي الغربي للرئيس السوري السابق، المرحوم حافظ الاسد: إن الكيان الصهيوني ثبّت نفسه بالأرض واكتسب شرعية الوجود، بعد عشرات السنين...
كان جواب الأسد الأب:"إنّ الصليبيين بقوا في بلادنا مئات السنين، لكننا اقتلعناهم في نهاية الأمر.."
أحد عشر يوماً بعد عدة انتفاضات، كانت كافيةً لقلب كل الموازين...
كل الأقوال التي تحدثت عن وهنِ بيت العنكبوت...
كل النظريات عن إمبرياليات هي نمور من ورق...
كل الأناشيد الثورية وجدت لها صدى، بعد انتصار غزة الحاسم في 21 أيار...
إذا كان تموز هو بداية زمن الانتصارات، فإن أيار صار زمن انبعاث المارد الفلسطيني ...
الأخطبوط الصهيوني الذي تغلغلت أطرافه على كامل الكوكب تحت رعاية، ولخدمة الإمبرياليات الاستعمارية، إذ تلقى أوّل طعنة في رأسه...
في كل مرةٍ كان يُقطع له طرف، كانت تتفرّع له أطراف، حتى تحكّم ببلادٍ ومؤسساتٍ لا تخطر على بال ولا خاطر، كالنمسا وتشيكيا... بل حتى على صحفٍ وشاشاتٍ في عمق موسكو...
طفل فلسطيني شرب من ملح هذه الأرض، من جداول تصل إلى طهران ودمشق والضاحية، استلّ سيف القدس وغرزه في وسط عين التنين الأخطبوط...
اليوم، وبعد قول السيّد المباشر والواضح بأن المحور مستعد للحرب من أجل القدس... لم يعد هناك من عذر لأيٍّ كان....
لقد زادت الاعتقالات في صفوف فلسطينيي ال48 على الألف...
الأقصى عاد مُحاصرا...
المستوطنون يجوبون الشوارع مسلحين، يعتدون على كل من لا يتكلم العبرية...
أمسِ، هاجموا رجُلَيْ دين مسيحيَّيْنِ من الطائفة الأرمنية، قرب كنيسة القيامة...
غزة مدمرة رغم العزّة...
الحرّة تصرخ وا أقصاه..
الطفل يحمل بندقية أبيه الشهيد...
الطفلة الخائفة المتضرًعة تطلب العون من الله...
بالله عليكم يا عرب...
أَنَدَعُ طفلةً لم تُكمِل السنوات الثلاث مرعوبةً من إرهاب بني صهيون؟!!
إلا نستجيب لدعائها، رحمةً وقربةً إلى الله تعالى...
آسف، لقد احتفلنا بالنصر ما يكفي...
لا يكفي القول: إنّ الإصبع ما زال على الزناد...
يجب أن نترجم معادلة السيد الجديدة إلى حقيقة...
من أجل القدس والمقدسات، مستعدون لحرب إقليمية...
عندما أجاب أسامة حمدان السيدة سمر أبي خليل،بأنه من أجل القدس، مستعدون لإشعال حرب عالمية... لم يكن يهذي...
كل هذا لم يكن فقاعات صوتية...
لسنا بحاجة إلى أمثال محمود عباس...
لا تتركوا أهلنا في فلسطين لِسَبْيٍ جديد..
لن تُنكب فلسطينُ مرتين...
إلى الجحيم مع هذا العالم، من أجل أن لّا تبكي طفلةٌ فلسطينيةٌ خوفاً وهلعا...
حيّ على الصلاة
حيّ على خير العمل...