كتب الكاتب نائل نعمان: العقدة الفلسطينية اصبحت قريبة الحل
مقالات
كتب الكاتب نائل نعمان: العقدة الفلسطينية اصبحت قريبة الحل
نائل نعمان
5 حزيران 2021 , 12:11 م
أتذكر حين وقفت أشاهد التلفاز لحظة توقيع ما يسمى بالسلام الابراهيمي أني رددت في نفسي وبعتصرني الألم اذا كانت اتفاقية سايكس – بيكو قد نجحت في تقسيم العرب جغرافيا الى دول متفرقة ووضعت حدودا وحواجز فإن ال

أتذكر حين وقفت أشاهد التلفاز لحظة توقيع ما يسمى بالسلام الابراهيمي أني رددت في نفسي وبعتصرني الألم اذا كانت اتفاقية سايكس – بيكو قد نجحت في تقسيم العرب جغرافيا الى دول متفرقة ووضعت حدودا وحواجز فإن التطبيع سيقسم العرب أيدولوجيا ومبدأيا ما عدا الفارق ان الاتفاق الأول في عام 1916 لم نكن حتى حاضرين اما الثاني فكان بملء إرادة بعض العرب ولكن في الحالتين ما يجمعهما هو مصلحة المستعمر ومشروعه الطويل الأمد على أرض العرب. ولب هذا المشروع فلسطين لانها تاريخيا كما يصفها المفكر الاستراتيجي ناصر قنديل من يستحوذ عليها يستحوذ على المنطقة ككل حكما والتاريخ يذكرنا بدأ من بابل وآشور وانتهاء بالفرس والاغريق والرومان في العهود القديمة وأخيرا العثمانيون والانجليز ، فهي التاريخ والجغرافيا وهي الحضارة ومهد الرسالات. ولمن يعتقد أني قد بالغت قليلا فاليكم هذا السرد التاريخي المختصر للعصر الحديث. 

أبدأ السرد التاريخي من عكا عام 1799 فبعد شهر ونصف من الحصار فشل جيش نابليون بونابرت في فتح عكا في الوقت الذي تمكن فيه البريطانيين من مد العثمانيين بالاسلحه فما كان من نابليون الا ان يعلن في 22 مايو 1799 تصريحا غريبا هذا نصه " أني أدعوا يهود اسيا وافريقيا ليتوحدوا تحت رايتي لكي نعيد بناء القدس القديمه ". لم تفلح فكرته انذاك وخسر أمن الطريق البحري ما بين مصر وسوريا لصالح البريطانيين.
والسؤال : أكان نابليون يهتم لأمر اليهود؟ الحقيقة لا ولكنه كان بحاجة الى جنود ذوي عقيده يستطيع من خلالهم الوصول الى أهدافه الاستعماريه وأن يضمن تعاطفا من العالمين اليهودي والمسيحي وخاصة البريطاني ليتوقفوا عن مد العثماني بالسلاح.

في عام 1840 سطعت فكره في عقل السلطان محمد علي العثماني وهي توحيد سوريا ومصر لتكون ادارة واحده ،هذه الفكره قوبلت برفض بريطاني شديد لانهم عرفوا ان التكامل الجغرافي سيتطلب ان تكون فلسطين معهم وان ما يلي سيكون العراق فتكون ادارة واحدة كبيرة، ولكن العثمانيين حينها حسبوا للبريطانيين حسابات ابعدتهم عن الفكره ولكنهم اي البريطانيين لم يكونوا لينسوا ذلك فكتب وزير الخارجيه الفيسكونت هنري بالميرستون للسفير البريطاني في اسطنبول قائلا" ان توجيهاتي لك بأن توصي الحكومه العثمانيه بتشجيع هجرة اليهود من اوروبا الى فلسطين" وأتبع هذه الرساله برسالة اخرى الى رئيس وزراء بريطانيا وقتها لورد جون راسل واصفا الامبراطوريه العثمانيه " بالجسم المريض الذي يحتضر" في اشارة منه لوجوب التحرك لاخذ زمام الامور منهم.

كل هذه التحضيرات البريطانيه سبقت المؤتمرالاول للصهاينه في بازل سويسرا عام 1897 بل ان بريطانيا كانت الداعم الاول والاخير ولولا بريطانيا لما استطاع الصهاينه فعل شيء.

في عام 1907 كتب رئيس وزراء بريطانيا هنري كيمبل بانرمان للجنة الخاصه باسرائيل " ان اسرائيل ضروره ، هناك العرب يسطيرون على اراض واسعه تختفي خلالها الكثير من الثروات وهم يسيطرون على أهم تقاطعات طرق التجاره ولديهم ايمان وتاريخ ولغة وآمال واحده لذا يجب ان نفكر جديا بزرع جسم غريب في قلب تلك الامه فننهكها بالحروب لكي تصبح المنطقة مكانا يستطيع الغرب من تحقيق أهدافه"

في عام 1918 ارسل الرئيس الأمريكي ويلسون البروفيسور هنري كينغ والسناتور الديمقراطي شالرز كرين للمنطقة ليكتبا التقرير الشهير كينغ- كرين عام 1919 والذي حذرا فيه الرئيس ويلسون من مغبة ما يفعله البريطانيين لمستقبل المنطقة بل طالبوه ان يرسل الجيش الأمريكي ليتموضع كما في الخريطة

 

لتشمل فلسطين كجنوب سوريا وبإمكان اليهود الطلب ليكونوا مواطنين سوريين يعيشون في فلسطين ويكون للبنان حكم ذاتي تحت الدولة السورية، ولكن بقي هذا التقرير حبيس الادراج حتى عام 1922 عندما عرضته نيويرك تايمز في صحيفتها ولكن الأمور قد استتبت لصالح بريطانيا وفرنسا حينها .

يتضح مما سبق ان أي شيء يتعلق بكيان العدو الصهيوني هو جزء من مشروع استعماري خبيث هدفه السيطرة على مقدرات المنطقة والتثبت من ضمان سيل الطاقة للغرب وعدم قطع خطوط التجارة الدولية وبقاء الأسواق الاستهلاكية مفتوحة على مصراعيها لصادراتهم مع الحرص على عدم قيام صناعة حقيقية في المنطقة. فلماذا اذن قامت هذه المجموعة من الدول العربية بالتوقيع على اتفاقية تكون بموجبها ضامنا لبقاء الكيان وديمومته بل وازدهاره وهو يمثل ما يمثل مما سبق ان ذكرنا؟؟؟؟
قد يكون الجواب السطحي هو للحفاظ على أنظمتهم ولكن الاندفاع الذي رأيناه بعد التطبيع لا يوحي ان هذا هو السبب الرئيس خاصة ان التجييش الإعلامي وعدم الاكتراث بكل المبادئ قد فاق الوصف !!! ان لم تكن كذلك فلربما صفقة القرن والغنائم التي ستنجم جراء الاستثمارات والعوائد الضخمة وفتح الأسواق للصادرات بل وحتى حركة الطيران ستعمل بكامل طاقتها لشغف الجانبين في زيارة البلد الاخر بعد هذا الكم من الاعلام والدعاية؟؟ ولكن هل يعقل لدول غنية ان تكترث لهذا الحد في مقابل المبادئ والقيم ؟؟

هذا يتركني امام خيار واقعي واحد وهو ان الكيان لم يبدوا هشا منذ نشأته كما هو الحال الان، والشواهد على هذا كثيرة أولها انه خلال سنتين اجرى الكيان 4 انتخابات وهو دليل على الانقسام الشديد داخل مجتمع الكيان، وثانيهما هوعزوف الشباب من الانخراط بالجيش مما اضطر مؤخرا الكيان باستحضار الكثير من المرتزقة من أوروبا الشرقية والولايات المتحده وأضف لذلك الظروف الاقتصادية الصعبة وغيرها من الإشكالات. كل ذلك في مقابل تطور وتشكل حلف قوي يشمل العراق وايران وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة لا يهدأ ولا يكل بالحديث عن تحرير فلسطين كل فلسطين، وقد كان للكيان مجموعة من التجارب الفاشلة مع هذا المحور. ويوما بعد يوم تتنامي قدرات هذا الحلف القوي فأصبح واضحا للعيان أنه في حال نشوب حرب شاملة فانها ستكون مختلفة كليا عما سبقها، واذا كان الكيان يحتمي بأمريكا، فأمريكا رغم دعمها للكيان فانها لن تجازف بالدخول الى مستنقع جديد بعد العراق وأفغانستان.إستعرضت وإياكم أسباب هذا التطبيع المجاني اما سبب توقيته فجاء بعد فشل كل المحاولات لتهشيم وتقسيم هذه الدول اقتصاديا وعسكريا مما أثار الذعرفي نفوس من يعادون هذا الحلف، الامر الذي جعلهم يتراكضون نحو العدو ويقدمون له كل ما يحتاج كي يعود للوقوف على قدميه ولكن هيهات فقد باتت عقدة فلسطين ان تحل قريبا.
 

المصدر: مموقع إضاءات الإخباري